كشف مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي أن الكويت تلقت دعوة للانضمام إلى التحالف البحري الذي أعلن قائد البحرية الإيرانية شهرام إيراني الأسبوع الماضي أن إيران والسعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق والهند وباكستان تعتزم تشكيله، مضيفاً أن الكويت لم ترد على الدعوة في حين بعثت الدول الأخرى ردودها خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وأكد المصدر، لـ «الجريدة»، أن كل دول المنطقة مدعوة للمشاركة في هذا التحالف، مضيفاً أن الكويت لم تجب على الدعوة حتى الآن، لكن طهران لا تستبعد انضمامها مستقبلاً.

Ad

وأضاف أن سلطنة عُمان ابلغت طهران أنها لا تدخل في أي تحالفات عسكرية بناء على سياستها الحيادية وبالتالي هي غير معنية بالانضمام، في حين تنتظر إيران ردوداً كذلك من مصر والأردن.

وبحسب المصدر، فإن فكرة التحالف تم اقتراحها منذ أكثر من 3 سنوات ضمن مبادرة هرمز للسلام وقدمتها إيران للدول الخليجية عبر أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد خلال ولاية الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.

وذكر أن الفكرة لم تجد قبولاً وقتها بسبب الخلافات التي كانت سائدة، لكن بعد توقيع الاتفاق السعودي ـ الإيراني في مارس الماضي برعاية الصين، أعيد طرحها على أساس أن تبدأ بإنشاء آلية تعاون أمني وعسكري إقليمي بهدف ضمان أمن المنطقة وليس تحالفاً عسكرياً بالمعنى الدقيق للتحالف.

وأوضح أنه وفق هذه الآلية، ستتشارك دول المنطقة كل المعلومات الأمنية والعسكرية فيما بينها بما في ذلك التنسيق حول أي تحركات عسكرية عبر غرفة عمليات مشتركة تتولى كذلك التواصل بين الدول الأعضاء حول مواضيع مثل مكافحة التهريب والإرهاب.

وأضاف أنه بحسب الفكرة، سوف يتم تشكيل وحدة عمليات مشتركة تتولى أمن الخليج وبحر عمان، وتخول التصدي لسفن تهريب الوقود والمخدرات، وعليه لن تعود مثل هذه الأمور منوطة بالحرس الثوري الذي يتولى حالياً إيقاف السفن والناقلات المخالفة.

ولفت المصدر إلى أن آلية التعاون تسمح أيضاً للقوة المشتركة بملاحقة المطلوبين من جانب الأجهزة الأمنية للدول الأعضاء وطلب تسليمهم إليها.

وكشف أن السعودية أصرت خلال الاتصالات على ضم مصر والأردن وباكستان إلى التحالف، موضحاً أنه خلال لقاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ونظيره السعودي فيصل بن فرحان في جنوب إفريقيا على هامش الاجتماع الوزاري لأصدقاء مجموعة بريكس أبلغ الوزير السعودي موافقة الرياض على الفكرة، وأن زيارته المرتقبة إلى طهران التي يرجح أن يحمل خلالها رسالة من الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أو للمرشد الأعلى علي خامنئي، تتعلق بضمانات تطلبها المملكة قبل المضي في إنشاء آلية التعاون.

وقال إنه كان مقرراً عدم إعلان هذا الأمر، لكن قائد البحرية الإيرانية يبدو أنه تسرع بتصريحاته لربما كي يحصد الإنجاز للقوات المسلحة الإيرانية.

إلى ذلك، أكد البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الوزاري المشترك الأميركي ــ الخليجي، الذي عقد أمس الأول في الرياض، دعم واشنطن والدول الخليجية «حرية الملاحة والأمن البحري» في الخليج والمنطقة.

وشدد البيان على أهمية دعم الحقوق والجهود الجماعية للتصدي للتهديدات التي تستهدف أمن السفن عبر الممرات المائية في المنطقة.

