بعد حالة من الاستياء العام تجاوزت أسوار نقابة المهندسين لتصل إلى قطاع واسع من الشخصيات العامة والحزبية ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، أمر النائب العام المصري حمادة الصاوي، أمس، ببدء التحقيق في البلاغات المتعلقة باقتحام الجمعية العمومية لنقابة المهندسين الثلاثاء الماضي، بعدما ظهرت مؤشرات أولية على تجديد المهندسين الثقة بنقيبهم طارق النبراوي، بينما اتهم الأخير حزب «مستقبل وطن» الموالي للنظام، بالوقوف خلف الاعتداء على الجمعية العمومية.
واكتفى بيان النيابة العامة المصرية بالإعلان عن أن «النائب العام يأمر بالتحقيق في البلاغات المقدمة من الأطراف المتنافسة بنقابة المهندسين حول الأحداث التي شهدتها الجمعية العمومية بتاريخ 30 مايو، وقوفا على حقيقة ما حدث»، وجاء تحرّك النيابة استجابة لعدد ضخم من البلاغات تقدم بها نقيب المهندسين، كما تقدم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ببلاغ آخر للمطالبة بالتحقيق في واقعة الاعتداء على الجمعية العامة للمهندسين.
وشهدت قاعة المؤتمرات بمدينة نصر (شرق القاهرة)، الثلاثاء الماضي، عقد الجمعية العمومية غير العادية لنقابة المهندسين، بناء على طلب أعضاء مجلس الإدارة، لسحب الثقة من النقيب الحالي، لكنّ الإقبال الضخم من جموع المهندسين أفشل المحاولة، وظهرت النتائج الأولية باكتساح النقيب النتائج واتجاهه للحصول على تجديد للثقة، لكن قبل إعلان النتائج اقتحم مجهولون لجان الفرز، واعتدوا على الموجودين، وأتلفوا صناديق وأوراق الاقتراع، مما أدى إلى انسحاب اللجنة القضائية المشرفة على الاقتراع.
وتواجه نقابة المهندسين أزمة منذ فوز النبراوي بمقعد نقيب المهندسين في مارس 2022، على مرشح الحكومة وزير النقل السابق هاني ضاحي، وهو قيادي بحزب «مستقبل وطن» (حزب الأغلبية بالبرلمان)، والذي يهيمن أعضاء فيه على تشكيل مجلس نقابة المهندسين، مما قاد إلى أزمة بين النقيب وأعضاء المجلس أدت إلى دعوتهم لجمعية عمومية طارئة لسحب الثقة من النقيب، انتهت بحسب المؤشرات الأولية بتجديد المهندسين الثقة في نقيبهم، ما عُد انتصارا سياسيا كبيرا على أكبر أحزاب الموالاة للنظام المصري.
وطالبت الحركة المدنية الديموقراطية (تضم أحزابا قومية ويسارية معارضة) رئيس الجمهورية بالتدخل لحماية القانون وإرادة المهندسين وتقديم المعتدين للعدالة، ودعت الحركة، في بيان لها أمس الأول، الرئيس السيسي إلى استخدام صلاحياته الدستورية «إزاء هذا العدوان السافر على القانون وإرادة المهندسين»، بما يتسق مع الدعوة للحوار الوطني، وتأكيد رئيس الجمهورية على تقديم كل الضمانات لإنجاحه، وهو ما لا يستقيم مع هذا النوع من الممارسات المرفوضة.
وتحت عنوان «من يلقي بأصوات المصريين تحت الأقدام؟»، أصدرت أحزاب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و«الاتحاد» و«الدستور» و«العدل» بيانا مشتركا، أعلنت فيه رفضها للمشهد العبثي المتمثل في اقتحام الجمعية العمومية للمهندسين، وحذرت مما حدث «سابقة خطيرة وإشارة سلبية جدا إلى ما يمكن أن يتكرر في الاستحقاقات الانتخابية القادمة»، وأن هذه المشاهد التي كرهها الشعب المصري «تنذر بخطر كبير على المسار الديموقراطي المنشود».
في غضون ذلك، بدأت وفود فلسطينية التوافد على العاصمة المصرية أمس، في مقدمتها وفد حركة حماس، بقيادة إسماعيل هنية، ووفد حركة الجهاد الإسلامي، وقالت مصادر مصرية مطلعة، لـ «الجريدة»، إن ذلك بناء على دعوة من المخابرات المصرية لمناقشة ملفات عدة تتعلق بمستقبل الهدنة مع الجانب الإسرائيلي، في إطار الوساطة المصرية المدعومة دوليا من أجل تمديد الهدنة عبر الاستماع لمطالب الجانب الفلسطيني لمنع التصعيد في القطاع.
وعقد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في القاهرة مساء أمس الأول، حيث تم توقيع بروتوكول مشاورات سياسية بين وزارتَي خارجية البلدين لتعزيز التشاور وتبادل الرؤى حول الموضوعات ذات الأولوية للبلدين، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، كما أجرى مباحثات مع رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل.