الشعب قال كلمته ماذا عن رئيس الحكومة؟
إحجام نسبة غير قليلة من الناخبين عن المشاركة في انتخابات مجلس 2023 حمل رسالة امتعاض مفادها أن الأداء العام للمجلسين 2020 و2022 لم يكن بالمقنع، إلا أن الرسالة الأهم قد قام بإيصالها الناخبون المشاركون للمرشحين في الدوائر الخمس.
الأرقام التي حصل عليها الفائزون والخاسرون حملت أيضاً رسالة ممهورة بمحاسبة الناجحين قبل الخاسرين، كما أنها مكنت بعض الأسماء الشبابية من أصحاب الطرح المميز التي لم تحظ بفرصتها الكاملة في المجلس السابق وأوصلت مجموعة أخرى من المميزين.
من المفارقات التي حصلت في هذه الانتخابات أنها لم تكن بفوز بعض العناصر التي فازت بعضوية المجلس لأول مرة، ولا بمن أسقطتهم صناديق الاقتراع، لكنها توجهت إلى بعض الناجحين ممن تحصلوا على المراكز الأولى في المجلس السابق، ثم أصبحوا في ذيل القائمة، وهؤلاء بالذات عليهم مراجعة مواقفهم، فالرسالة كانت واضحة جداً.
الرسالة المنتظرة من الجانب الحكومي
لا شك أن الشعب قد قال كلمته في صناديق الاقتراع، والدور على رئيس الحكومة برد التحية بأحسن منها، من خلال اختيار وزراء على قدر كبير من الكفاءة المهنية والسياسية قادرين على الإنجاز ومواكبة تطلعات وتحديات المرحلة القادمة.
التضامن الحكومي من المفاهيم التي تحتاج إلى إعادة نظر، حيث إن الفهم السائد لدى أغلب الوزراء يقتصر على الجانب السياسي في اتخاذ المواقف الخاصة بالتصويتات داخل قبة عبدالله السالم، متجاهلين دورهم التضامني في الالتزام بتنفيذ متطلبات برنامج العمل الحكومي.
هناك أيضاً بعض الوزراء يغردون خارج إطار العمل التضامني التنفيذي الحكومي، ويعملون وفق قناعاتهم الشخصية دون اعتبار لمتطلبات الخطط والبرامج الحكومية، يتصرفون في الوزارة وكأنها ملكية خاصة، فيضعون هذا ويقيلون ذاك، وينسفون القرارات والخطط السابقة متصورين أنفسهم أينشتاين زمانهم.
معظم مشاكل الجهاز التنفيذي سببها الوزراء، فكل واحد يأتي ليس في رأسه إلا السيطرة على الوزارة، فيختلق الحجج، ويقدم الأعذار لإحالة زيد وتعيين عبيد، وكأنه يريدها ولاءات شخصية لا مؤسسية، هذه الشخصيات من الوزراء إذا ما بحثت عنها تجدها في الأساس خاوية لا تريد أن تحيط نفسها إلا بمن هم أقل كفاءة منها كي لا يكتشف ضعفها.
المشرع عندما ألزم الحكومة بضرورة وجود محلل واحد على الأقل من الأعضاء، أعطاها في المقابل سعة لا بأس بها من المساحة في اختيار أكثر من نائب، تاركاً التقدير لرئيس الحكومة ولمقتضيات الحالة السياسية، وإلى كفاءة النواب المرشحين لدخول الوزارة.
بالرغم من وجاهة فكرة التوسع في تعيين وزراء من النواب لتخدم مشروع المشاركة الشعبية، فإن معظم التجارب السابقة لم تكن بالمستوى المطلوب، لا على المستوى السياسي ولا التنفيذي، بل إن معظم من تولى الوزارة من النواب استغل منصبه لمنافع انتخابية وتعيينات لأفراد محسوبين عليه، متجاوزاً ومعتدياً على حقوق الموظفين الأكثر استحقاقاً.
الوزير النائب
من المفارقات العجيبة أن معظم النواب المشاركين في الحكومات السابقة لهم مواقف معلنة برفض المشاركة وتحت الطاولة الكلام خلاف ذلك، فالمواقف تتغير 180 درجة، كل هذا يمكن أن نتجاوزه، لكن العجب العجاب قبول بعضهم وزارة بعيدة كل البعد عن مجال تخصصه.
ودمتم سالمين.