شوشرة: نعمة العقل
الحمد لله على نعمة العقل ورجاحته، فمن يفقد هذه النعمة يصبح في متاهة وضياع ودوامة وصراع، وهذا ما نلاحظه على بعض المتلونين والمنقلبين الذين ما إن يمسكوا الميكرفون حتى ينطلقوا في سرد الأحداث وهم يعيشون حالة من الانفصام، ليطلقوا العنان لكلام قد يؤدي حسب معتقداتهم إلى تأجيج الأوضاع بين الدول وحدوث اضطراب في المنطقة، وتشكيل جبهات من كل الاتجاهات وغيرها من الأوهام التي لا تنتهي، والتي يقابلها تصفيق الجمهور الذي لا يعرف ماذا يقول هؤلاء؟ أو عمَّ يتحدثون؟
فمن المؤكد أن فقدان عقول بعضهم وذهابها مع الأيام أصبح يشكل فجوة حقيقية لدى هؤلاء الذين يجب أن يسارعوا في إيجاد العلاج عبر زيارة المختصين في الطب النفسي حتى لا يفقدوا كل من حولهم ويجلسوا وحيدين مع الميكرفون بلا جمهور أو مؤيدين، كما أنها فرصة لهم للانعزال لإحياء ضمائرهم التي غابت فجأة، وأصبحت تحت خدمة الخارجين عن القانون.
إن العلاج بعد الانتكاسات المستمرة ليس عيباً أو خطأ حتى لا يجدوا أنفسهم في الشوارع تائهين بعد أن فقدوا البوصلة، فلا يميزون الشمال من الجنوب ولا الشرق من الغرب، ويتخبطون في الطرق الوعرة التي كانت سببا في مخاضهم العسير وهبوط أسهمهم ووقوعهم في الهاوية.
إن إعادة ترتيب الأوراق وفرزها لوضع النقاط على الحروف والعودة مجددا الى الطريق السليم هي من شيم الكبار، وليست عيبا بل إعادة لضبط النفس التي انحرفت بسبب المغريات وغيرها من الأساليب التي استطاعت أن تخضع هؤلاء وتجعلهم أدوات وإمّعات لا تشكل رأيا صائبا بقدر ما تشكل تهديدا حقيقيا على المجتمع، بنشر أفكارهم غير السوية وآرائهم اللا أخلاقية، وهذا الأمر يشمل بعض الذين كانوا يتقدمون الصفوف بآرائهم التي كانت تشكل توجها سليما، ولكنها تحولت إلى العكس لتكون بمنزلة صدمة للمتابعين الذين تفاجؤوا بهذا الانقلاب على النفس ممن عانوا مرض الغرور الذي يعد خطره كبيراً جداً. إن الفاتورة التي دفعها هؤلاء المنقلبون على ذواتهم أصبحت واضحة للجميع، وكان الرد على ذلك أكثر ألما لهم بعد أن وضعوا عند حجمهم الطبيعي، فلن تنفع المبررات والتلاعب بالكلمات أو استعطاف القلوب طالما لا يزالون يسلكون مسار الخطيئة التي تعددت أشكالها وأصنافها.
إن الخلوة مع النفس هي جزء من العلاج للعودة الى قدراتهم العقلية التي كانت في مرحلة الاستقرار خلال أيام الماضي الجميلة لأن الاستمرار في هذا الصراع مع تعدد صور الذكريات ستشكل هاجسا لهم بعد أن تجردوا من كل شيء حتى ممن كانوا يصفقون لهم في الممرات وغيرها من الندوات والاجتماعات، لأن هذه البطانة الفاسدة ستبحث عمن ستصفق له من جديد.
آخر السطر:
نهاية البعد عن القيم والمبادئ والأخلاق قاسية جداً وظلامها الحالك هو السبيل للسقوط في الهاوية التي سيجتمع فيها كل ظالم ومندس ومنقلب وحاقد ومغرور.