بعد أيام من تحريك الأسلحة النووية التكتيكية خارج حدود روسيا للمرة الأولى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ونشرها في بيلاروسيا المجاورة، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن تهديد نظيره الروسي فلاديمير بوتين باستخدام السلاح النووي «حقيقي»، رغم التقديرات الاستخبارية والعسكرية الأميركية التي أشارت إلى عدم وجود مؤشرات على استعداد موسكو لاستخدام أسلحة الدمار الشامل الذرية.

وعشية تهديد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بضرب مراكز صنع القرار في أوكرانيا، قال بايدن، لمجموعة من المتبرعين في كاليفورنيا أمس الأول: «عندما كنت هنا قبل نحو عامين أقول إنني قلق من جفاف نهر كولورادو، نظر إلي الجميع وكأنني مجنون، ونظروا إليّ النظرة نفسها عندما قلت إنني قلق بشأن استخدام بوتين أسلحة نووية تكتيكية. هذا حقيقي».

Ad

وكان الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، أعلن، الخميس الماضي، تسلمه من روسيا أسلحة نووية تكتيكية، بعضها أقوى ثلاث مرات من القنابل الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي عام 1945. ووصف بايدن، السبت الماضي، إعلان بوتين، الجمعة، نشر أسلحته النووية التكتيكية خارج روسيا بأنه «تصرف غير مسؤول تماماً». وكان البيت الأبيض ووزير الخارجية أنتوني بلينكن صرحا بشكل متتالٍ يوم الجمعة، بأن الولايات المتحدة لا ترى سبباً لتغيير وضعها النووي، وليس لديها ما يشير إلى أن روسيا تستعد لاستخدام أسلحة نووية قريباً.

القرم والضربة الكبرى

إلى ذلك، اتهم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قيادة القوات المسلحة الأوكرانية بالتخطيط لضرب شبه جزيرة القرم بصواريخ هايمرز الأميركية وستورم شادو البريطانية.

واعتبر شويغو، خلال اجتماع لإدارة الدفاع، أن استخدام هذه الصواريخ خارج «منطقة العمليات الخاصة» سيعني المشاركة المباشرة للولايات المتحدة وبريطانيا في النزاع بشكل كامل، وسيستلزم ضربات فورية على مراكز صنع القرار في أوكرانيا.

بدوره، أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف، على هامش اجتماع منظمة معاهدة الأمن الجماعي في مينسك، أن رفض «الناتو» لتجميد الصراع في أوكرانيا يعني أنه يريد القتال، وأكد أن موسكو جاهزة للمواجهة.

وفي حين جدد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ التأكيد أن الوقوف إلى جانب أوكرانيا في حقها بالدفاع عن النفس لا يعني أنه طرف في الصراع، قال مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين، إن الجيش يصدّ هجوماً مضاداً لتجمع قوات «الناتو» وليس هجوماً للقوات الأوكرانية. وأضاف أن الهجوم المضاد يتم خلاله استخدام الأفراد العسكريين الأوكرانيين كقوة بشرية فقط.

وطلب النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي عقد اجتماع لمجلس الأمن في 29 الجاري، لبحث مسألة إمداد كييف بالأسلحة.

وعلى الأرض، شنت روسيا فجر أمس ثاني أكبر هجوم جوي باستخدام طائرات مسيرة من طراز شاهد الإيرانية، استهدف معظمها كييف ومدينتي لفوف (غرب) وزابوريجيا.

وأكدت هيئة الأركان الأوكرانية أن دفاعاتها الجوية دمرت 28 من بين 30 طائرة درون، تم إسقاط 20 منها حول العاصمة فقط.

وكتب رئيس الإدارة المحلية في لفوف ماكسيم كوزيتسكي، أن مسيّرات أصابت «منشأة حيوية»، في حين أشارت الإدارة العسكرية في زابوريجيا الى أن المدينة ومحطيها تعرضا لـ «هجوم كثيف بصواريخ إس-300» على أهداف مدنية.

وقالت نائبة وزير الدفاع هانا ماليار، إن القوات الأوكرانية استعادت قرية بياتيخاتكي الواقعة في قطاع شديد التحصين من خط المواجهة بالقرب من أقرب الطرق المباشرة إلى ساحل بحر آزوف، مضيفة: «لن يتخلى العدو بسهولة عن مواقعه، وعلينا أن نعد أنفسنا لمواجهة صعبة. الجيش يتحرك وفق المخطط والضربة الكبرى لم تأت بعد».

وقالت إن أشرس القتال يدور في شرق وجنوب أوكرانيا. وبشكل منفصل، قالت إن الجيش الأوكراني منع تقدماً روسياً في الشرق، حيث يركز وحداته، بما في ذلك قوات سلاح الجو.

وفي وقت سابق، شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن جيشه لم يخسر أي أراض خلال الهجوم المضاد الجاري منذ أقل من أسبوعين ضد القوات الروسية بل سيطر على مساحات واسعة.

وقال زيلينسكي، في خطاب المسائي اليومي: «في بعض المناطق يتقدم مقاتلونا للأمام وفي بعض المناطق يدافعون عن مواقعهم ويقاومون اعتداءات المحتلين وهجماتهم المكثفة. لم نخسر أي مواقع. فقط مواقع محررة». ووعد زيلينسكي مرة أخرى مواطنيه بأن العلم الأوكراني الأزرق والأصفر سيرفرف في النهاية مرة أخرى فوق جميع المناطق المحتلة حاليا في الجنوب والشرق.

محاكمة نافالني

وفي موسكو، واجه المعارض الروسي أليكسي نافالني عقوبة قد تصل إلى السجن عشرات السنوات في محاكمة جديدة بتهمة «التطرف» وبـ «إعادة تأهيل الأيديولوجية النازية» بدأت أمس الأول خلف أبواب موصدة.

ويقضي نافالتي، الذي نجا بصعوبة في عام 2020 من عملية تسميم عزاها إلى الكرملين، عقوبة بالسجن تسعة أعوام بتهمة الاحتيال، في قضية يعتبر مؤيّدوه أنّها عقاب له على معارضته للكرملين.