وجدد الطرفان الأميركي والخليجي «التزامهما بحرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة، وعزمهما على مواجهة أي أعمال عدوانية أو غير قانونية في البحر أو أي مكان آخر ما من شأنه تهديد الممرات الملاحية والتجارة الدولية والمنشآت النفطية في دول المجلس».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قال قبل يومين إن «بكين ترحب بتشكيل تحالف بحري مشترك بحضور إيران والسعودية والإمارات وبعض الأطراف الأخرى»، مؤكداً أن «مثل هذا التحالف سيعزز الأمن والاستقرار في المنطقة».

وعلق الناطق باسم الأسطول الخامس في البحرية الأميركية والقوات البحرية المشتركة، تيم هوكينز، على الإعلان الإيراني معتبراً أنه «يجافي المنطق». وقال هوكينز لموقع «بريكينغ ديفنس»: «يجافي المنطق أن تدعي إيران، التي هي السبب الأول لعدم الاستقرار الإقليمي، أنها ترغب في تشكيل تحالف للأمن البحري لحماية المياه التي هي تهددها».

وفي تفاصيل الخبر:

تمخّض اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، الذي عقد في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون بالرياض، عن عدة نقاط توافقية، منها تجديد الالتزام بمجمل الترتيبات الأمنية القائمة في المنطقة، وفي مقدمتها تأمين حرية الملاحة بالممرات المائية، ودعم مهام القوات الأميركية العاملة ضد «داعش» في سورية.

وشدد الجانبان على أهمية الجهود المشتركة الرامية للعمل على خفض التصعيد وإحلال الأمن والاستقرار والازدهار والتكامل الاقتصادي في المنطقة، مؤكدين التزامهم بدعم الدبلوماسية ومشروعات البنية التحتية المشتركة لتحقيق تلك الأهداف. وأكد الوزراء أهمية استمرار مجموعات العمل الدورية لمناقشة قضايا الدفاع، كما قرروا عقد جولة أخرى لمجموعتَي العمل المشتركة في الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل والأمن البحري والأمن السيبراني.

الوضع السوري

وبعد شهر على إعادة تفعيل مقعد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في الجامعة العربية، أكد الجانبان الخليجي والأميركي، مجدداً، التزامهما بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يحفظ وحدة سورية وسيادتها، ويلبّي تطلعات شعبها، ويتوافق مع القانون الإنساني الدولي. وفي هذا الصدد رحّب الوزراء بالجهود العربية لحل الأزمة بشكل خطوة مقابل خطوة، بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254. وأكد الوزراء مجدداً دعمهم للقوات الأميركية وقوات «التحالف» الموجودة بشمال سورية، والتي تصفها دمشق بـ «المحتلة»، ودانوا جميع الأعمال التي تهدد سلامة وأمن تلك القوات.

وشدد الجانبان على ضرورة تهيئة الظروف الآمنة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين داخلياً، وأهمية تقديم الدعم اللازم للاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم. وأعربوا عن دعمهم لإدراج جميع المعابر الحدودية المفتوحة حالياً، «باب الهوى» و»باب السلام» و»الراي»، في قرار لمجلس الأمن سيصدر في يوليو المقبل بشأن إيصال المساعدات الانسانية.

علاقات إيران

من جانب آخر، رحب الوزراء بقرار السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية، لكنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى أهمية التزام دول المنطقة بالقانون الدولي. وشدد الجانبان على أهمية دعم الحقوق والحريات الملاحية والجهود الجماعية للتصدي للتهديدات التي تستهدف أمن السفن عبر الممرات المائية في المنطقة. كما أعرب الجانبان عن دعمهما لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مجددين دعوتهم طهران للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

اليمن والسودان

وعن الشأن اليمني، لفت الجانبان إلى أهمية جهود السلام المستمرة التي تقودها الأمم المتحدة بعد هدنة أبريل 2022 والهدوء الذي ترتّب عليها، وعبّرا عن تقديرهم الفائق للجهود التي تقوم بها السعودية وسلطنة عُمان ومبعوثا الأمم المتحدة والولايات المتحدة في هذا الصدد.

