الصقر: ظلم الدول الكبرى وراء التهجير واللجوء
• «تقف مع الأنظمة الظالمة... وتتنكر لمبادئ الحرية والعدالة أو تلتزم بها تبعاً لمصلحتها»
• الانفعال والعنصرية والاستعلاء لا تعالج المشكلة بل تدفع بالعالم إلى متاهات أكثر خطورة
• المخرج الوحيد لهذه المأساة الإنسانية تعاون المجتمع الدولي لإيجاد حلول عادلة ونهائية
• النقيب: الكويت ساهمت عبر قطاعها الخاص في إغاثة 500 ألف لاجئ من الروهينغا في بنغلادش
• غرفة التجارة استضافت بالتعاون مع مفوضية اللاجئين حلقة نقاشية بعنوان «لكي لا يضيع جيل»
بكلمات حادة تفيض أسى وحسرة على ما يعانيه ملايين اللاجئين والنازحين حول العالم، وتحدد، دون مواربة، الأسباب الرئيسية وراء هذه المعاناة الإنسانية الكبيرة، أعرب رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر عن استغرابه وأسفه أن تكون المصلحة هي محرك الدول الكبرى في مسألة اللاجئين والنازحين، حيث تلتزم بمبادئ الحرية والعدالة، إذا اقتضت مصلحتها ذلك، ثم تتنكر لها لتقف مع الظلم والظالمين وفقاً لمقتضيات تلك المصلحة، معتبراً أن «معظم صور ومشاهد التهجير واللجوء التي نتابعها كل يوم هي من ظلم الدول الكبرى ذاتها، أو من حصاد نصرتها للأنظمة الظالمة في الدول الأخرى».
موجات اللجوء الحالية من تداعيات ما يتعرض له الفلسطينيون من ظلم مستمر
وقال الصقر، في كلمته خلال حلقة نقاشية استضافتها الغرفة أمس بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: إنه «من الصعب لمواطن كويتي عربي مسلم أن يتحدث عن قضية اللاجئين وأوضاعهم المأساوية، دون أن يتحدث بألم وقلق عما وراء هذا المشهد الذي أصبح العرب بالذات أحد مكوناته الرئيسية».
وأضاف: «لا تحدثنا كتب التاريخ عن شعب تعرض بكامله لظلم العالم كله كالشعب الفلسطيني، وهو ظلم بلغ من القسوة والعنف والتمادي حداً جعل الشرق الأوسط كله يعيش طوال خمسة وسبعين عاماً على فوهة بركان دائم»، معقباً بأن «الضحية أصبحت إرهابية، والغاصب أصبح مدافعاً، والذئب أصبح راعياً».
الضحية أصبحت إرهابية والغاصب أصبح مدافعاً والذئب أصبح راعياً
ورأى أن «كل موجات اللجوء التي تعبر عباب المتوسط في أيامنا هذه، هي من تبعات وتداعيات الظلم المستمر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني»، لافتاً إلى أنه رغم كل المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات التي تكرس حقوق الإنسان، نجد أن الظلم مازال مستمراً وراء نكبات التهجير واللجوء.
وأكد الصقر أن كل سياسي ومفكر وكل الدول يعرفون أنه «ليس بالانفعال الغاضب، ولا بالتوجه العنصري، ولا بالحقد والحقد المضاد، ولا بالاستعلاء والإقصاء، يمكن معالجة هذه المشكلة، بل إن حلولاً كهذه من شأنها أن تدفع بالمشكلة وبالعالم كله إلى متاهات أكثر خطورة»، معتبراً أن «المخرج الوحيد من هذه المأساة التي يزداد حجمها يوماً بعد يوم، هو أن يتعاون المجتمع الدولي، ويضاعف جهوده، ويتقاسم المسؤولية في إيجاد حلول عادلة ونهائية... لكي لا تضيع أجيال كثيرة».
الظلم مازال مستمراً رغم المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات التي تكرس حقوق الإنسان
بدوره، أعرب المسؤول الإقليمي لشراكات القطاع الخاص في المفوضية الأممية، نادر النقيب، عن شكره غرفة التجارة على تنظيمها هذه الفعالية، لافتاً إلى أن الكويت ساهمت عبر قطاعها الخاص في إغاثة 500 ألف لاجئ من الروهينغا في بنغلادش، وذلك من أصل مليون لاجئ.
