كان تاريخ 6/6/2023 عصيبا وكارثيا وحتى صادما للبعض، فنتائج انتخابات ذلك اليوم دلّت على أن دوام الحال الجميل من المحال، كان يجب على من كان سعيداً من نتائج انتخابات 2020 و2022 أن يعتبر ويعلم أن النجاح الباهر لبعض الفائزين لم يكن إلا لظروف سياسية بحتة، وقد كشف غبار انتخابات 2023 عن هزائم منكرة للبعض، وتقدم وتراجع للبعض، ودخول وجوه جديدة شابّة نخشى عليها كل الخشية من انضوائها ومن ابتلاعها من الحيتان كما ابتُلع الذين قبلهم.
لا شك أن البعض كان سعيداً كل السعادة بالوجوه الجديدة، وسعادة أكثر بنبذ وجوه فاشلة ومشبوهة، أما البعض الآخر فقد صدم لغياب نوائبه المحسوبين عليه، وتراجع مذل لغيرهم إلى الصفوف الخلفية، كان استبعاد وجوه واستبدالها بغيرها أمراً حتمياً بعد أن كُشف عن وجهها الحقيقي خلال السنوات القليلة الماضية، أما نجاح البعض حاليا فلا يدل أبدا على وضعه ومستواه الحقيقي في الكويت، فالظروف الحالية المعقدة هي التي فرضته على الساحة لا أكثر.
نتيجة الانتخابات كانت عادلة ونزيهة في بعض المناطق، أما في مناطق أخرى فقد أفرزت كالعادة نوابا سيمثلون جماعتهم لا الأمة، وهم بلا خلفيات سياسية أو علمية ولا حتى كفاءة يشاد بها، سبب نجاحهم الوحيد هو انتماؤهم لجماعات أظهر بعضها ولاءً واضحاً للعيان لغير الكويت، فبعضها رفع أعلامه لا أعلام الكويت، وهذه ظاهرة غريبة تدق ناقوس الخطر، وقد بدأت تطفو إلى العلن منذ عدة سنوات.
وهذا في الحقيقة يثير الشبهات والوجل، فهو يدل على أن هؤلاء النواب الذين أفرزتهم هذه البيئة سيكونون في خدمة جماعاتهم لا الأمة الكويتية، وسيشرّعون لمصالحهم هم، وسيكون جل همهم استنزاف المزيد من ثروات الكويت ومستقبل أبنائها في أسرع وقت، وكأنهم في عجلة من أمرهم، فبعضهم على ثقة بأن عمرهم وعمر هذا المجلس قصيران، وقد يكونون هم من سيدقون مسمار نعشهم.
ما نقوله سيحدث، فهذا ما حصل في المجالس السابقة التي تعاقبت وتكالبت على مص دماء الكويت حتى آخر قطرة، وما نقوله ليس تشاؤما بل حقيقة ستكشفها الأيام القلية القادمة، فبلا شك سيتكالب «النوائب» على الكويت وسينهشون لحمها، وسيقضمون ما تبقى لنا من حريات شخصية لا نزال حتى الآن ننعم ببعضها.
فهل سيكمل هذا المجلس عمره الافتراضي؟ أم سيستمر هذا المسلسل المعرقل، والممل والمكلف؟ أم سيكون الأخير؟ حفظ الله الكويت وشعبها، وأسرة حكمها من كل مكروه، ومن كل من أراد ببلدنا سوءاً.