عاش الفيلسوف أوجست كونت مؤمناً بأهداف الثورة الفرنسية التي كانت تدعو معظم فلاسفة ومفكري وأدباء وشعراء النصف الأول من القرن التاسع عشر لأن يبحثوا في الشؤون الاجتماعية والدينية، لكنه تميز عن الجميع بمزج الفلسفة بالعلوم الحديثة، إذ إنه كان يرى العقل والعلم هما الدعامة التي تخلق مجتمعاً أفضل.
***أخرج كتابه الأول «البحوث العلمية الضرورية لتنظيم المجتمع»، وفي عام 1830 أصدر كتاب «دروس في الفلسفة الوضعية»، ثم أخذ يواصل إصدار المجلدات، مثل «قوانين كلپر، وقانون الجاذبية والاستاتيك السماوية، وعلم الحرارة، والصوت، والكهرباء، والكيمياء العضوية، وغير العضوية، وعلم الحياة، والتشريح، والحياة النباتية، وحياة الحيوان...»، وقام بتأليف كل هذه الأبحاث في فتراتٍ عصيبة، حيث كان يعاني من العوز وضيق ذات اليد، وكذلك ساءت ظروفه العائلية مما دعاه إلى تطليق زوجته بعد أن فشل في إصلاح سلوكياتها لتقبل العيش معه بشرف.
***في عام 1845 طُرد كونت من وظيفته، ثم توالت عليه الكوارث، فلم يكن يجد ثمن طعام يومه، لولا أن الفيلسوف ستيورات مل قد جمع له بعض المال من الأصدقاء الإنكليز ممن تفاعلوا مع الفلسفة الوضعية، ورائدها كونت، فصار لها أتباع بالمحافل الأكاديمية في أماكن عديدة من جامعات العالم، فبدأ التحول في حياة الفيلسوف أوجست كونت، بعد أن شغف عشقاً بمدام كلود دي ڤو وكان لهذا التحول الأثر العميق في تفكير كونت، فصار يكتب بنفسٍ صوفي، على هيئة حوار بين راهبٍ وامرأة يتناول فيه أثر التدين في حياة الإنسان.
***ولا يفوتني هنا أن أذكر أن من أبرز المثقفين العرب ممن تفاعلوا مع الفلسفة الوضعية المنطقية الدكتور زكي نجيب محمود، والدكتور فؤاد زكريا، وغيرهما الكثير.
***وعندما اشتد المرض بالفيلسوف أوجست كونت، أوصى بأن يُكتب على قبره الشعار التالي:
«الحب مبدأنا، والنظام قاعدتنا، والتقدم غايتنا».