في خطوة مفاجئة، قرر كلّ من بنك الاحتياطي الأسترالي وبنك كندا رفع أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، في إشارة إلى أن المرحلة التالية من تشديد السياسات النقدية للبنوك المركزية العالمية قد دخلت حيز التنفيذ.

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، سيحوّل المستثمرون تركيزهم هذا الأسبوع نحو اجتماعات مجلس الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان، للحصول على مزيد من المؤشرات فيما يتعلّق بمسار أسعار الفائدة العالمية.

Ad

وقبل هذه الاجتماعات، تم رفع سقف الدّين الأميركي، وتراجعت المخاوف المتعلقة بقطاع البنوك في الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، كشفت البيانات عن ضَعف أداء الاقتصاد العالمي، حيث ما يزال التضخم مرتفعاً، ويتوقع أن يدفع البنوك المركزية الرئيسية للإبقاء على سياساتها المتشددة.

وينتظر أن يتخلّى «الاحتياطي الفدرالي» عن رفع سعر الفائدة خلال يونيو الجاري، على أن يرفعها بمقدار 25 نقطة أساس في يوليو.

وسوف يراقب المستثمرون، عن كثب، المؤتمر الصحافي لمجلس الاحتياطي الفدرالي، وأحدث التوقعات والنظر إلى خريطة نقاط تصويت «الاحتياطي الفدرالي» للحصول على مؤشرات حول خطط البنك لرفع سعر الفائدة في المستقبل.

وفي الوقت الذي يتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل، إلا أنه من المتوقع أن يبقي بنك اليابان على موقف الانتظار والترقب، نظراً لأن نمو الأجور في اليابان لا يزال يمرّ بمرحلة من الركود، رغم الارتفاع المفاجئ للناتج المحلي الإجمالي.

وظلت أسواق العملات الأجنبية تتحرك ضمن نطاق محدود خلال أسبوع هادئ خال من الأحداث على صعيد المؤشرات الاقتصادية. ووصل مؤشر الدولار إلى أعلى مستوياته عند 104.36 نقاط في بداية الأسبوع، إلا أنه خسر مكاسبه وسط تزايد طلبات إعانة البطالة بمستويات أعلى من المتوقع، لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 103.553، وستحدد نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي هذا الأسبوع وقراءة مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة مسار الدولار خلال الفترة القادمة.

من جهة أخرى، تعافى اليورو والجنيه الإسترليني ونجحا في إنهاء تداولات الأسبوع عند مستوى 1.0747 و1.2569 على التوالي. في حين أنهى الين الياباني تداولات الأسبوع عند مستوى 139.34، بعد محاولته لاختراق حاجز 140.45 مرتين خلال الأسبوع الماضي.

طلبات إعانة البطالة الأميركية

وقفزت طلبات إعانات البطالة الأميركية الأسبوع الماضي، لتصل إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ أكتوبر 2021، إذ ارتفعت طلبات إعانة البطالة الأولية بنحو 28 ألف طلب لتصل إلى 261 ألفا في الأسبوع المنتهي في 3 يونيو، وفقاً لتقرير وزارة العمل الصادر يوم الخميس.

وزاد معدل النمو بوتيرة أعلى منذ يوليو 2021، متجاوزاً توقعات السوق، وفي ذات الوقت، انخفضت المطالبات المستمرة، والتي تشمل الأشخاص الذين حصلوا على إعانات بطالة لمدة أسبوع أو أكثر، والتي تعدّ من المؤشرات الجيدة التي تعكس مدى صعوبة العثور على عمل بعد خسارة الوظيفة، إلى 1.76 مليون طلب في الأسبوع المنتهي في 27 مايو، وهو أدنى المستويات المسجلة منذ منتصف فبراير. ويسلّط التقرير الضوء على أن سوق العمل المرن قد يظهر مؤشرات تدلّ على التباطؤ بعد إعلان الشركات الأميركية عن زيادة معدلات تسريح الموظفين في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، مقارنة بعام 2022 بأكمله.

قطاع الخدمات الأميركي

وخلال الأسبوع الماضي، أعلن معهد إدارة التوريدات أن مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي انخفض إلى 50.3 الشهر الماضي مقابل 51.9 في أبريل. ويشير تخطي المؤشر مستوى أعلى من 50 إلى نمو قطاع الخدمات الذي يمثّل أكثر من ثلثي الاقتصاد. وتوقع الاقتصاديون أن يرتفع مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي إلى 52.2.

