«الوطني»: التضخم تباطأ لكنه لا يزال قائماً
• «الفدرالي» يُبقي على سعر الفائدة دون تغيير كما كان متوقعاً... و«الأوروبي» يواصل رفعها
تراجع معدل التضخم الكلي في الولايات المتحدة إلى أقل من التوقعات ليرتفع 4.0 في المئة على أساس سنوي في مايو مقابل 4.9 في المئة في أبريل فيما يعزى بصفة رئيسية إلى انخفاض تكاليف الطاقة وتباطؤ وتيرة تضخم المواد الغذائية.
وحسب تقرير أسواق النقد الصادر عن بنك الكويت الوطني، فعلى الرغم من أن المعدل الكلي وصل إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2021، فإن التضخم الأساسي ارتفع 5.3 في المئة على أساس سنوي، فيما يعتبر تحسناً متواضعاً فقط مقارنة بقراءة أبريل البالغة 5.5 في المئة. ولا يزال تضخم قطاع الخدمات (باستثناء الطاقة) مرتفعاً، إذ وصل إلى 6.6 في المئة على أساس سنوي نظراً لارتفاع تكاليف السكن والنقل.
وانخفض معدل تضخم مبيعات الجملة في الولايات المتحدة أكثر مما كان متوقعاً على خلفية انخفاض سعر البنزين.
ومن جهة أخرى، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 1.1 في المئة على أساس سنوي، فيما يعد أقل معدل نمو يتم تسجيله منذ عام 2020، مما يؤكد استمرار تراجع معدلات التضخم على جانب العرض.
ضغوط الأسعار بدأت تظهر مؤشرات على التراجع إلا أن سوق العمل في المملكة المتحدة يشهد أداءً قوياً بصورة غير اعتيادية
وباستثناء المواد الغذائية والطاقة، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين الأساسي بنسبة 2.8 في المئة مقارنة بالعام الماضي. وبدأ تباطؤ المؤشر إلى حد كبير منذ منتصف العام الماضي بعد أن عادت سلاسل التوريد إلى مستوياتها الاعتيادية، وتحول الإنفاق الاستهلاكي نحو الخدمات، وهدأت وتيرة تزايد تكاليف السلع الأساسية.
وكما كان متوقعاً على نطاق واسع، أبقى مجلس الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة دون تغيير في اجتماع يونيو بعد رفعها 10 مرات متتالية على مدار الـ 15 شهراً الماضية.
واتخذ القرار بالإجماع للإبقاء على سعر الفائدة على الأموال الفدرالية في حدود تتراوح بين 5.00 و5.25 في المئة، إلا أن المسؤولين أشاروا إلى المزيد من الارتفاعات في ظل بعض التوقعات المتفائلة للاقتصاد.
واتسمت التوقعات الاقتصادية المحدثة بنبرة متشددة. وبالنسبة للربع الرابع من العام الحالي، تم تعديل توقعات الناتج المحلي الإجمالي ورفعه من 0.4 في المئة على أساس سنوي إلى 1 في المئة، وخفض توقعات البطالة من 4.5 في المئة إلى 4.1 في المئة، هذا إلى جانب تراجع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي المعدل من 3.6 في المئة إلى 3.9 في المئة.
وبينما أشارت خريطة تصويت الاحتياطي الفدرالي خلال اجتماع شهر مارس إلى توقع وصول معدلات الفائدة ذروتها، إلا أن توقعات يونيو تشير إلى إمكانية رفع سعر الفائدة مرتين اضافيتين قبل عكس المسار في عام 2024 والاتجاه لخفضها بمقدار 100 نقطة أساس.
وقدم المسؤولون توقعات تصل في المتوسط إلى 5.6 في المئة لما يسمى بخريطة نقاط تصويت الاحتياطي الفدرالي على أسعار الفائدة لنهاية عام 2023، مقابل 5.1 في المئة في المتوسط وفقاً لتوقعات مارس.
وأدت البيانات الاقتصادية المتباينة والنزعة التيسيرية لدى الاحتياطي الفدرالي إلى التأثير على الدولار، مما أعطى الفرصة لنظرائه لتحقيق مكاسب.
حيث أنهى مؤشر الدولار تداولات الأسبوع دون مستوى 103 نقاط.
المرور بأوقات عصيبة
وتشددت أوضاع سوق العمل البريطاني بشكل غير متوقع في أبريل، حيث ارتفعت الأجور وانخفضت البطالة، في إشارة أخرى إلى أن بنك إنكلترا لم يتخذ خطوات كافية لخفض معدلات التضخم المترسخ.
إذ انخفض معدل البطالة إلى 3.8 في المئة في الثلاثة أشهر المنتهية في أبريل، مخالفاً التوقعات التي أشارت إلى تسجيله نمواً بنسبة 4 في المئة.
كما بلغ عدد العاملين مستوى قياسياً تجاوز مستويات ما قبل الجائحة وذلك للمرة الأولى، إذ ارتفع إلى 33.1 مليوناً خلال هذا الربع.
وتسعى الشركات البريطانية جاهدة للعثور على الموظفين الذين تحتاجهم ظروف العمل، مما يساهم في رفع الرواتب وخفض معدلات البطالة.
وارتفع متوسط نمو الرواتب من دون المكافآت إلى أعلى مستوياتها المسجلة على الإطلاق بخلاف فترة الجائحة، إذ وصل إلى 6.5 في المئة على أساس سنوي في الثلاثة أشهر المنتهية في أبريل.
إلا أن الأجور ما زالت ترتفع بوتيرة أبطأ من التضخم، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين ويؤدي إلى تصاعد ضغوط التكاليف المعيشية لأعلى مستوياتها المسجلة منذ أجيال.
