أسعار الغذاء تنخفض عالمياً وترتفع محلياً!
• «الفاو» تؤكد وصول تراجعها إلى 22%... وفي الكويت زادت 17.5%
• الحرب الروسية - الأوكرانية فرضت ضغوطاً على الوضع الغذائي العالمي
ووفقاً لإحصائيات الإدارة المركزية للإحصاء، فقد سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعا بنسبة 17.5 في المئة في الفترة من أبريل 2021 الى ابريل 2023، نتيجة ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والأسماك والأطعمة البحرية والألبان والجبن والبيض وأيضا لارتفاع أسعار الزيوت والدهون والفواكه الطازجة والمجمدة والمجففة والخضراوات الطازجة والمجمدة والمجففة، وكذلك بسبب ارتفاع السكر ومنتجاته.
أما منتجات الحبوب والخبز والمشروبات وبعض المواد الغذائية الأخرى فقد شهدت انخفاضا.
وتظهر إحصائيات عام 2020 فيما يتعلق بمؤشر نقص التغذية في الدول العربية، أن الكويت حلت من بين أفضل الدول أداء، حيث بلغ النقص 2.5 في المئة، وكذلك في مؤشر توفر الغذاء، جاءت من أفضل الدول، حيث بلغ توفر الغذاء ما نسبته 68.3 في المئة، وهي نسبة جيدة إلى حد ما، لكن ماذا عن المستقبل إن لم تقم الحكومة بالعمل الجاد في ملف الأمن الغذائي، فلا يمكن لدولة أن تعتمد على استيراد الغذاء مدى الحياة، إذ لابد لها من تنويع مصادر الحصول على الغذاء عن طريق الإنتاج المحلي وتوزيع الأراضي الزراعية والصناعية.
ففي عام 2007 والنصف الأول من عام 2008، واجه العالم أزمة ارتفاع أسعار الغذاء، إذ ارتفع مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) إلى ما يقرب من 50 في المئة، وارتفعت أسعار القمح التي تعتبر من الأساسيات إلى 130 في المئة في جميع أنحاء العالم، وقد انخفضت الأسعار عام 2008 بسبب ضعف الاقتصاد العالمي وبداية الأزمة المالية.
وبعدها عادت أزمة الارتفاع مجدداً في 2010 و2011، ومن خلال ذلك، يتبين أن مشكلة التقلبات السعرية للغذاء أمر لابد منه، فهل تعلمت الكويت هذه الدروس من العالم، لتقوم بتحصين نفسها من ناحية توفر المواد الغذائية والحفاظ على الأسعار حتى تكون بمتناول الجميع؟
انخفاض الخام فقط
في هذا الصدد، قال الممثل القانوني لشركة الكويتية للأغذية «أمريكانا» محمد العازمي إن ما أعلنته منظمة الفاو من انخفاض مؤشر أسعار الغذاء لم يكن سوى انخفاض في المواد الخام الأساسية، أما فيما يخص التكلفة على المصنعين فالأسعار ارتفعت.
وأضاف العازمي أن الكويت دولة مستوردة ومستهلكة، بما فيها المواد الخام التي يتم استيرادها لتصنيع المنتج التام، وحتى اليوم لم نرَ انخفاضاً ملموساً، بل بالعكس الأسعار في ارتفاع كأسعار اللحوم والقمح والكثير من المواد الغذائية الأساسية، وفي آخر تقرير لـ«الفاو» وبعض الجهات المختصة، تبين أن هناك ارتفاعاً للمواد الغذائية بسبب عدة عوامل إقليمية اقتصادية وسياسية.
وذكر أنه «لا وجود لانخفاض ملموس بالنسبة للمستهلك، وبالنسبة للشركات المصنعة فهي التي لديها التأثر والانخفاض في المواد الأساسية الخام قبل أن يتم تحويلها»، مبيناً أن «الكويت ليست دولة منتجة واغلب مواد الخام نستوردها من الخارج فنحن نتأثر بجميع الظروف الاقليمية والسياسية والاقتصادية».
وعن الوضع الصناعي بالكويت، قال العازمي: «يجب توفير أراض صناعية للتنوع في الصناعة وتوسيع الأنشطة الحالية ذات العلامات التجارية الكبرى للحفاظ على الأمن الغذائي للدولة، حيث إن المساحات الحالية للقسائم الصناعية لا يمكن ان يتم تطوير خطوط انتاجها بسبب صغرها».
ومن ناحية التخزين، ذكر أن في الكويت عدداً قليلاً جداً ومحدوداً من المخازن لتخزين المواد الغذائية، والقيمة الايجارية لتلك المخازن مرتفعة جداً مما يتسبب في ارتفاع سعر المنتجات وتكاليف تصنيعها.
وأضاف: «طالبنا عدة مرات الجهات الرسمية بتوفير مخازن بأحجام كبيرة لتوفير مخزون استراتيجي للدولة ونتمنى من الجهات المعنية توفير مواقع استراتيجية لإقامة مخازن وتوزيعها على المصانع والشركات الكويتية بأسعار مناسبة بالسرعة الممكنة لتقديم الدعم اللوجستي للمصانع».