في تفاصيل الخبر :
استضافت غرفة تجارة وصناعة الكويت اليوم، بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حلقة نقاشية بعنوان «No Lost Generation» في مقر الغرفة، بحضور رئيس مجلس إدارة الغرفة محمد جاسم الصقر وعدد من أعضاء مجلس الإدارة، والمسؤول الإقليمي لشراكات القطاع الخاص في المفوضية نادر النقيب، بالإضافة إلى ممثلين عن الجهات الحكومية والأهلية.
وافتتحت الحلقة النقاشية بكلمة للصقر، عبّر فيها عن اعتزاز الغرفة وشكرها، لاختيارها مضيفة لهذه الحلقة النقاشية، التي تعقد تحت عنوان «لكي لا يضيع جيل»، وهو اختيار يكرس الشراكة الاستراتيجية بين المفوضية والقطاع الخاص بالكويت، بهدف التخفيف من معاناة المهجرين والنازحين قسراً، خصوصاً من خلال توفير فرص العمل والتعليم، والرعاية الصحية، وحرية التنقل، مضيفا أن هذا الاختيار يعبّر عن تقدير المفوضية للدور المميز الذي قامت به الكويت حكماً وحكومة وشعباً، في تنظيم المؤتمرات والحملات الإنسانية الدولية، للمساهمة في تمويل أنشطة المفوضية على المستوى العالمي وعلى الصعيدين العربي والاقليمي.
الصقر: قرابة 6 ملايين لاجئ فلسطيني تتابع شؤونهم «الأونروا» ونحو 27 مليوناً تحت متابعة «المفوضية السامية»
وأضاف الصقر: «إذا كان لا يُفتى ومالك في المدينة، فإنه لا يجوز لي أن أتحدث عن قضية اللاجئين والنازحين في حضور المفوضية السامية، غير أن طقوس مثل هذه اللقاءات تفرض عليَّ أن أعرض ما يمكن أن يشكل الملامح الرئيسية للمشهد العام لهذه القضية التي يحتفي العالم بها تحت مسمّى اليوم العالمي للاجئين في العشرين من يونيو الجاري».
وتابع «ونعني باللاجئ في حلقتنا هذه كلَّ شخص اضطر للتواجد خارج وطنه، بسبب خوف مبرّر من تعرض حياته للخطر، أو تعرضه للاضطهاد، بسبب العرق أو الدين أو الانتماء الاجتماعي أو الموقف السياسي. وهو – نتيجة هذا الخوف المبرر – لا يريد أو لا يستطيع أن يستظل بحماية بلده. أما النازح، فهو الذي يفرض عليه هذا الخوف، أو الكوارث الطبيعية أن ينزح من منطقة إقامته إلى منطقة أخرى داخل بلده».
وأشار إلى أن «عدد هؤلاء (اللاجئين والنازحين) يقدر في نهاية 2021 بتسعين مليون شخص، منهم 54 مليون نازح، وأكثر من 32 مليون لاجئ، منهم قرابة ستة ملايين لاجئ فلسطيني تتابع شؤونهم الأونروا (UNRWA)، وحوالي 27 مليوناً تتابع شؤونهم المفوضية السامية. واللافت للنظر في هذا المشهد أن أكثر من نصف عدد اللاجئين يقل عمرهم عن ثمانية عشر عاماً، وأن أكثر من ثلاثة أرباعهم يعيشون في دول مجاورة لبلادهم».
وأضاف أن «ما يزيد المأساة عمقاً هو أن حوالي 80 في المئة من هؤلاء اللاجئين تستضيفهم بلدان فقيرة أو متوسطة الدخل. كما أن أكثر من 75 في المئة منهم قد جاؤوا من ست دول فقط. وتشير الاحصاءات – أيضاً – الى أنه بين نهاية 2021 ومطلع 2023، زاد عدد اللاجئين والنازحين قسراً حوالي 14 مليونا، ليصل اجمالي العدد الى 104 ملايين. وهذه أكبر زيادة سنوية سجلها تاريخ اللجوء. وتؤكد كل الأحداث والتطورات أن هذا العدد في ازدياد متواصل ولسنوات عديدة قادمة على الأقل».
