اكتسب اسمه الشهرة كونه ابن الجنرال غلوب باشا، لكنه يختلف عن والده بنسبة مئة وستين درجة! لكن لماذا الآن فارس بن غلوب باشا، يعاد الكلام عنه وعن تاريخه؟

تلقيت اتصالات من زملاء أعرفهم من الكويت يعيشون ويعملون في الأردن، يسألون فيها عن وسيلة للاتصال مع ابنته سارة؟ واستفهمنا عن الغرض، فأجاب الزميل جهاد الرنتيسي هناك من يعمل على إعداد وإنتاج برنامج وثائقي لإحدى القنوات يتناول سيرة هذا الرجل، وفي هذا الوقت بدأ شريط الذكريات يطل علينا بين وقت وآخر، وعن الحادث الذي أودى بحياته وهو خارج من عمله في كونا، حيث كان يمارس دوره في التحرير ومراجعة الأخبار التي تبث باللغة الإنكليزية.

Ad

الزميل أسعد الفارس أنقذنا من عملية البحث نظراً للعلاقة التي كانت تربطه به ومعرفته الجيدة بتاريخه وكتاباته عنه، وزودنا مشكوراً بالعديد من المقابلات، كذلك استنفر الصديق سامي شاهين بالسؤال وتحصيل المعلومات من زوجته أم سارة وهي سيدة فلسطينية الأصل، كانت تدرس اللغة الإنكليزية في الكويت، ويسكنون في شقة متواضعة بمجمع المثنى.

عام 2004 شيع إلى مثواه الأخير، في مقبرة سحاب وكان يسبق اسمه «الحاج» فارس غلوب، وهو ما علمته من الأخ أسعد الفارس بأنهما كانا يذهبان سوية إلى المسجد يوم الجمعة لأداء الصلاة، فهو الابن الوحيد لـغلوب باشا والملقب «بأبو حنيك» مولود بمدينة القدس عام 1939، أشهر إسلامه منذ بلوغه الثامنة عشرة من عمره، واستقر في الأردن وعمل في الإذاعة مع بداية نشأتها، ثم مارس الصحافة في لبنان، 1970-1982، وجاء إلى الكويت عام 1955 ليعمل مستشاراً في وكالة الأنباء الكويتية (كونا).

تروي سارة ابنة فارس غلوب باشا في حديث لها مع الزميلة سهير جرادات، نشرته في صحيفة «عمون» عام 2020 أن والدها نقل إليها حب العروبة ووالدتها الفلسطينية ظلت تحمل معها قضية بلدها أينما حلت.

كان والدها يصر على تعليم أبنائه اللغة العربية، كما يتقنها هو، وكان له منها نصيب عندما أطلق عليه الملك عبدالله الأول اسما عربياً له علاقة بالصحراء (فارس).

فارس غلوب باشا، تلقى تعليمه في مدارس الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان، ومدرسة المطران، وانتقل بعدها إلى سويسرا وبريطانيا، ليتخرج من جامعة لندن متخصصاً في العلوم العربية والإسلامية، فارس الابن الوحيد لغلوب باشا، ولديه ابن اسمه مبارك من زواج سابق، رزق بثلاث بنات.

ما لا يعرفه الناس عن فارس بن غلوب باشا هو أنه كان منتميا إلى القضية الفلسطينية، وبرز ذلك في مؤلفاته التي عملت على إظهار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والمخاطر التي أحدثتها الصهيونية في البلاد العربية، وذلك من خلال مؤلفاته العديدة، ومنها: كتاب «القضية الفلسطينية والقانون الدولي» وكتاب «الصهيونية هل هي عنصرية؟» وآخرها كتاب «نجوم في سماء فلسطين» وجميع كتبه نشرت باللغة العربية والإنكليزية والألمانية.

قلائل جداً من يعرفون دوره، وماذا فعل أثناء حصار بيروت عام 1982 من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن موقعاً إلكترونياً تحت اسم فلسطين يورد ما يلي: «كان في حصار بيروت عام 1982 موجوداً على متاريس المقاومة في منطقة الرملة البيضاء حاملاً الرشاش وجعبة الذخيرة، وكان اسمه الحركي (المستعار) آنذاك «أبو الفداء»... وسألته إحدى الصحافيات: أنت بريطاني!! وتحمل السلاح للدفاع عن بيروت وفلسطين؟! لم يدعها فارس تكمل كلامها وقاطعها قائلاً: «أنا فلسطيني ومن القدس وجذوري من أيرلندا ولكن دمي ولحمي فلسطيني، وبعد الخروج من بيروت على السفن وإجلاء المقاتلين ذهب إلى تونس ومنها إلى قبرص، لقد عاش في قبرص سنوات عدة وألف مؤلفه (نجم داوود والصليب المعقوف)».

هناك جوانب مضيئة في حياته أوردتها الزميلة صحفية «الراي» بتحقيق عنه أشارت إلى مشاركته بالندوات والمظاهرات المؤيدة لثورة الجزائر.

واستقر في لبنان أوائل السبعينيات حيث عمل مع الصليب الأحمر الذي كان يقدم المعونات للمخيمات الفلسطينية عن لبنان، وقد أخذ الجانب الإنساني، حيث يقدم الأيتام، وأصبح تركيزه على الأيتام الذين فقدوا من يعولهم وزاد من ناشطه حين اندلعت الحرب الأهلية في لبنان، إلى جانب هذا العمل كان يغطي أخبار الساحة لوكالة «الـسي بي إس» الأميركية.

رفعت ضده قضية رفعها رئيس وزراء إسرائيل السابق شامير وحاول منع نشر الكتاب، وفعلاً تم منعه أن ينشر باللغة الإنكليزية لكن فارس غلوب نشره بعد ذلك باللغة العربية، وذكر فيه من الحقائق التي اتفق فيها اليهود مع هتلر على قتل كبار السن، وعددهم 600 شخص عديمي الفائدة، ثم ادعى اليهود أن هتلر قتل وأحرق 6 ملايين يهودي.