في حين واصلت روسيا وأوكرانيا تبادل الاتهامات حول تفجير سد كاخوفكا في جنوب أوكرانيا، الذي تسيطر عليه القوات الروسية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
وبعد جلسة ساخنة في مجلس الأمن تبادل فيها مندوبا البلدين الاتهامات، قال الرئيس الروسي الروسي فلاديمير بوتين أمس، في اول تعليق شخصي له على الحادث، إن تفجير السد «عمل همجي ارتكبته كييف»، وقد أدى إلى كارثة بيئية واسعة النطاق. وجاء تصريح بوتين خلال اتصال مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي اجرى في وقت سابق اتصالا مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اقترح خلاله تشكيل لجنة تحقيق دولية في تدمير السد، بمشاركة خبراء من طرفي النزاع والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بما في ذلك تركيا.
ومن المتوقع أن يرتفع منسوب مياه الفيضانات في جنوب أوكرانيا إلى أعلى مستوى وفرار عشرات الآلاف من المدنيين من المناطق المتضررة جراء انهيار السد أمس الأول. وأعلنت السلطات الأوكرانية وسلطات الاحتلال الروسية أمس، أنه تم إجلاء أكثر من 2700 شخص من المناطق التي غمرتها الفيضانات، ويسيطر كل من الطرفين على أحد ضفتي نهر دنيبر في هذه المنطقة.
من ناحيته، قال زيلينسكي، إن تدمير السد حرم مئات الآلاف من وسيلة عادية للحصول على مياه الشرب.
وكتب الرئيس الأوكراني على «تيليغرام»: «لا شك أن تدمير واحد من أكبر خزانات المياه في أوكرانيا كان متعمدا... تُرك مئات الآلاف من دون وسيلة عادية للحصول على مياه الشرب».
وقال مسؤولون إن أجزاء في مناطق دنيبروبتروفسك وزابوريجيا وميكولايف وخيرسون في الجنوب والجنوب الشرقي ستعاني اضطرابات في إمدادات المياه.
وذكر نائب رئيس الوزراء أولكسندر كوبراكوف على «تويتر» أن «توفير المياه في المناطق المتضررة من الهجوم الإرهابي هو على رأس الأولويات في الوقت الراهن». وحذر خلال تفقده مناطق متضررة من خطر ألغام عائمة طفت على السطح بسبب الفيضانات، وكذلك من انتشار الأمراض والمواد الكيميائية الخطيرة.
وقالت هيئة تجديد وتطوير البنية التحتية في أوكرانيا، إن الحكومة قررت تخصيص 1.5 مليار هريفنا أوكرانية (41 مليون دولار) لإنشاء خط أنابيب سعته نحو 300 ألف متر مكعب من الماء يوميا.
واعتبر رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال أمس، غداة تدمير سد كاخوفكا، أن روسيا تسببت «في إحدى أسوأ الكوارث البيئية في العقود الأخيرة».
وأضاف أن «العشرات من البلدات والقرى ستجد نفسها تواجه مشاكل في مياه الشرب والوصول إلى إمدادات مياه الري التي ستتوقف، ما يؤدي إلى جفاف وتردّي المحاصيل».
واعتبر شميغال أن «هذا يهدد الأمن الغذائي العالمي»، واصفا الفعل الذي تنسب كييف مسؤوليته إلى روسيا بأنه «جريمة ضد الإنسانية» و«إبادة بيئية».
وأكد أن تدمير سد كاخوفكا يعني أيضا أن «ما لا يقل عن 150 طنا من الزيت الآلي قد تسربت إلى النهر، مع خطر تسرب 300 طن أخرى»، ما يمثل «تهديدا للحيوان والنبات».
أما المسؤول الذي عيّنته روسيا في المناطق التي تحتلها من اقليم خيرسون حيث يقع السد، فلادمير سالدو، فرأى أن روسيا حظيت بميزة عسكرية جراء تدمير السد، وقال للتلفزيون الروسي: «من وجهة نظر عسكرية، أصبح وضع العمل التكتيكي لمصلح القوات المسلحة للاتحاد الروسي»، مضيفا أنه بسبب الفيضانات المدمرة، التي نجمت عن تفجير السد، لن تتمكن أوكرانيا من شن الهجوم المضاد.
وأعربت الصين أمس عن «قلقها الشديد» بعد التدمير الجزئي لسد كاخوفكا في أوكرانيا، وكانت واشنطن قالت، انها تحقق في الحادث، بينما كشفت وسائل اعلام اميركية ان الاستخبارات الأميركية لديها وثائق سرية تؤكد ضلوع موكسو في التفجير.
إلى ذلك، اتهمت روسيا أوكرانيا بتفجير خط أنابيب تولياتي- أوديسا لنقل الأمونيا، وهو أطول خط أنابيب في العالم، مستنكرة «العمل الإرهابي» الذي أدى إلى إصابة العديد من المدنيين.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن «مجموعة تخريبية أوكرانية فجرت خط أنابيب تولياتي - أوديسا لنقل الأمونيا» الذي يبلغ طوله حوالي 2400 كيلومتر ويربط مدينة تولياتي الروسية على ضفاف نهر الفولغا بالمدينة الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود.
وأضافت أن هذا «العمل الارهابي» وقع مساء الاثنين قرب قرية ماسيوتوفكا الصغيرة في منطقة خاركيف (شمال شرق) التي استعاد الجيش الأوكراني السيطرة عليها كليا تقريبا من القوات الروسية في خريف عام 2022. وكان الخط ينقل أكثر من 2.5 مليون طن من الأمونيا - المكون الرئيسي للأسمدة - خصوصا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأنشئ في السبعينيات لنقل منتجات شركة «تولياتي كيميكل إنتربرايز»، أكبر منتج للأمونيا في روسيا وواحدة من أكبر الشركات في العالم.
وتم تعليق استعمال خط الأنابيب مع بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا. وتطالب روسيا بإعادة تشغيل الخط في إطار المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن اتفاقية الحبوب التي سمحت بتصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في إفادة صحافية امس، إن «خط أنابيب الأمونيا هذا كان حاسما لضمان الأمن الغذائي في العالم». واتهمت أوكرانيا بأنها «وجهت ضربة قاسية لجهود الأمم المتحدة في مكافحة الجوع». وأضافت زاخاروفا أن «الطرف الوحيد الذي لم يكن لديه مصلحة في استئناف نشاط خط أنابيب الأمونيا هو نظام كييف».
وفي حين تحيط اوكرانيا هجومها المضاد المرتقب ضد القوات الروسية التي تحتل اراضي واسعة في شرق وجنوب البلاد، بالغموض محاولة شن حرب نفسية ضد روسيا التي باتت تتعرض لهجمات داخل اراضيها، قال دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي أمس، إنه من الواضح أن أوكرانيا بدأت هجومها المضاد المتوقع منذ فترة طويلة، معتبراً إنه على موسكو أن ترد بشن هجوم جديد بعد صد قوات كييف.
وشدد ميدفيديف، الذي بات احد أداوت الدعاية الرئيسيين في موسكو، على ضرورة الإطاحة الكاملة بالنظام الموجود في كييف في الهجوم الروسي المرتقب الذي دعا اليه.