توصل الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس مجلس النواب الجمهوري، كيفن مكارثي، إلى اتفاق من حيث المبدأ لرفع سقف دين الحكومة الاتحادية البالغ 31.4 تريليون دولار لينهيا بذلك أزمة استمرت شهوراً.

ومع ذلك، أعلن الاتفاق بدون أي مراسم احتفال، وبمصطلحات تعكس المضمون المرير للمفاوضات والمسار الصعب الذي سيخوضه الاتفاق في الكونغرس، قبل أن تعجز الولايات المتحدة عن سداد ديونها في مطلع يونيو.

Ad

وكتب مكارثي على تويتر «أنهيت اتصالاً هاتفياً مع الرئيس منذ قليل. بعد أن أضاع الوقت ورفض التفاوض لأشهر، توصلنا إلى اتفاق من حيث المبدأ يستحقه الشعب الأميركي».

ووصف بايدن الاتفاق في بيان بأنه «خطوة مهمة للأمام»، وقال «الاتفاق يمثل توافقاً وهو ما يعني عدم حصول الجميع على ما يريدون، هذه هي مسؤولية الحكم». وحث الرئيس جو بايدن مجلسي النواب والشيوخ على تمرير اتفاق سقف الدين الأميركي «على الفور».

وأشار إلى أن العمل جار لوضع اللمسات النهائية على النص التشريعي للاتفاق، وعرضه على مجلسي النواب والشيوخ. وأوضح أن سقف الدين سيمنع «تخلفاً كارثياً عن السداد».

يرفع الاتفاق سقف الدين لمدة عامين ويقلص الإنفاق خلال الفترة نفسها. كما يشمل استرداد الأموال التي كانت مخصصة لمكافحة جائحة كوفيد 19، ولم تستخدم وتسريع عملية منح الموافقات لبعض مشروعات الطاقة وبعض شروط العمل الإضافية لبرامج المعونة الغذائية للأميركيين الفقراء.

وأجرى بايدن ومكارثي اتصالاً هاتفياً استغرق 90 دقيقة أمس الأول لمناقشة الاتفاق.

وقال مكارثي للصحافيين في مقر الكونغرس «مازال لدينا المزيد من العمل الليلة لوضع اللمسات النهائية على نص (الاتفاق)»، مشيراً إلى أنه سيتحدث إلى بايدن بعد الانتهاء من صياغة نص مسودة الاتفاق. ومن المنتظر التصويت على الاتفاق يوم الأربعاء.

وتابع «يشمل تخفيضات تاريخية في الإنفاق، وإصلاحات لاحقة من شأنها أن تنقل الناس من الفقر إلى القوة العاملة... لا توجد أي ضرائب ولا برامج حكومية جديدة».

وقال مصدر مطلع، إن المفاوضين اتفقوا على الإبقاء على مستوى الإنفاق غير الدفاعي عند مستوى العام الحالي عاماً آخر وزيادته بنسبة 1 في المئة، في 2025.

وإذا تم تمرير الاتفاق في الكونغرس قبل أن تعجز وزارة الخزانة عن تدبير المال اللازم لتغطية جميع التزاماتها فستتجنب البلاد تخلفاً عن سداد الدين يزعزع الاستقرار الاقتصادي. وحذرت وزارة الخزانة يوم الجمعة من أن ذلك قد يحدث ما لم يتم رفع سقف الدين قبل الخامس من يونيو.

وقال مكارثي إن الكونغرس سيصوت على قانون سقف الدين الأربعاء القادم، لافتاً إلى أن الاتفاق يشمل تخفيضات تاريخية في الإنفاق.

وأضاف «من المتوقع وضع اللمسات النهائية على مشروع قانون سقف الدين الأميركي ونشره اليوم الأحد».

وكانت مصادر متعددة مطلعة على المفاوضات قد قالت، إن البيت الأبيض والجمهوريين لديهم اتفاق من حيث المبدأ على صفقة لرفع سقف الديون والحد الأقصى للإنفاق.

