غداة حديث أوكراني عن نقل الحرب إلى داخل روسيا وتعرض العاصمة موسكو لهجوم واسع بالطائرات المسيّرة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن قواتها أحبطت، أمس، محاولة توغل واسعة من الأراضي الأوكرانية باتجاه مدينة شيبيكينو في بيلغورود.
وقالت الوزارة إن قصفا مكثفا لأهداف مدنية في مقاطعة بيلغورود مهد لـ «محاولة فصائل إرهابية أوكرانية، يصل عددها إلى سريتي مشاة آليتين معززة بالدبابات، التوغل في أراضي روسيا في منطقة بلدة تافولجانكا ومعبر شيبيكينو».
وذكرت أن القوات الروسية صدت 3 هجمات، ووجه طيران المنطقة العسكرية الغربية 11 ضربة للعدو، في حين نفذت القوات الصاروخية والمدفعية 77 مهمة نارية، كما نفذت قاذفات لهب ثقيلة ضربتين.
وأفادت بـ «اجبار التشكيلات الإرهابية لنظام كييف على التراجع بعد أن تكبدت خسائر كبيرة».
وأكدت «الدفاع» الروسية أنه تمت الحيلولة دون انتهاك حدود الدولة، وأنه في المنطقة الحدودية على جانب أوكرانيا لقي أكثر من 30 إرهابيا أوكرانيا مصرعهم، كما تم تدمير 4 مدرعات وراجمة صواريخ من طراز «غراد» وشاحنة «بيك آب» واحدة.
وأفاد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، بأن وزارة الدفاع وسلطات بيلغورود تقدم باستمرار تقارير إلى الرئيس فلاديمير بوتين حول الوضع في شيبيكينو والتدابير اللازمة لتقديم المساعدة اللازمة والسكن المؤقت للذين يرغبون في الإجلاء.
في موازاة ذلك، اتهم جهاز الأمن الفدرالي الروسي أوكرانيا باستخدام ممرات الحبوب لشن هجمات على الساحل الروسي.
على الجانب الآخر من الحدود، قال مسؤولون في كييف إن هجوماً روسياً بالصواريخ على المدينة أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم طفلان، وإصابة 14 شخصاً، وذلك في الهجوم الروسي الثامن عشر على العاصمة الأوكرنية خلال شهر واحد.
راحة «فاغنر»
في غضون ذلك، هاجم قائد مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، من أسماهم بـ «المهرجين» الذين يديرون الجيش الروسي، مشددا على أن عناصر قواته مستعدة للقتال في أوكرانيا إذا حصلت على جزء منفصل من الجبهة بعيدا عن الجيش، مضيفا: «إذا فشلت القيادة بأكملها بنسبة 100 في المئة، وإذا كانت ستدار من مهرجين فقط يحولون الناس إلى لحوم، فلن نشارك فيها».
وذكر أن قواته ستغادر مدينة باخموت الأوكرانية، الاثنين المقبل، بعد تسليمها للجيش الروسي، بهدف الاستراحة مدة شهر لكي تتضح الأمور «بعد سنة صعبة».
وأعلن بريغوجين مقتل مواطن عراقي كان يقاتل مع مجموعته أوائل أبريل في أول حالة مؤكدة لمقتل مواطن من الشرق الأوسط في الصراع، في حين ترددت أنباء عن تحرير أميركي كان يقاتل إلى جانب أوكرانيا من الأسر.
من جانب آخر، بحث وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان التطورات في المنطقة والأزمة في أوكرانيا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على هامش اجتماع مجموعة البريكس في جنوب إفريقيا.
سجال «الناتو»
في هذه الأثناء، ثار سجال بشأن فتح أبواب حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمام ضم أوكرانيا، إذ أكد الأمين العام للتكتل العسكري ينس ستولتنبرغ، أن جميع أعضاء الحلف يتفقون على أن كييف ستحصل على عضوية «الناتو».
وقال قبل اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف بالعاصمة النرويجية أوسلو: «جميع الحلفاء متفقون على أن موسكو ليس لديها حق في الاعتراض على توسيع التكتل» الغربي.
وفي حديث بشأن الهجمات المنسوبة لكييف على الأراضي الروسية، أكد ستولتنبرغ أن أوكرانيا تمارس حقها في الدفاع عن النفس، مشددا على أن «الناتو سيواصل دعم أوكرانيا طالما كان ذلك ضروريا ودون الانجرار للتورط المباشر بالنزاع».
في المقابل، رأت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن انضمام أعضاء جدد مثل أوكرانيا إلى «الناتو» أمر مستحيل أثناء الصراع، لكنها أكدت أن سياسة الأبواب المفتوحة ستظل قائمة، وهو ما يسمح لنا بضم فنلندا والسويد.
كما أعرب وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن عن اعتقاده بأن كييف، لا يمكن أن تكون مهتمة بالانضمام إلى «الناتو» بينما يستمر النزاع هناك حاليا.
استعداد ودعم
وبالتزامن مع مناقشة وزراء خارجية الدول الأعضاء في «الناتو» الرد على طلب كييف للانضمام إلى التحالف العسكري، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استعداد بلاده للخطوة وانتظارها لموقف التكتل الغربي، خلال حضوره قمة المجموعة السياسية الأوروبية التي يشارك فيها حوالي خمسين قائدا أوروبيا في مولدوفا، الدولة الصغيرة الواقعة على الحدود مع أوكرانيا، والتي تعيش في خوف من احتمال زعزعة روسيا استقرارها.
وردا على الرسالة الأوروبية القوية إلى موسكو بأن كيشيناو ليست وحدها، أعرب رئيس جهاز الأمن الروسي الاتحادي الكسندر بورتنيكوف عن انزعاج بلده، وقال إن «أوكرانيا أصبحت جسرا للحرب ضد روسيا، والغرب يدفع مولدوفا للمشاركة في الصراع الأوكراني».
تدريب وقلق
من جهته، كشف وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن، في ختام اجتماع أوسلو، أن واشنطن قررت تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات «F 16» المتطورة.
وأمس الأول، أعلن البيت الأبيض، عن أحدث حلقة في سلسلة من حزم المساعدات لأوكرانيا، وشملت المساعدة الجديدة أنظمة دفاع جوي وذخيرة وغيرها من العتاد الدفاعي بقيمة تصل إلى 300 مليون دولار.
من جهة ثانية، أعرب الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة البريطانية ريتشارد دانات، عن قلقه إزاء تصريح نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف بأن أي مسؤول بريطاني يساعد كييف في الحرب يمكن اعتباره هدفا مشروعا.
وبعد الإشارة إلى أن مدفيديف يعتبر بريطانيا في حالة حرب فعلية مع روسيا، شدد دانات على أنه لا يريد أن تستخدم أوكرانيا الصواريخ المجنحة البريطانية من طراز «ستورم شادو» لضرب الأراضي الروسية.
في هذه الأثناء، أغلقت بولندا حدودها الشرقية مع بيلاروسيا أمام الشاحنات القادمة من روسيا وحليفتها بيلاروسيا.