تضاعف الأسعار
بدوره، قال رئيس مجلس الاتحاد الكويتي للأغذية عبدالله البعيجان إن أسعار الشحن ارتفعت بشكل كبير قبل انتهاء جائحة كورونا في السنة الأخيرة، وأصبح هناك شح في الكونتينرات لدرجة أن وصل سعر تأجير الكونتينر الى 12 الف دولار بعد أن كان بألفين فقط، لافتاً إلى أن الأسعار بدأت تنخفض مع رجوع عمل الموانئ ورجوع العمالة، لكنها لن تصل إلى أسعار ما قبل كورونا، حيث مازالت تعتبر مرتفعة.
وأضاف البعيجان: «كان هناك شح في المواد بسبب توقف الكثير من مصانع الإنتاج أثناء كورونا أو عملت بطاقة إنتاجية أقل بكثير، وهذا تسبب في ارتفاع الأسعار وخاصة المواد الأساسية كالزيوت التي تدخل في إنتاج أغلب المواد الغذائية، فعلى سبيل المثال كان متوسط سعر الزيت 900 دولار للطن لكنه ارتفع ووصل بالسنة الثانية من كورونا إلى 3.2 آلاف دولار، وهي قفزات غير طبيعية وإلى اليوم لم ترجع الأسعار لما قبل الجائحة.
واعتبر أن من أسباب ارتفاع الأسعار عدم وجود بنية تحتية للمخازن، إذ يفوق سعر متر التخزين في الكويت 50 ضعف الأسعار في السعودية، وإن لم توجد سلطة تنفيذية تنتبه لهذا الموضوع فسيؤثر ذلك على الأمن الغذائي في المستقبل.
العازمي: قرار تثبيتها أضر بالشركات
أشار العازمي إلى أسعار منتجات «أمريكانا» قائلاً إن الأسعار الحالية للمواد الغذائية في الكويت هي الأرخص خليجيا، وجميع الشركات بالكويت لم تقم بزيادة الأسعار، بسبب القرار رقم 67 لعام 2020 الصادر أثناء «كورونا» بتثبيت الأسعار، لافتاً إلى أنه أضر بالشركات، «فلا نستطيع التقدم بطلب لزيادة أسعار المواد الغذائية في الجمعيات والأسواق الموازية إلا بعد إلغاء القرار، والتقديم لزيادة السعر من قبل لجنة مختصة في اتحاد الجمعيات التعاونية».وقال العازمي: الجميع تضرر من تثبيت الأسعار، و«أمريكانا» تستحوذ على أكبر حصة سوقية بالسوق الكويتي، حيث إنه تم إيقاف أكثر من صنف عن السوق، بسبب ارتفاع تكاليف تصنيعه خارج الكويت، مما يؤدي إلى خسارة المنتج بدلاً من تحقيق أرباح.العازمي: الشركات المحلية لم ترفع الأسعار بسبب القرار 67 لعام 2020 الصادر أثناء «كورونا» بتثبيتها
• «أمريكانا» تحوز أكبر حصة سوقية بالكويت... وأصناف توقفت لارتفاع التصنيع بالخارج
• الأسعار الحالية للمواد الغذائية هي الأرخص خليجياً
المانع: الشركات تحايلت على «التعاونيات»
ذكر رئيس جمعية حماية المستهلك مشعل المانع: من خلال قراءاتنا كجمعية حماية مستهلك تبين أن أسعار المواد الأساسية، التي من خلالها يتم إنتاج كل منتج كالقمح والسكر والزيت، تتفاوت بين الزيادة والنقصان، لكن المشكلة في الكويت ان السعر الذي يتم تحديده وتعميمه وإثباته، بناء على ظروف عالمية، يتم قياسه بالظروف الحالية، فالشركات تقدم ما يثبت أن المواد الأساسية مرتفعة، وبالتالي يتم تحديد القيمة الأعلى، مبيناً أن أسعار السلع الأساسية لن تنخفض في الكويت تبعاً لانخفاضها عالمياً، ويجب أن تكون الأسعار مرنة ومتوازنة مع الظروف العالمية.وأوضح: المشكلة تكمن في ضعف الرقابة بتلك العمليات، وعدم تحديد القياس الفعلي بناء على إحصائية عالمية، على سبيل المثال، القطاع التعاوني يحدد كل قيمة بناء على الأوراق التي يتم تقييمها للظروف الحالية، لكن مستقبلا لا يتم تغييرها مرة أخرى للظروف. وأكمل المانع: رأينا نقصان النسبة في أسعار المواد بالنسبة لمنظمة الفاو، وهي قياسات جيدة وسليمة، ويفترض من خلالها أن تنخفض تباعا الأسعار في الكويت، لكن ذلك لا يحصل، فبعض الجمعيات تصل مبيعاتها إلى 1.2 مليار دينار، وبعض السلع وصل الارتفاع فيها لـ 25 في المئة، وهناك شركات استطاعت أن تتحايل على الجمعيات من خلال تقليل قيمة المنتج وإدخاله كصنف جديد ورفعت السعر.المانع: بعض السلع وصل ارتفاعها إلى%25
• بعض السلع وصل ارتفاعها إلى%25
• الشركات قامت بتقليل قيمة المنتج وإدخاله كصنف جديد ثم رفع سعره
الخالد: حل ارتفاع الأسعار يبدأ بتطوير الموانئ
أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت خالد الخالد أن موانئ الكويت سيئة ولا تستقبل بواخر كبيرة الحجم وتقف بالخارج عدة أيام مما يزيد التكلفة، كما أن خروج البضاعة من الميناء يأخذ وقتا طويلا، وهناك بطء في الإنجاز، وهذا بدوره يكلف الشركات مبالغ كبيرة، لاسيما أن قيمة المخازن ارتفعت.