وذكرت شبكة «CNN» الأميركية أنه سيتم مراجعة اتفاق سداد الدين الأميركي المبدئي خلال الساعات القادمة.

وقال أحد المصادر أن الاتفاق من حيث المبدأ تم التوصل إليه من الرئيس جو بايدن ورئيس البرلمان مكارثي خلال مكالمتهما الهاتفية يوم السبت.

وكان قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب يخططون لاطلاع جميع الأعضاء على حالة المفاوضات في وقت لاحق من المساء، وفقاً لمصادر متعددة مطلعة على الوضع، وستتم مراجعة نص الصفقة قريباً من الجانبين للتأكد من أنها تتماشى مع الاتفاق المبدئي.

ويمكن أن تظهر مشكلات جديدة بسهولة في كل خطوة على طول الطريق، رغم الصفقة من حيث المبدأ، وكل خطوة من المحتمل أن تستغرق وقتًا طويلاً، قبل الموعد النهائي للتخلف عن سداد الدين في أوائل الشهر المقبل، ولن يكون إتمام الصفقة مهمة سهلة للأعضاء، مع توقع معارضة شديدة من اليسار واليمين. هذا يعني أنه سيتطلب عملية مكثفة - ودعماً من كلا جانبي الاتفاق- للحصول على الموافقة.

وصرح مصدر مطلع على المفاوضات لشبكة «CNN» في وقت سابق يوم السبت أن بنداً لفرض متطلبات عمل جديدة لبعض برامج شبكات الأمان الاجتماعي ظل نقطة الخلاف الأخيرة.

وكان الجمهوريون يضغطون بشدة، قائلين إن المستفيدين من البرامج، الذين ليس لديهم من يعولهم يجب أن يجبروا على اتباع القواعد الجديدة. غير أن الديموقراطيين صوّروا هذه الفكرة على أنها هجوم على الفقراء.

وكان مكارثي قد وصل إلى مبنى الكابيتول الأميركي صباح السبت بعد أن عمل كبير مفاوضيه الجمهوريين، النائب جاريت جريفز من لويزيانا، وباتريك ماكهنري من نورث كارولينا، في وقت متأخر من الليل في صياغة التفاصيل النهائية للصفقة.

وبينما تجري صياغة مشروع الاتفاق، كشفت مصادر من الحزبين الديموقراطي والجمهوري عن الخطوط العريضة له، وفيما يلي استعراض للمعلومات المتاحة حتى الآن:

سقف للإنفاق التقديري

سيعلق الاتفاق الالتزام بسقف الدين البالغ حالياً 31.4 تريليون دولار حتى يناير 2025، بما يتيح للحكومة الأميركية سداد التزاماتها. وفي المقابل، سيتم الإبقاء على الحد الأقصى للإنفاق التقديري غير الدفاعي عند مستويات العام الحالي في عام 2024 وزيادته بـ%1 فقط في 2025، وفق ما أوردته «رويترز».

ووفقاً لمكتب الإدارة والميزانية، سيسمح للحكومة الأميركية باعتماد 936 مليار دولار على الإنفاق التقديري غير الدفاعي في عام 2023، وهي أموال يتم توجيهها إلى الإسكان والتعليم والسلامة على الطرق وغير ذلك من البرامج الفدرالية.

كما سيستمر العمل بالتمديد لما بعد عام 2024، مما يعني أن الكونغرس لن يحتاج إلى تناول القضية الخلافية مرة أخرى حتى بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024.

ومن شأن هذا أيضاً أن يحول دون نشوب مواجهة سياسية أخرى تهز ثقة المستثمرين والأسواق العالمية حتى يتم انتخاب رئيس جمهوري أو فوز بايدن بولاية ثانية.

