رياح وأوتاد: «وين» راحت المبادئ الشرعية والدستورية؟
الرغبة الجامحة والتنافس الذي يصل إلى درجة الصراع الأعمى أحياناً في الوصول إلى مقعد في مجلس الأمة يُنسي بعض الناس المبادئ الأساسية في الشريعة والنظام الدستوري والأمثلة من الواقع كثيرة للأسف، فهناك المرشح الذي يزعم أنه إسلامي لكنه يعد الناخبين بتسديد جميع فوائد قروض المدينين الربوية (معسرين وغير معسرين) من المال العام، ونسي مبدأ شرعياً معروفاً وهو أن الفوائد المحرمة لا يجوز تحميلها المال العام، ناهيك عن مبدأ العدالة في صرف المال العام.
وآخر يعدهم بتوزيع جزء من احتياطي الأجيال أو عوائدها عليهم إذا تم انتخابه، والظاهر أنه لم يفهم سورة يوسف في القرآن ولم يطلع على أسباب إنشاء هذا الاحتياطي ودوره في تحرير البلاد، ومن المؤكد أنه لا يأبه لتأمين مستقبل أبنائنا وأحفادنا، والمهم عنده أن ينجح في الانتخابات، وثالث يصور الشعب الكويتي على أنه شعب فقير، وأنه غير مستفيد من ميزانية الكويت، ولو رجع إلى صفحة واحدة من الميزانية لوجد أن 80% من مجموع المصروفات البالغة 26 مليار دينار تصرف على الرواتب وعلى الدعم المخصص للكويتيين، والباقي يصرف على التعليم والصحة والأمن والإنشاءات لهم أيضاً.
ومرشح يطالب بمزيد من الحريات ويصور أن الكويت تعاني تكميم الأفواه رغم كل الحريات العامة التي نتمتع بها، وينسى أحكام الشريعة التي تحمي النظام العام وأعراض الناس وكراماتهم من هجوم السفهاء، وما أكثرهم في هذه الأيام في وسائل التواصل.
ومرشح يطالب رئيس الوزراء بعدم القسم في المجلس بحجة أن المجلس ساقط حسب قوله، ويتجاهل أن القسم هو التزام دستوري، ولا علاقة له بتوجهات وصراعات المجلس، ولا برغبة الحكومة في حله، مع أنه قد أقسم على احترام الدستور، فهل نسي أو تناسى قسمه؟
ومرشح ملأ الساحة بادعاء حوزته على معلومات وملفات فساد وأموال منهوبة، ولكن عندما وصل إلى المجلس لم يكشف ولا قضية فساد واحدة، ولم يحول أحداً إلى النيابة، وعندما تمت مواجهته من هيئة نزاهة تبين أنه «يبلف» وليس عنده أي معلومات، وأنه يستحلّ الكذب أيام الانتخابات مع أن الكذب حرام شرعاً في الانتخابات وفي غيرها.
وآخر يستغل محاكمة قلة من القضاة فيشكك في القضاء الكويتي برمته ويطعن برجاله، ويشن حملة على المحكمة الدستورية، ويتوعد بتغيير قانونها لأن حكم الدستورية لم يعجبه، ونسي أنه لا سلطان على القاضي في قضائه حسب نص المادة (163) من الدستور.
وهناك من المرشحين والناخبين من تعصب لعائلته أو لقبيلته واستمر في ترتيب انتخابات فرعية رغم تجريمها ومخالفتها للدستور، ومنهم من يخاطب قبيلته وعائلته في الحملات الانتخابية، ويتعهد بتكريس عمله إذا نجح لخدمة مصالحها وتوظيف وترقية أبنائها، فحنث في ذلك بقسمه في أن يمثل الكويت بأسرها ويرعى مصالح كل المواطنين بسواء.
هذه أمثلة مشاهدة بوضوح في بعض الحملات الانتخابية من الجرأة على أحكام الشريعة ومخالفة الدستور، وعلى الناخب أن يتسلح بالوعي والثقافة الشرعية والدستورية والمالية كي يكتشف زيف هؤلاء وادعاءاتهم، وأنهم كما صرح أحد المرشحين يبيعون الوهم للناس.