وسط حديث عن إطلاق أوكرانيا لهجومها المضاد، وبعد تحذيرات عديدة من احتمال لجوء أحد طرفي الصراع لاستغلال خزان المياه الضخم الذي تحويه محطة «كاخوفكا الكهرومائية» كسلاح لقطع الطريق على الآخر، تبادلت كييف وموسكو الاتهامات بشأن تفجير سد نوفا كاخوفكا في إقليم خيرسون، جنوب اوكرانيا، ما تسبب بإطلاق فيضان مائي يهدد عشرات البلدات على ضفتي نهر دنيبرو الفاصل بين مناطق موالية لموسكو وأخرى موالية لكييف.
واتهم الجيش الأوكراني القوات الروسية، بتفجير السد، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، في حين رد الروس، الذين يسيطرون على المحطة وأجزاء من خيرسون، باتهام كييف بتفجيره باستخدام راجمات صواريخ من طراز «ستورم شادو» البريطانية.
تفجير وإبطاء
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن القوات الروسية «فجرت محطة كاخوفكا من داخلها» قبل أن يعقد اجتماعا طارئا لقيادة الأركان لبحث تداعيات الحادث.
ورأى زيلينسكي أن تدمير السد يؤكد للعالم أنه يجب طرد من سمّاهم «الإرهابيين الروس» من كل زاوية من الأرض الأوكرانية. وأضاف أن «الإرهابيين لن يتمكنوا من إيقاف تزويد أوكرانيا بالمياه أو بالصواريخ أو أي شيء آخر».
واعتبرت الرئاسة الأوكرانية أن تفجير «كاخوفكا» يهدف إلى إبطاء الهجوم الأوكراني المضاد الذي يعتقد انه انطلق أمس رغم التكتم الرسمي الذي تفرضه كييف. وحذرت الرئاسة الأوكرانية من أن تدمير روسيا للسد سيؤثر سلباً على الأمن الغذائي العالمي.
بدوره، قال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال إن تفجير القوات الروسية سد كاخوفكا عمل إرهابي يهدد بإغراق 80 بلدة أوكرانية يقطنها أكثر من 22 ألف نسمة، ويمكن أن تؤثر أضراره على مئات الآلاف على مدار السنوات المقبلة.
وأكد أن العمل جار لإجلاء عشرات الآلاف من السكان عبر قطارات إلى منطقة ميكولايف. أما وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، فاعتبر أن تدمير روسيا السد «جريمة حرب» قد يؤدي إلى أكبر كارثة تكنولوجية في أوروبا منذ عقود ويعرض آلاف المدنيين للخطر.
ودعت «الخارجية» الأوكرانية «لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الهجوم الإرهابي الروسي»، فيما ذكرت هيئة الطاقة الأوكرانية أن «نوفا كاخوفكا» دُمرت بالكامل، ولا يمكن إعادة بنائها أو إصلاحها، محذرة من أن منسوب المياه في خزان السد يتناقص بسرعة، مما يمثل تهديداً إضافياً لمحطة زاباروجيا النووية.
تخريب وحرمان
في المقابل، اتهم الكرملين أوكرانيا بتدمير السد بعملية تخريبية لصرف الانتباه عن هجومها المضاد المتعثر وبهدف حرمان شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014 من المياه العذبة. ورفض الكرملين اتهامات كييف لروسيا بالمسؤولية عن تدمير السد الضخم. واعتبرت سلطات خيرسون الموالية لروسيا أنّ «أوكرانيا قصفت سد كاخوفكا لصرف الانتباه عن إخفاقات الهجوم المضاد، شرقي البلاد». وأشار الجانب الروسي إلى أن الجزء العلوي من محطة الطاقة الكهرومائية في السد الذي يعود للحقبة السوفيتية تم تدميره نتيجة القصف، وأن تدفق المياه سيتواصل لمدة 72 بعد أن خرج عن السيطرة. وأكد أن الاعتداء وقع في حين لم يكن هناك أي تهديد وشيك على المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا. وأطلقت السلطات الموالية لروسيا عمليات إجلاء للسكان من مناطق عدة بعد تعرضها لفيضانات جزئية وكلية. وفي تطور لافت، حذر جهاز أمن الدولة الروسي من أن مخططا وضعته الاستخبارات العسكرية الأوكرانية لزرع «قنابل قذرة» على الأراضي الروسية دخل مرحلته النهائية، فيما أعلنت الدفاع الروسية أن المنظومات الاستراتيجية «يارس» الحاملة لصواريخ باليستية نووية عابرة للقارات، باشرت دوريات قتالية في تشكيل «بارناول» للقوات الصاروخية الاستراتيجية بإقليم الطاي.
محاسبة وتقييم
وفي أول رد فعل غربي على الحدث الذي يهدد بخروج الصراع عن الأساليب المألوفة، ندد الاتحاد الأوروبي بما وصفه بـ»جريمة حرب»، توعد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بـ «محاسبة» روسيا بعد تفجير «كاخوفكا».
بدوره، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ، إن تدمير السد عمل مشين يظهر وحشية الحرب الروسية. وكتب ستولتنبرغ: «تدمير كاخوفكا يعرّض آلاف المدنيين للخطر ويسبب أضراراً بيئية جسيمة».
من ناحيته، رأى وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أنه من السابق لأوانه تقديم تقييم مجد لتفاصيل تفجير السد لكنه أرجع السبب في الكارثة إلى «الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا». وقال كليفرلي أثناء زيارته هريبيلكي خارج العاصمة الأوكرانية كييف بعد عقد محادثات مع زيلينسكي «سنواصل تقييم تطورات الوضع، ولكن أفضل ما يمكن أن تفعله روسيا في الوقت الراهن هو أن تسحب قواتها فورا».
وفي برلين، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن ألمانيا تراقب بقلق على مدار الساعة الوضع في محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية الخاضعة لسيطرة روسيا بعد تفجير السد الذي يمد المحطة بالمياه.