قتلت قوات إسرائيلية 5 فلسطينيين وجرحت العشرات بالرصاص الحي خلال حملة مداهمات واسعة بالضفة الغربية المحتلة، حيث تعرّضت لكمين مُحكم اضطرها لطلب مساندة جوية من قبل مروحيات أباتشي أطلقت عدة صواريخ بالمناطق المأهولة بالسكان للمرة الأولى منذ انتهاء الانتفاضة الثانية عام 2002.

وأعلن الجيش الإسرائيلي تعرّض بعض مركباته العسكرية لأضرار إثر تفجير عبوات ناسفة خلال مغادرة جنين.

Ad

وذكر أن مروحيات حربية أطلقت نيرانها بعد رصد مسلحين فلسطينيين، وبهدف تمكين القوات من إخلاء 7 جنود جرحى بعد الكمين الاستثنائي الذي تعرّض له الرتل العسكري، وتخلله تبادل كثيف لإطلاق النيران. وأوضحت سلطات الاحتلال أن قوات الجيش و»وحدة المستعربين» قامت باعتقال مطلوبيْن فلسطينييْن بينهم الأسير المحرّر القيادي بحركة حماس، عاصم جمال أبوالهيجا.

إنقاذ صعب

وعصر أمس، أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ريتشارد هيشت، بأن جنودا مازالوا عالقين في سيارات الجيش التي تتعرّض لإطلاق نار وينتظرون إخراجهم من جنين بعد حملة المداهمات الصباحية. وأضاف هيشت: «ليسوا محاصرين، وانتقلوا إلى مركبات محمية أخرى تشارك في إخراجهم».

وأشار هيشت إلى أنه ليس من الواضح عدد الجنود الذين ينتظرون الإنقاذ، لكنّه أشار إلى أن 5 مركبات على الأقل عالقة. وقال: «لا يبدو الأمر جيداً، سيستغرق الأمر بضع ساعات، سيكون صعبا جداً».

تكتيكات ودعوات

ووفقاً لموقع والاه الاستخباراتي، باشر الجيش الإسرائيلي بعملية لإنقاذ قوات من وحدة المستعربين، بعد اكتشاف الفلسطينيين أمرها فجر أمس.

وذكر الموقع أن عناصر الجيش قالوا إن النيران فُتحت عليهم من داخل مسجد، وخلال عملية الإنقاذ، فُعّلت ضدهم عبوات ناسفة قوية اخترقت إحداها مركبة عسكرية، مما أدى إلى إصابة 5 جنود في أطرافهم. وعقب ذلك تمكنت مركبة عسكرية من الوصول إلى حاجز الجلمة الرابط بين الأراضي المحتلة عام 1948 ومدينة جنين، حيث انتظرتها سيارات الإسعاف وطائرة مروحية، نقلت المصابين للمستشفى. وأضاف الموقع أن الجنود الذين هبّوا لتخليص زملائهم فوجئوا بالعبوات الناسفة وقوتها، في حين أشارت تقديرات إسرائيلية إلى تعرّض آلية ضمن الرتل لقذيفة مضادة للدروع. في هذه الأثناء، تحدث مطلعون بإسرائيل عن أن التكتيكات التي اتّبعها الفلسطينيون خلال الاشتباكات الاستثنائية التي دارت بالقرب من مخيم جنين مستوحاة من الماضي القتالي في لبنان وغزة، فيما طالبت أوساط في اليمين الإسرائيلي بشنّ عملية عسكرية شمال الضفة الغربية.

ودعا وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إلى اجتماع عاجل للحكومة الأمنية المصغرة الإسرائيلية (الكابينت) و»البدء بعملية عسكرية واسعة شمال الضفة لإنهاء حالة التسلح هناك». ورأى عضو «الكنيست» عن حزب الصهيونية الدينية، تسفي سوكوت، أنه «يجب القضاء على الفصائل الفلسطينية المسلحة سريعاً في جنين» لمنع تحولها إلى «غزة ثانية».

وجاءت صدامات جنين في ظل تقديرات للمؤسسة الأمنية بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لشن عملية عسكرية واسعة النطاق تركّز على شمال الضفة، فيما عقّب وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت بالقول: «مقاتلونا تصرفوا في جنين بشجاعة وحذر كبيرين، ولن يكون للإرهاب ملاذ لا في جنين ولا في نابلس ولا في غزة. ومن ناحية أخرى سنعمل على ضمان الرخاء والرزق لكل مواطن فلسطيني».

مشاركة وزيارة

في المقابل، أعلنت «كتائب جنين» التابعة لـ «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، إطلاق عملية «بأس الأحرار» لردّ العدوان والتوغل الإسرائيلي بجنين.

وقالت حركة الجهاد الإسلامي، إنها شاركت في اشتباكات جنين، وهي من بين مناطق في شمال الضفة، التي شهدت مداهمات إسرائيلية مكثفة خلال الخمسة عشر شهراً الماضية.

وتزامن التصعيد بالضفة مع وصول رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، إسماعيل هنية، على رأس وفد، إلى طهران. وذلك بعد أيام قليلة من زيارة الأمين العام لـ «الجهاد» زياد نخالة، واجتماعه مع المرشد الأعلى علي خامنئي الذي طالب بـ «تركيع» إسرائيل. وتحدث تقارير عن أن هنية سيبحث مع المسؤولين الإيرانيين سبل استمرار مساعدات طهران لحركته بعد خلافات أعقبت رفضها «المشاركة الفعالة» بجولة القتال الأخيرة بين «الجهاد» وإسرائيل في غزة.

إدانة واسعة

في موازاة ذلك، دانت «الخارجية» الفلسطينية «التصعيد الإسرائيلي الخطير»، مشيرة إلى أن «قوات الاحتلال تطلق الرصاص الحي، وكذلك المروحيات الحربية بهدف القتل».

واعتبرت أن تزامن التصعيد الإسرائيلي مع الزيارة التي تقوم بها مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إلى تل أبيب، بهدف نزع فتيل التوتر الناجم عن تسريع وتسهيل الاستيطان بالأراضي المحتلة، هو بمنزلة استخفاف بموقف الولايات المتحدة.

واتهمت «الخارجية» الفلسطينية حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها ترمي لتصدير أزمات الائتلاف الحاكم ومشاكله بشأن خطة «إضعاف القضاء» إلى الساحة الفلسطينية. كما اتهمته بمحاولة تكريس الحلول العسكرية وإزاحة أهمية الحل السياسي للصراع من أجل إرساء السلام مع الفلسطينيين.

في هذه الأثناء، دانت كل من الكويت والسعودية وقطر ومصر والأردن وتركيا، الاعتداء الإسرائيلي، وما واكب ذلك من «عمليات قصف جوي وإطلاق نار ضد المدنيين».

وأعربت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، عن «رفض القاهرة الكامل للعدوان الذي يتعارض مع كل أحكام القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية».

وحذّرت من مخاطر استمرار التصعيد ضد الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن «مثل هذه الاعتداءات لا تؤدي إلا إلى تأجيج الأوضاع وتنذر بخروجها عن السيطرة وتقويض مساعي خفض التوتر في الأراضي المحتلة».

إلغاء أميركي

في السياق، بعثت أميركا برسائل إلى إسرائيل مفادها أن «منتدى النقب» الذي كان من المقرر عقده بمشاركة وزراء خارجية أميركا وإسرائيل ومصر والإمارات والبحرين مطلع يوليو المقبل في المغرب، سيتم تأجيله، بسبب المصادقة على خطط بناء نحو 4500 وحدة سكنية في المستوطنات بالضفة الغربية.