الصقر: لا تحدثنا كتب التاريخ عن شعب تعرض بكامله لظلم العالم كله كالشعب الفلسطيني
وأكد أنه من الصعب لمواطن كويتي عربي مسلم أن يتحدث عن قضية اللاجئين وأوضاعهم المأساوية، دون أن يتحدث بألم وقلق عما وراء هذا المشهد الذي أصبح العرب بالذات أحد مكوناته الرئيسية.
وحول أسباب اللجوء والنزوح، عرض الصقر ثلاث حقائق:
أولاً: منذ ما قبل الميلاد وحتى اليوم. كان «الظلم» بصوره وتجلياته المختلفة هو السبب الأول والأهم وراء التهجير واللجوء والنزوح. فالمسلمون لم يغادروا مكة لكفر أهلها بل لظلمهم. ولم تلجأ مجموعة من الصحابة الى الحبشة لإيمان ملكها بل لعدالته. وفي العصر الحديث، ورغم كل المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات التي تكرس حقوق الإنسان، نجد أن الظلم مازال وراء نكبات التهجير واللجوء. وما يدعو للاستغراب والأسف فعلاً، أن الدول الكبرى بالذات تلتزم بمبادئ الحرية والعدالة إذا اقتضت مصلحتها ذلك، وتتنكر لها لتقف مع الظلم والظالمين إذا اقتضت مصلحتها ذلك. وأن معظم صور ومشاهد التهجير واللجوء التي نتابعها كل يوم، هي من ظلم الدول الكبرى ذاتها، أو من حصاد نصرتها للأنظمة الظالمة في الدول الأخرى.
ثانياً: لا تحدثنا كتب التاريخ عن شعب تعرض بكامله لظلم العالم كله كالشعب الفلسطيني. وهو ظلم بلغ من القسوة والعنف والتمادي حداً جعل الشرق الأوسط كله يعيش طوال خمسة وسبعين عاماً على فوهة بركان دائم، فالضحية أصبحت إرهابية، والغاصب أصبح مدافعاً، والذئب أصبح راعياً. ولعلي لا أذهب بعيداً إذا قلت إن كل موجات اللجوء التي تعبر عباب المتوسط في أيامنا هذه، هي من تبعات وتداعيات الظلم المستمر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
ثالثاً: إن أحداً لا ينكر أن مشكلة التهجير واللجوء من أصعب المشاكل التي عرفها التاريخ وأعقدها. وفي الوقت نفسه، يعرف كل سياسي ومفكر، كما تعرف كل الدول أنه ليس بالانفعال الغاضب، ولا بالتوجه العنصري، ولا بالحقد والحقد المضاد، ولا بالاستعلاء والإقصاء، يمكن معالجة هذه المشكلة، بل إن حلولاً كهذه من شأنها أن تدفع بالمشكلة وبالعالم كله إلى متاهات أكثر خطورة.
النقيب: الكويت ساهمت عبر القطاع الخاص في إغاثة 500 ألف لاجئ من الروهينغا في بنغلادش من أصل مليون
وأوضح الصقر، في ختام كلمته، أن المخرج الوحيد من هذه المأساة الإنسانية التي يزداد حجمها يوماً بعد يوم، هو أن يتعاون المجتمع الدولي، ويضاعف جهوده، ويتقاسم المسؤولية في ايجاد حلول عادلة ونهائية... لكي لا تضيع أجيال كثيرة.
من جانبه، توجه نادر النقيب بالشكر لغرفة التجارة والصناعة على تنظيمها هذه الفعالية، لافتاً إلى أن هناك نحو 182 مليون نازح ولاجئ حول العالم لدى المفوضية، معرباً عن أسفه أن هناك أجيالاً تخلق وأخرى تندثر وهي مازالت في أمكنة اللجوء.
وحول دعم القطاع الخاص الكويتي للاجئين، ذكر النقيب، أن الكويت ساهمت عبر القطاع الخاص في إغاثة 500 ألف لاجئ من الروهينغا في بنغلادش، وذلك من أصل مليون لاجئ.
وخلال الحلقة النقاشية، قدمت ممثلة المفوضية في لبنان عبر الاتصال المرئي عرضاً حول أعمال المفوضية والخدمات التي تقدمها للنازحين واللاجئين السوريين الموجودين حاليا في لبنان.
كما تحدثت ممثلة المفوضية في السودان عبر الاتصال المرئي أيضاً، عن واقع النازحين واللاجئين في السودان في ظل أوضاع الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد حالياً.