في كل برلمان حقيقي نرى البرلمانيين يتبنون مشاريع تنموية حقيقية وفق برنامج عمل واقعي يتم تنفيذه في مدة معينة معلنة للناخبين، وسواء كانت هذه المشاريع تنموية أو بيئية أو اقتصادية يتم على أساسها تقييم أداء النائب من قبل الناخب وفقاً لما قدم ومدى انعكاس مشروعه على حياة الناخبين، لكن في الكويت التقييم مختلف تماما، وكما قال الدكتور خالد مهدي الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في لقاء تلفزيوني سابق إن حلولنا غير ولها طابع خاص، وعندما سأله المذيع كيف قال حلولنا كويتية لابسة غترة وعقال!
فإن كانت حلولنا غير فأيضا برلمانيو الكويت غير، فبسبب غياب المشروع أو عدم قدرة النائب على تقديم مشروع تنموي مستدام أو حتى شيء ملموس يلجأ النائب إلى مشاريع القص واللصق، أي يكرر القوانين والأفكار السابقة نفسها ليتم تنقيحها، فنجد أنفسنا ندور في الحلقة نفسها، ولم نستفد سوى زيادة في البيروقراطية مما يثقل كاهل المواطن، أو يلجأ النائب إلى أسلوب ردة الفعل، فهو أسهل بكثير مما سبق، ومردوده ملموس، وما عليه إلا أن يتابع حديث الساعة، فعندما يغضب الشارع على فعل معين ينطلق النائب إلى البوديوم ليتبنى هذا الموضوع ويوجه سؤالاً عنه، ويصرح كي يخطف الأضواء، وما إن تنتهي اللحظة حتى ينسى متابعة الإجابة لأن الناخبين ذاكرتهم ضعيفة، فهم يتطلعون لفشة الخلق أكثر من الحلول.
وما إن يحل البرلمان أو يبطل حتى يلجأ النائب لأسلوبه الانتخابي المعتاد (أسلوب الهوك) والهوك هو مصطلح يستخدم في كتابة المقال، ويعني اختيار عنوان جاذب للقارئ، ويستخدم النائب والمرشح هذا الأسلوب لمهاجمة الخصوم وخلق عدو وهمي يطلق عليه لقبا معينا بغرض التشويق والاصطفاف، فينعت خصومه بمرشحي الإسطبل مثلا أو مرشحي الشاليه أو حتى مرشحي الشويخ الصناعية أو مرشحي النادي، المهم أن يكون الاسم رناناً يشد الناخب فيبدأ بعدها الاصطفاف، وتبدأ الحسابات الوهمية بضرب الخصوم وجر الشارع إلى فتنة غير محمودة العواقب، وهكذا وينجح في الانتخابات وتعود حليمة لعادتها القديمة.
لماذا لا نتعظ مما مضى فلقد مرت علينا سنين عجافا تسببت في إرهاق المواطن مادياً ونفسياً، فقد تراجعنا في التعليم وانتشر الفساد في المؤسسة التعليمة، فأصبح الغش قاعدة والدراسة شواذ، وتراجعنا في الخدمات، فأصبحت الشوارع تغرق ببضع قطرات مطر والشوارع مليئة بالحفر دون محاسبة، تذكر بل أصبح هاجس الإعلام هو التطبيل لأصحاب المعالي، وأصبحت الوظائف دون عمل مجرد اكتفاء ببصمة الحضور فقط، وأصبح المتسلق مديراً والمكافح مستبعداً، وأصبح صاحب الشهادة البسيطة رئيساً ومسؤولاً عن أصحاب الشهادات العليا، كل هذا حدث خلال سنين عجاف، وما زلنا ننتظر العام الذي نغاث فيه.
عزيزي القارئ جميعنا مشتركون في الهموم، أزمة سكن، وأزمة تعليم، وأزمة وظائف، وأزمة صحة وخدمات، جميعنا ننتظر بيت العمر منذ 20 عاماً، وجميعنا نعاني سوء التعليم وأزمة مواعيد العيادات، لذا لا تصطف وراء مغرد مرتزق ولا مرشح يبحث عن نجاح بخلق قضايا وهمية، فلا راعي الخويسات بيحل مشكلتك، ولا راعي قسيمة الري بيعطيك بيت!!! اختر الأصلح.