زيادة الإنفاق الدفاعي

ومن المتوقع أن يرفع الاتفاق الإنفاق الدفاعي إلى نحو 885 مليار دولار، بما يتماشى مع مقترح بايدن للإنفاق في موازنة 2024. ويتضمن هذا زيادة بواقع %11 عن 800 مليار دولار المخصصة في الميزانية الحالية.

وفر بايدن والديموقراطيون تمويلاً جديداً بقيمة 80 مليار دولار مدة 10 سنوات لمساعدة دائرة الإيرادات الداخلية على جني ضرائب من الأثرياء الأميركيين، وفقاً لقانون خفض التضخم الذي جرت المصادقة عليه العام الماضي، وهي خطوة قالت الإدارة إنها ستدر 200 مليار دولار من الإيرادات الإضافية على مدى السنوات العشر المقبلة.

وسبق أن خاض الجمهوريون والديموقراطيون معركة من أجل نقل هذا التمويل، الذي تم تخصيصه بموجب قانون خفض التضخم «كإنفاق إلزامي» لإبقائه بعيداً عن المشاحنات السياسية التي تشوب عملية إعداد الميزانية سنويا، إلى «الإنفاق التقديري» الذي يخصصه الكونغرس.

وتعتزم دائرة الإيرادات الداخلية استخدام التمويل للاستعانة بالآلاف من الموظفين الجدد، ومن المتوقع أن تعوض الإيرادات الضريبية الإضافية التي سيقومون بتحصيلها مجموعة كبيرة من الإعفاءات الضريبية الداعمة لمكافحة تغير المناخ.

ويعارض الجمهوريون هذا، ويرون أن الأمر سينتهي بتتبع مدققي الحسابات للأميركيين من أبناء الطبقة المتوسطة، إلا أن وزارة الخزانة وبايدن أكدا أنهم سيركزون على الأسر مرتفعة الدخل.

ومن المتوقع أن يتوافق بايدن ومكارثي على استعادة الأموال غير المستخدمة التي سبق تخصيصها للتخفيف من تداعيات جائحة كوفيد في إطار اتفاق الموازنة، بما في ذلك التمويل الذي تم تخصيصه لأبحاث اللقاحات والإغاثة في حالات الكوارث.

وتشير التقديرات إلى أن المبالغ غير المستخدمة تتراوح بين 50 و70 مليار دولار.

الأسواق قلقة من تداعيات الصفقة المؤقتة

تواجه الصفقة تحدياً لتمريرها من الكونغرس قبل نفاد أموال الحكومة لسداد ديونها في أوائل يونيو، وبالتالي الأخبار السارة بشأن التوصل إلى صفقة مؤقتة قد تتحول بسرعة إلى أخبار سيئة للأسواق المالية.

في حين أن إنهاء حالة عدم اليقين أمر مرحب به، لكن الراحة التي قد تأتي من الصفقة قد تكون قصيرة الأجل للمستثمرين،

فبمجرد التوصل إلى اتفاق، من المتوقع أن تعيد وزارة الخزانة الأميركية ضخ السيولة في خزائنها «الفارغة»، بهدف إصدار السندات، مما قد يؤدي إلى انخفاض السيولة من السوق.

ومن المتوقع أن يتبع رفع سقف الدين إصدار ما يقرب من 1.1 تريليون دولار من سندات الخزانة قصيرة الأجل خلال الأشهر السبعة المقبلة، وفقًا لتقديرات «جي بي مورغان» الأخيرة، وهو مبلغ كبير نسبيًا لتلك الفترة القصيرة.

ويقدر المحللون أن عمليات إصدار السندات بهذه الوتيرة، بأسعار الفائدة الحالية المرتفعة، قد تؤدي إلى استنزاف احتياطيات البنوك، حيث ستنتقل ودائع الشركات الخاصة وغيرها إلى السندات الحكومية الأعلى ربحا والأكثر أمانًا نسبيًا.