علمت «الجريدة»، من مصادر إيرانية رفيعة، أن الزيارة الخاطفة التي أجراها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى طهران، السبت الماضي، شهدت تباينات بين الجانبين الإيراني والسعودي رغم حرصهما على اعتماد لغة إيجابية نسبياً خلال المؤتمر الصحافي الذي جمع بن فرحان ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان.وذكرت المصادر أن بن فرحان أبلغ المسؤولين الإيرانيين أن الهدف من زيارته إلى طهران هو نقل رسائل سعودية لا إجراء أي مفاوضات، موضحة أن أولى هذه الرسائل تتعلق بإعادة افتتاح السفارة السعودية في طهران، إذ طالب بن فرحان طهران بحسم هذا الأمر سريعاً، وإعطاء المملكة جواباً نهائياً بشأن تغيير اسم شارعي السفارة في طهران والقنصلية في مشهد، أو السماح للسعودية بشراء عقار جديد في المكان الذي تريده.
وكانت «الجريدة» علمت أن الشارعين لا يزالان يحملان رسمياً اسم رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر الذي أعدمته المملكة بعد إدانته بتهم إرهابية قبل 7 سنوات، وهو ما نتج عنه اقتحام متشددين إيرانيين لمقري السفارة والقنصلية، وأدى ذلك إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ورغم أن إيران أزالت لافتة تحمل اسم النمر عن الشارعين بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق بكين لاستعادة العلاقات بين الرياض وطهران، فإن المجلس البلدي في مدينتي طهران ومشهد لا يزال يعرقل تغيير الاسم الرسمي للشارعين، ما يعني عملياً أن اسم النمر سيظهر عنواناً للسفارة والقنصلية في جميع المراسلات الرسمية أو أي معاملات أخرى، وهو ما ترفضه المملكة.
ويقيم الدبلوماسيون السعوديون حالياً في فندق سبيناس بالاس بطهران حيث خُصص دور كامل لإقامتهم، وآخر لتقديم خدمات قنصلية، وكذلك الأمر في مشهد.
وأوضحت المصادر أن صورة للجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي قتله الأميركيون في بغداد عام 2020، كادت أن تلغي المؤتمر الصحافي المشترك بين الجانبين، إذ رفض بن فرحان عقده في حال كانت الصورة خلفه، ولم يُعقد المؤتمر إلا بعد تغيير القاعة التي كانت معدة لاستضافته، بعد أن رفض الإيرانيون إزالة الصورة.
وذكرت أن بن فرحان طالب بأن يقرر الإيرانيون ما إذا كانوا يريدون اتخاذ خطوات إيجابية تجاه السعودية من عدمه، معتبراً أن المملكة هي من قامت أخيراً بمعظم الخطوات الإيجابية، في حين لم تقم إيران بأي مبادرة إيجابية إقليمية أو ثنائية، وشدد في هذا الشأن على ضرورة أن تضغط طهران على الحوثيين لتسريع عملية السلام في اليمن.
وبحسب المصادر، أكد الوزير السعودي ضرورة تفعيل إيران السريع للاتفاق الأمني الموقع بين البلدين في 2002 حسب اتفاقية بكين، والذي يدعو أحد بنوده إلى تبادل تسليم المطلوبين بين البلدين، مجدداً مطالبة السلطات الإيرانية بتسريع تسليم الرياض عدداً من المطلوبين السعوديين الذين لجأوا إلى طهران.
ولفت الوزير السعودي إلى أن الملك سلمان بن عبدالعزيز وجّه بعد توقيع اتفاق بكين بقليل، دعوة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة السعودية، ورغم إشارة الإيرانيين سابقاً إلى إمكانية زيارة رئيسهم للمملكة خلال موسم الحج الذي يحل بعد أيام، لم يكن هناك أي جواب رسمي من جانب إيران على الدعوة لإجراء التنسيق اللازم.
وخلال لقاء بن فرحان ورئيسي، شدد الأخير على أنه سيزور الرياض قريباً جداً، وقال إنه لم يتم إبلاغ السعوديين بأي رد على دعوة الملك سلمان، بسبب إصرار الرئاسة حتى اللحظة الأخيرة على ضرورة تنسيق مواعيد رئيسي وإيجاد فرصة لإجراء الزيارة خلال موسم الحج.
وكان بن فرحان قال، خلال المؤتمر الصحافي، إنه أجرى لقاء إيجابياً وواضحاً مع عبداللهيان، وعبر عن أمله أن ينعكس الاتفاق الإيراني ــ السعودي على استقرار المنطقة، مشيراً إلى قرب افتتاح السفارة السعودية في طهران.