وأردف الخالد: 70 في المئة من البواخر تمر على موانئ الكويت المترهلة، ولا يوجد موانئ جديدة، كما لا توجد سرعة في الإنجاز، والتخليص الجمركي بطيء بسبب بيروقراطية الدولة، والبلدية تأخذ الكثير من الوقت لفحص الأغذية، ولا يوجد أي إجراء يتم بطريقة سريعة، وقياساً على ذلك ارتفعت إيجارات المخازن بنسبة أكثر من 20 في المئة.
وأشار إلى أن حل ارتفاع أسعار الغذاء يبدأ بتطوير الموانئ، بحيث تسرع من وتيرة الإجراءات من ناحية التسليم والفحص، وغرفة التجارة أجرت دراسة عن موانئ سنغافورة، وتبين منها أنه إذا عملت الكويت بمستوى هذه الموانئ وبنفس طريقتها فستوفر 40 في المئة من التكاليف.
وعن مخازن الأغذية، قال إن من حق الدولة أن تزيد رسوم القسائم، لكن يجب أن تكون الزيادة بعد دراسة، ومبنية على أساسيات واضحة، فالمتضرر الأول والأخير هو المستهلك، ويجب دراسة جميع الأمور فيما يتعلق بدخول البضائع إلى الميناء حتى وصولها للمستهلك، لاسيما أن سوء الخدمات التي تقدمها الدولة يكلف المواطن الكثير، ومن يجلس في برج عاجي لا يحس بمعاناة المواطن.الخالد: خروج البضاعة من الميناء يأخذ وقتاً وهناك بطء في الإنجاز
• من يجلس في برج عاجي لا يحس بمعاناة المواطن تجاه سوء الخدمات
• المستهلك هو المتضرر الأول والأخير من زيادة رسوم القسائم
البعيجان: الحكومة جعلت التجار يشترون غالياً
فيما يتعلق بقرار تثبيت الأسعار، قال البعيجان إنه «قرار مجحف ولا يوجد في الكرة الأرضية مثله، ومازال يعمل به، فالقرار يقول أثناء كورونا حتى لا يستغل بعض التجار الجائحة، فقامت الدولة بتثبيت أسعار المواد الغذائية بناء على أسعار ما قبلها، لكن بعد انتهائها أعلنت إلغاء الإجراءات، وألغت جميع الإجراءات باستثناء تثبيت الأسعار».
وشرح البعيجان أن تثبيت الأسعار يأتي في حالتين بالدول، الأولى أن تتحمل السلطة الفرق في الأسعار ما بين قبل «كورونا» وفي الأوضاع الحالية، والثانية أن تشتري الحكومة وتبيع للتجار، لكنها جعلتهم يشترون بأسعار أعلى ويبيعون بأسعار ما قبل «كورونا»، ومن يخالف القرار يعاقب، وهذا لم يحصل في أي دولة بالعالم.
وأشار إلى دور الحكومة، قائلاً: «الحكومة تشتري المواد الأساسية لشريحة المطاحن والتموين، أي تشتري الأرز والسكر والعدس للتموين، والمطلوب منها أن تتفضل علينا بإخراج كشف بسيط بأسعار ما قبل كورونا والأسعار الحالية، حتى يتضح فرق السعر».
البعيجان: آخر منطقة صناعية غذائية تم توزيعها في الكويت قبل 53 سنة
• عجلة التنمية الصناعية لدينا توقفت منذ السبعينيات... وصبحان آخر منطقة
• تثبيت الأسعار قرار مجحف ولا يوجد في العالم مثله ومازال معمولاً به
وفيما يتعلق بالمصانع الغذائية المحلية، أوضح أنها بسيطة جداً، والسبب أن الكويت لا تدعمها، وليست لديها استراتيجية وهدف في إنشائها، لافتا إلى أن آخر منطقة صناعية غذائية تم توزيعها في الكويت قبل 53 سنة، أي في السبعينيات، والسبب عدم استحداث مناطق صناعية، ولا توجد بنية تحتية، إذ توقفت عجلة التنمية، وتعتبر صبحان آخر منطقة.