نخبة من المثقفين والناشطين التقوا في دارة الأخ الطيب الدجاني، كان الكتاب وعالم النشر والأبحاث محور اللقاء، باعتباره «عضو اللجنة التنفيذية» وأحد أعضاء «مجلس الأمناء في مركز دراسات الوحدة العربية» ومركزه في بيروت.

شرح الظروف الصعبة التي يمر بها المركز نتيجة الأزمة الاقتصادية الكارثية التي يعيشها لبنان، وكان لرئيس مجلس الأمناء الأستاذ علي فخرو مداخلة مسجلة دعا فيها إلى دعم ومساندة المركز.

Ad

تشعب النقاش عن واقع الثقافة والنشر والقراءة اتفق فيها المشاركون على القول بأن هناك أزمة بل مشكلة عويصة يواجهها الكتاب العربي، خصوصاً في ظل تصاعد الكتاب الإلكتروني وإحجام «المثقفين» وغيرهم عن القراءة.

عند الحديث عن التراجع المخيف للقراءة وللكتاب، البعض يستحضر تجارب الغرب والأوروبيين ويعقد مقارنة بالواقع العربي، وهو تعبير عن حالة الانبهار «تجاه الأجنبي» بالدرجة الأولى، لكن المقارنة ظالمة لاختلاف البيئات الثقافية أولاً، والمزاحمة الشرسة من المنصات الإلكترونية ثانياً، والتي تستحوذ على النسبة الأكبر من المشاهدات وعمليات الشراء.

القائمون على مركز دراسات الوحدة العربية تشغلهم جداً فكرة إيجاد مصادر مالية تساعد في بقاء المركز واستمراريته، مثل أموال الوقفيات، والمشاريع المرتبطة بتحويله إلى مركز للدراسات والأبحاث والتدريب وجعله مرجعاً للباحثين والجامعيين.

دور النشر في لبنان تدفع ثمن الأزمة الاقتصادية أثماناً مضاعفة ويواجه أصحابها مصاعب حقيقية أدت إلى إغلاق عدد منها، وربما كانت دار «الساقي» في لندن أقرب مثال على مرارة أزمة القراءة والكتاب العربي.

شواهد كثيرة يمكن الاستدلال بها لتبيان حجم المصاعب، إنما أخطر ما يمكن مواجهته زحف تكنولوجيا الاتصالات وسحب البساط من تحت أرجل الكتاب الورقي، إضافة إلى الانكفاء العربي عموماً عن القراءة السليمة والحقيقية.

من يقرأ هذه الأيام؟ وكيف يقرأ؟ وهل بقي من يهتم بالقراءة؟ المراقب لحركة معارض الكتب في عواصم العالم العربي يشعر بالسعادة ومن بعيد، فما إن ينتهي معرض أبوظبي حتى يتبعه معرض الدوحة، وفي ظل هذه الحركة التي توقفت سنتين أو ثلاثاً أثناء جائحة كورونا وبعد استئناف دورتها الطبيعية لم نلحظ دراسات أو استطلاعات ترشدنا إلى حجم سوق الطباعة والنشر والقراءة للتعرف على اتجاهات القراء وأي نوع من الكتب تحقق مبيعات أكثر، وما الخيارات المتاحة أمام إيجاد سوق عربي واعد؟

خريطة النشر تغيرت مواقعها في العالم العربي، فعواصم القراءة والحريات التاريخية مثل بيروت والقاهرة وبغداد والمغرب، شاخت وتعبت لكنها ما زالت صامدة ومثابرة، في حين أن دول الخليج العربي تمكنت من توفير الدعم المالي للكتاب إلى حد كبير، وقدمت تسهيلات لا بأس بها بحيث مكنتها من الإقلاع والتوسع واستقطاب المؤلفين وتشجيعهم، وهذا عائد بالطبع للقدرات المالية والاقتصادية والاستقرار السياسي الذي تنعم به عواصم المنطقة الخليجية.

خلاصة القول، أن الكتاب العربي ليس بخير، والقارئ العربي يعيش النقيضين في آن واحد، يعيش جانبا مأخوذا بهموم معيشية مخيفة من ناحية، وآخر يعيش برفاهية مفرطة، وفوق هذا تقليص مساحة الحريات، وتزايد القيود على حرية التعبير والكلمة.

لم تعد القراءة ضرورة ولم تعد حافزاً لدى المثقفين والمفكرين الذين تم تدجينهم من بعض الأنظمة، وتحولوا إلى أدوات للحكام، وصار المثقف وسيلة ترويج ودعاية بدل أن يكون واجهة للتنوير والنقد والفكر الخلاّق.

كيف نعيد الاعتبار للكتاب ونحفز الناس على القراءة ونُعلي من شأن الحريات والنقد لخلق بيئة تهتم بالثقافة والمطالعة سواء كانت الوسيلة ورقية أم إلكترونية؟

المهم أن نقرأ لننتج بعيداً عن التسويق الرخيص وعالم الجن والأساطير والخرافات!!