يتفنن الكاتب البحريني أحمد المؤذن في إدخال القارئ إلى عوالم الخيال والواقع، ويفعل ذلك ببراعة وإتقان، فتحمل مجموعته القصصية الجديدة بعنوان «وترقصين» توقيعه الفني والمهني بوضوح.
وقد صدرت المجموعة عن دار بوفار للنشر والتوزيع بمصر في طبعتها الأولى أواخر العام الماضي، وتتكوّن من 16 قصة قصيرة مترابطة بشكل متقن يأسر القلوب والعقول.
وتجسِّد «وترقصين» تجربة المؤلف الغنية في القصة القصيرة، وتقدّم للقارئ نظرة ثاقبة عن الحياة وتحدياتها من خلال شخصيات متفردة ومعبّرة. وبفضل إمكانية الحصول على المجموعة بصيغة PDF على الإنترنت، من دون مقابل مادي، فقد انتشرت سريعًا وجذبت اهتمام القراء، ليس في البحرين وحدها، بل في كل الدول العربية تقريبًا، خصوصًا أن بعض قصصه القصيرة تحوَّلت إلى أفلام قصيرة ومسرحيات، نالت استحسان الجمهور.
وتأتي عناوين القصص على النحو التالي: (حلم منتهي الصلاحيـة، من أجل الأيام الخوالي، كيف يُقتنص التفاح؟، أشتت ذلك الدخــان، وتـرقصين، حُـفرة، ذات صـباح، مناوبـة ليليـة، وهي مستريحة، أحاسيس أسمنتية تتصدّع، مـعادلة بسيطة، ها أنا الآن أكوي جرحي، ورطة لـذيذة، متى يغادرني وجعي، صـيد شهي، ذاك الضباب).
والحقيقة أن بعض القصص يستحق الوقوف عندها، ومنها «أحاسيس أسمنتية تتصدع» التي تتناول رغبة الإنسان في التمرد على واقعه الاجتماعي، وتصوِّر شخصية البطل وهو يلجأ إلى فتاة رصيف أراد إقامة عـلاقة نزوة مؤقتـة معها في محاولة للهروب من واقعه المرير، ويتوالى الحدث بطريقة متينة ومقنعة، ويصل إلى نهاية صادمة، حيث كانت شرارة الباطل قد أدركت إرهاصات الحريق... فمن هو المنقـذ؟!
كما تألق المؤلف في قصة تحمل عنوان «متى يغادرني وجعي؟»، التي تصوِّر حادثة عادية قد يمرّ بها أي إنسان يعاني تسوسًا في الأسنان، ولكن المؤذن يتميز بأنه يضفي عليها طابعًا مميزًا ويعكس فيها دقة التفاصيل والتركيز على الأحداث المزدحمة بالدهشة الممزوجة بالتسلسل المقنع للأحداث.
وإجمالًا، تسير المجموعة بخطى ثابتة ومتماسكة، وتحمل في مضامينها نظرة الكاتب الناقد إلى الواقع والحياة، وتعكس قصصها التجربة الشخصية والمهنية الغنية للكاتب البحريني، الذي يتمتع بموهبة فريدة في السرد والتعبير.