الآن، وقد طويت صفحة الانتخابات النيابية، وتمت تهنئة النواب بمقاعدهم النيابية، يفسح المجال لمراجعة معطيات النتائج الانتخابية والأجواء التي صاحبتها، والتي من خلالها نرصد مدى تجذر المفاهيم الديموقراطية أو فقدها لدى الناخبين بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم الاجتماعية.

الملاحظة الأولى، تحت عنوان الديموقراطية يتم شرذمة المجتمع وتفتيت وحدته، حتى باتت كل عائلة تفكر بوصول أحد أبنائها إلى البرلمان، وكأننا أمام استعراض لنفوذ ومكانة المكونات الاجتماعية الصغيرة، في حين العائلة الكبيرة «الكويت» منئيٌّ عنها من القوى الاجتماعية والسياسية.

Ad

ثانياً، لا يمكننا التأكيد ببراءة المنافسة الانتخابية من رجس المال السياسي، فالإشاعات وبعض الشهود الموثوقين يجزمون بوقوعها بأساليب يُعمى عليها، ومنها– على سبيل المثال– حصول المفاتيح أو المناديب الانتخابية على مبالغ متفق عليها تحت عنوان الهدية أو أجر مقابل عمل يتم عنه توفير أصوات انتخابية لصالح المرشح.

ثالثاً، متوهم من يظن أن تقدم أو تأخر مراكز بعض النواب الفائزين بالبرلمان نتيجة غلبة الوعي السياسي عند الناخبين، أبداً، كل ما في الأمر هو طروء تحالفات جديدة أو انقسامات داخل القوى السياسية أو خلافات بين بعض أفرع القبيلة بسبب عوامل وظروف معينة أو تأثير من إشاعات مغرضة حول بعض المرشحين أدت لتبدل مراكز الفائزين هبوطاً أو تقدماً.

نلاحظ الإفلاس السياسي والتشريعي سمة لمعظم المرشحين السابقين، ندواتهم وخطاباتهم تكاد تخلو بما يمكن الاعتداد بإنجازه وتحقيقه، والناخبون اعتادوا على نبرات التعدي والمشاحنات الشخصانية بين المرشحين أكثر من اهتمامهم والتفاتهم لما يفترض التصدي له من ملفات عالقة ومشاكل مزمنة أثناء معاناتهم اليومية.

أخيراً، المصارحة والمكاشفة تفرض علينا الإقرار بعجز غالبية الناخبين على المفاضلة الصائبة بين المرشحين وكنه قدراتهم وكفاءاتهم، فمعظم الناخبين يفضلون من أجمعت الآراء على التصويت له دون مجرد السؤال عن سيرته الذاتية سياسياً وعلمياً وأخلاقياً، أما الديموقراطية النيابية التي تحقق الإرادة الشعبية فنقول لها، لا عزاء لك.