وقد استفاد قطاع الخدمات بشكل كبير من عزوف المستهلكين عن البضائع خلال ذروة جائحة كوفيد -19، إلا أنه بعد قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي برفع سعر الفائدة بنحو 500 نقطة أساس منذ مارس 2022، يبدو أن المستهلكين بدأوا التركيز على الاحتياجات الأساسية. وبالانتقال إلى قطاع التصنيع، ذكر معهد إدارة التوريدات الأسبوع الماضي أن مؤشر مديري المشتريات الخاص بهذا القطاع ظل دون حاجز 50 للشهر السابع على التوالي، فيما يمثّل أطول فترة انكماش منذ الكساد الكبير.

بنك كندا

قام بنك كندا برفع سعر الفائدة لليلة واحدة إلى أعلى مستوياته في 22 عاماً عند 4.75 بالمئة، بعد أن توقّف عن رفعها منذ يناير الماضي لإعادة تقييم تأثير الارتفاعات السابقة. وكان البنك المركزي قد رفع سعر الفائدة 8 مرات منذ مارس 2022، فيما يمثّل أسرع دورة تشديد في تاريخ البنك. ويوضّح بيان صادر عن بنك كندا أن الإنفاق الاستهلاكي القوي وانتعاش الطلب على الخدمات يعكس زيادة الطلب بمعدل أكثر ثباتاً مما كان متوقعاً في السابق.

وتسليطاً للأضواء على ارتفاع معدلات التضخم في أبريل وحقيقة أن معدلات التضخم الأساسي لمدة 3 أشهر ظلت مرتفعة، وقال البنك المركزي إن «المخاوف زادت من بقاء مؤشر أسعار المستهلكين عالقاً فوق مستوى 2 بالمئة المستهدف» وتسارعت وتيرة التضخم السنوي للمرة الأولى في 10 أشهر إلى 4.4 بالمئة في أبريل، بينما نما الناتج المحلي الإجمالي بالربع الأول من العام بنسبة 3.1 بالمئة، مقابل 2.3 بالمئة التي توقعها بنك كندا. وتقوم أسواق المال الآن بتسعير إمكانية رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع يوليو بنسبة 65 بالمئة.

التضخم في سويسرا

أكد رئيس البنك الوطني السويسري، توماس جوردان، التزامه بخفض التضخم بعد أن كشفت البيانات انخفاض التضخم السنوي إلى 2.2 بالمئة في مايو. وقال جوردان يوم الخميس في سويسرا إن «التضخم يتخطى عتبة استقرار الأسعار»، وأضاف: «نشهد تأثيرات الجولة الثانية، والثالثة، لذا فإن التضخم أكثر ثباتاً مما كنا نعتقد في البداية.»

وفي ذات الوقت، تباطأت قراءة معدل التضخم الأساسي أكثر من المتوقع إلى ما دون المستوى المستهدف، مما عزز موقف المسؤولين الساعين لإبقاء أسعار المستهلكين تحت السيطرة، إذ انخفض معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد العناصر المتقلبة مثل الطاقة والمواد الغذائية، إلى 1.9 بالمئة في مايو مقابل 2.2 بالمئة الشهر السابق.

وحتى الآن، رفع البنك الوطني السويسري تكاليف الاقتراض بمقدار 225 نقطة أساس في 9 أشهر، وواصل المسؤولون تأكيدهم لضرورة مواصلة رفعها مرة أخرى، على الرغم من تسجيل سويسرا لأدنى معدل تضخم على مستوى الاقتصادات المتقدمة.

وفي المقابل، تعيد البنوك المركزية الأخرى، مثل الاحتياطي الفدرالي، تقييم مسارها في ظل تباطؤ معدلات التضخم على الصعيد العالمي، واتجاه الاقتصادات إلى تسجيل معدلات أضعف من النمو.

وصرح جوردان بأن سعر الفائدة الحالي البالغ 1.5 بالمئة «منخفض نسبياً، وان الانتظار حتى يرتفع التضخم لاحقاً لا يعتبر فكرة جيدة». وإثر تلك التعليقات، قفز الفرنك السويسري لينهي تداولات الأسبوع مرتفعا بنسبة 0.90 بالمئة مقابل الدولار.