تطورت الحياة البرلمانية في الكويت مع إقرار وثيقة 1962 وصياغة دستور ينظم شؤون الدولة والأفراد وبزوغ فجر جديد من الديموقراطية رغم تواضع الإمكانات المادية والفكرية في الدولة حينها، حيث استطاع المواطن الكويتي أن يبث روح التفاؤل والامل لبناء دولة حديثة يتمتع فيها الجميع بمساحات من الحرية والديموقراطية البناءة.
وقد مرت الكويت بمحطات تاريخية بعد الاستقلال ومضت لوضع دستور دائم للبلاد يؤسس لحياة ديموقراطية متطورة تقوم على أسس متينة يتمتع فيها المواطنون بحرية الرأي والتعبير المسؤولة.
وفي هذا الصدد، قال استاذ التاريخ بجامعة الكويت د. حمد القحطاني لـ «كونا» إن الحياة البرلمانية في الكويت خلال فترة الستينيات كانت بسيطة نظرا لمحدودية الامكانات المادية والبشرية والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حينها.
وأضاف القحطاني أن الحياة البرلمانية نضجت بصورة أكبر خلال فترة السبعينيات والثمانينيات لعدة أسباب منها زيادة الوعي والتعليم والانفتاح على العالم الخارجي وتطور الحياة الثقافية والنوادي الادبية والابتعاث الخارجي ووجود محطات تلفزيونية وإعلامية، وهو ما انعكس على الاجواء الانتخابية في تلك الفترة.
ولفت إلى أن فترة الثمانينيات كانت من أهم المراحل للحياة البرلمانية في الكويت وذلك نتيجة ازدهار الحركة الثقافية والادبية والرياضية وتطور الوعي السياسي إضافة إلى تطور الدولة من حيث البنية التحتية ومؤسساتها الخدمية وتطور وسائل النقل والمواصلات التي سهلت من المشاركة الايجابية والكثيفة في اختيار أعضاء البرلمان والمجالس البلدية والجمعيات النقابية.
من جانبه، قال أستاذ التاريخ المعاصر د. عايد الجريد إن الانتخابات في الكويت شهدت منذ استقلال البلاد تطورات في عدة مراحل، فبعد إصدار الدستور أصبح من الضروري استكمال ملامح الدولة وتحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم والفصل بين السلطات وتحديد الحقوق والواجبات.
وأشار إلى أن الممارسة الانتخابية في البلاد مرت بظروف عديدة داخلية وخارجية استطاع خلالها الشعب الكويتي المحافظة على مكتسباته الوطنية، عبر حرصه على المشاركة الايجابية وتقديم مصالح البلاد العليا على مصالح الأفراد الشخصية.
وذكر أن الحياة النيابية الكويتية لم تتغير، فقد شهدت المجالس منذ نشأتها وجود كتل نيابية يمثلها نواب يطرحون قضايا الوطن والمواطن بكل قوة في ظل وجود قيادة سياسية واعية تعمل على تحقيق تطلعات الشعب.
بدوره، قال الباحث السياسي د. محمد البغيلي إن نمو الوعي السياسي وقوة الحراك السياسي في البلاد خلال العقدين اللاحقين لإصدار الدستور يؤكدان ثراء التجربة الديموقراطية الكويتية، وتميز النخب الاجتماعية المختلفة، وتمكنها من العمل السياسي وفق الأطر القانونية والدستورية.
وبين أن الحملات الانتخابية وما يتبعها من مناقشات عامة وندوات ومؤتمرات صحافية ومقرات تطورت عن السابق وارتفعت وتيرتها مع تطور أساليبها، مشيرا إلى أن التكنولوجيا الحديثة أسهمت في تطورها بشكل ملحوظ على مدى عقود ومع هذا فقد رسخت الديموقراطية في النفوس والعقول وطورت من أداء النخب المختلفة في الحياة البرلمانية.