وانتعش النشاط الاقتصادي من جديد في أبريل بعدما سجل قطاعا التجزئة والصناعات الإبداعية نمواً قوياً مقابل تباطؤ قطاعي البناء والتصنيع.
ليرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 في المئة بعد انخفاضه بنسبة 0.3 في المئة في مارس.
وأدى ذلك إلى نمو الاقتصاد بنسبة 0.3 في المئة فوق مستويات ما قبل الجائحة في عام 2020.
إلا أنه وفقاً للبيانات، يعكس نمو الناتج المحلي الإجمالي في أبريل انعكاس مسار الضغوط على قطاع الخدمات نتيجة لسوء الأحوال الجوية في مارس بدلاً من التحسن الملموس لمسار النمو الأساسي.
وتضمنت بيانات الناتج المحلي الإجمالي مؤشرات دالة على قيام الأسر بتقليص نفقاتها. حيث بدأ ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد تكاليف المعيشة في التأثير سلباً على قطاع السكن الخاص، الذي كان السبب الرئيسي للانخفاض الحاد في أنشطة البناء.
ونمت القطاعات التي تتعامل مع المستهلك بشكل مباشر على أساس شهري، إلا أنها لا تزال أقل بنسبة 8.7 في المئة عن مستويات ما قبل الجائحة. وتراجع نشاط قطاع التصنيع بنسبة 0.3 في المئة في أبريل، في ظل مساهمة أنشطة قطاعات الأدوية وأجهزة الكمبيوتر في تراجع الأرقام.
وعلى صعيد قطاع الخدمات، تسبب إضراب الأطباء المبتدئين الذي استمر على مدار أربعة أيام في تراجع أنشطة الرعاية الصحية والعمل الاجتماعي بنسبة 0.9 في المئة.
وسوف تساهم البداية شبه الإيجابية التي استهل بها الربع الثاني من العام في الحد من مخاطر الركود حالياً. إلا أن الرهانات على استمرار بنك إنكلترا في رفع سعر الفائدة خلال فترة الصيف تزيد من إمكانية حدوث تراجع في وقت لاحق من العام الحالي. وعلى صعيد سوق العمل، تعتبر البيانات الصادرة بمثابة مفاجأة كبيرة لأن بنك إنكلترا والاقتصاديين توقعوا تباطؤ سوق العمل في ظل الضغوط الناجمة عن رفع سعر الفائدة على مدار 12 مرة متتالية. وتدعم المجموعة الأخيرة من البيانات الرهانات على أن بنك إنكلترا سيرفع سعر الفائدة مرة أخرى في اجتماعه هذا الشهر إلى 4.75 في المئة. وارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار لينهي تداولات الأسبوع متخطياً حاجز 1.26 وصولاً إلى 1.2821.
أوروبا
وأظهر استطلاع ZEW لمعنويات الاقتصاد الألماني تحسن توقعات المستثمرين في يونيو.
إذ ارتفع مؤشر التوقعات إلى 8.5- نقطة مقابل 10.7- نقطة في مايو، متخطياً متوسط التوقعات.
إلا أن المعنويات المتعلقة بالظروف الحالية تراجعت مع استمرار انكماش قطاع التصنيع.
وتأثر الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو خلال شهر أبريل، إذ ارتفع بنسبة 1 في المئة على أساس شهري بعد انخفاضه بنسبة 3.8 في المئة في مارس.
ولم تكن البيانات الأساسية متفائلة، مما يفسح المجال لتسجيل إجمالي الإنتاج معدل نمو سلبي خلال الربع الثاني من العام.. وشهدت الاقتصادات الكبرى تطورات ضعيفة على صعيد الإنتاج في أبريل.
وكان الإنتاج الألماني ثابتاً، وسجلت فرنسا زيادة هامشية بنسبة 0.8 في المئة، بينما انكمش الإنتاج في إيطاليا وإسبانيا وهولندا.
وشهدت الديناميكيات الصناعية أداءً متبايناً على أحسن تقدير. واتسم أداء الطلبات الجديدة والطلب المحلي والعالمي بالضعف حتى الآن.
إلى جانب ذلك، فإن التأثيرات اللاحقة التي ترتبت على اضطرابات سلسلة التوريد بدأت في التلاشي. ومن المقرر أن يساهم انخفاض أسعار الطاقة بشكل إيجابي من منظور الإنتاج، إلا أن ذلك لم ينتج عنه تحسن النشاط حتى الآن.
ويفرض ارتفاع تكاليف الاقتراض رياح معاكسة أخرى امام الانتعاش بعد دخول الاقتصاد فنياً في حالة ركود بالربع الأول من عام 2023 واستيعاب موجة رفع البنك المركزي الأوروبي لسعر الفائدة.
حيث رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى في اجتماع يونيو وأشار إلى أن دورة التشديد النقدي لم تنته بعد.
وتم رفع سعر الفائدة على الإيداع إلى 3.5 في المئة، فيما يعد أعلى مستوياتها منذ 22 عاماً. كما أكد المسؤولون أنه سيتم وقف إعادة الاستثمار في إطار برنامج شراء الأصول البالغ 3.2 تريليونات يورو (3.5 تريليونات دولار) اعتباراً من الشهر المقبل - في خطوة تشديد أخرى تم الإعلان عنها في اجتماع السياسة النقدية لشهر مايو.
وكانت تلك القرارات مدعومة بتوقعات ربع سنوية جديدة تشير إلى أن التضخم سينخفض بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً في السابق، ليصل إلى 2.2 في المئة في عام 2025.
وارتفعت العملة الموحدة بعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي، متجاوزة 1.08 لتنهي تداولات الأسبوع مغلقة عند مستوى 1.0937.