وعبّر الجانبان عن أملهما في رؤية عملية سياسية يمنية شاملة تفضي إلى وضع نهاية دائمة للصراع.

كما أكد الجانبان دعمهم لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه، ودعمهم لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن وحثّهم الحوثيين على اغتنام هذه الفرصة لإحلال السلام.

صورة للمشاركين في اجتماع التحالف ضد «داعش» بالرياض (أ ف ب)

وعن الصراع العسكري الدائر في السودان، أوضح الوزراء أنهم يدعمون الجهود الدبلوماسية التي تقودها الرياض وواشنطن في جدة، للتوصل إلى اتفاق بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للتنفيذ الكامل لاتفاق قصير المدى لوقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق.

كما أكد الجانبان قناعتهم بأنه لا يوجد حل عسكري لإنهاء الصراع بين الجيش و»الدعم السريع».

وتطرّق البيان المشترك إلى القضية الفلسطينية، حيث أكد الجانبان التزامهما بالتوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط، وفقاً لحل الدولتين، مع تأكيد ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة.

من جهة ثانية، أشاد الجانبان بالشراكة الإيجابية والمتنامية بين مجلس التعاون والعراق، ورحبوا بالتقدّم المستمر في مشروع الربط الكهربائي لربط العراق بشبكة الكهرباء في دول المجلس الخليجي.

ومن جهة أخرى، حث الوزراء جميع الدول والمجتمع الدولي على تكثيف جهودهم الرامية إلى التوصل لحل سلمي، وإنهاء الأزمة الإنسانية، ودعم اللاجئين والمشردين وغيرهم من المتضررين من الحرب في أوكرانيا، مع تأكيد احترام سيادة الدول.

اجتماع «داعش»

ولاحقاً، لفت وزير الخارجية الأميركي، خلال ترؤسه مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش»، اليوم، في الرياض، إلى ضرورة «إعادة الإرهابيين الأجانب وعائلاتهم إلى بلادهم، بهدف تحقيق الاستقرار، لاسيما في سورية والعراق».

وأوضح أن «تحقيق الاستقرار لمنع داعش من إقامة خلافته المزعومة، لا يقل أهمية عن العملية العسكرية التي أجريناها سابقاً للقضاء عليه».

ولفت بلينكن إلى أن «أعضاء التحالف يعملون معاً حتى لا تتحول أفغانستان مرة أخرى لملاذ آمن للإرهابيين».

وقدّم الشكر للرياض على إسهاماتها العظيمة بدحر التنظيم المتطرف.

وأشار إلى مساعٍ لجمع 601 مليون دولار كجزء من حملة تعهدات لتحقيق الاستقرار في سورية والعراق، مضيفاً أن وشانطن «ستقدم إلى هذا الصندوق 148.7 مليون دولار».

من جهته، قال بن فرحان إن المملكة ستلاحق «داعش» في كل مكان، وستعمل على تجفيف منابع تمويل الفكر المتطرف.

وأشار إلى أن ذلك يكون «أيضاً عبر تقديم نموذج عملي حي لوجود مستقبل أفضل قائم على التسامح والانفتاح والتنمية المستدامة والازدهار، وهو ما تجسده رؤية المملكة 2030».

ورحّب الوزير بالتوجه لإنشاء مجموعة مكافحة «داعش خراسان» في أفغانستان، حيث ستشكل محوراً أساسياً للحد من انتشار التنظيم الإرهابي بالمناطق.

ولفت إلى أنه من غير المقبول على الإطلاق أن عدداً كبيراً من الدول الغنية لا تريد استعادة مواطنيها من دول عانت ويلات التنظيم المتطرف.

بدوره، أكد الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، التزام التكتل الخليجي بمواجهة «داعش» على مختلف الجبهات. وأشار إلى أن أهمية اجتماع الرياض تكمن في تعميق التعاون السياسي بين أعضاء دول التحالف الدولي، وبذل كل الجهود للتنسيق مع المبادرات الإقليمية والمتعددة الأطراف لمواجهة التنظيمات الإرهابية.