للفن معان كثيرة، فهو يطلق على الاحتراف أو المهارة، وقد يقصد به الذوق أو الإبداع، ويعني أيضا الجمال والخيال، ويطلق كذلك على الفنون السمعية والبصرية والحركية والمسرحية والأدبية، وكل هذه المعاني صحيحة في مفهوم الفن، لأنها تستنهض القيم الجمالية في النفس البشرية.

وفي هذا المقال أود أن أركز فقط على مفهوم الفنون الجميلة البصرية، كالرسم والتصوير والنحت والتصميم، لأن لها النصيب الأكبر في أغلب المجالات من حولنا، فهي ظاهرة بوضوح في كل مكان، لكل شخص متذوق وعاشق للجمال، ابتداء من الزخارف الموجودة في المصحف الشريف، إلى أبسط وحدة زخرفية في أي جريدة مجانية.

نرى الفنون الجميلة في العمارات الشاهقة والأبنية، ونرى الفن في صالات الأوبرا والأندية، نراه في تصاميم الذهب والمشغولات اليدوية، نراه في التاريخ القديم والآثار الحجرية، نراه في المساجد والمعابد والملاعب والمسارح، نراه مطبوعا على جوارب الأطفال ومنقوشا في «بدلة الجنرال».
Ad


وإذا دخلنا إلى عالم التجارة والتسويق فحدث ولا حرج، فنرى الفن في الإعلانات الباهرة والمنتجات الفاخرة، فإضافة اللمسات الفنية على أي منتج كفيلة بأن تجعله متألقا، وتفرض نفسها بنفسها، وتوفر على البائع جهد الإقناع وسرد مميزات السلعة للزبائن.

فالفن هو صناعة الجمال الذي إذا أضيف للشيء جعله أثمن وأقيم، والفن هو الإضافة الجمالية للأشياء التي تثير مشاعرك ورغباتك لاقتنائها، أو حتى التقرب منها.

هل تعلمون كم شركة عالمية كادت تفلس تماما لولا تدخل اللمسات الفنية في منتجاتها! من ساعات ونظارات وسيارات وهواتف وغيرها، كالقصة التي لم تحك عن المصمم «Tom Ford» وكيف أنقذ شركة «Gucci» من الإفلاس، والقصة المعروفة عن شركة «Apple» وكيف استند «steve jobs» إلى المصمم «Jony Ive» وأعطاه كل الثقة في اعتماد تصميماته وأفكاره الحديثة لإنقاذ الشركة من الإفلاس، وقصة شركة «Tesla» للسيارات التي كادت تفلس لولا استعانة صاحب الشركة «Elon Musk» بالفنان المصمم «Franz von Holzhausen» في الوقت الأخير، لإعادة تصميم السيارات بشكل كلي، فأعطى للشركة نقلة كاملة في التصاميم الراقية، وأضاف لها روحا جديدة.

هنا ندرك أن أغلب المجالات بحاجة إلى الفن ليبرز أهميتها وقيمتها، فالفن يعلمنا كيف نرى الجمال، وكيف نصنعه، والسؤال: إذا كان التصميم الفني يعطي تميزا وشموخا لكل مجال يدخل فيه فلماذا لا يؤخذ بجدية في مناهجنا الدراسية؟