قضت المحكمة الدستورية، أمس، برفض الطعن المباشر بعدم دستورية مواد التماس إعادة النظر في المواد التجارية والمدنية بقانون المرافعات، مؤكدة عدم وجود أي مخالفات في المواد المطعون عليها، وذلك في الدعوى المقامة من أحد المواطنين.
وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، أمس، الذي أصدرته برئاسة المستشار فؤاد الزويد وعضوية المستشارين عادل البحوه وصالح المريشد وعبدالرحمن الدارمي وإبراهيم السيف، إن المشرع قد حدد القواعد الإجرائية التي تحكم الخصومة المدنية في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومنها طرق الطعن في الأحكام الصادرة فيها، وجعل منها التماس إعادة النظر الذي اعتبره طريقاً غير عادي للطعن في الأحكام قصره في المادة 148 السالفة البيان على الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الحالات التي حددها على سبيل الحصر، مخرجاً من نطاقه الأحكام الباتة الصادرة من محكمة التمييز.
وأضافت المحكمة أنه لم يجز في الفقرة الأخيرة من المادة 156 من ذات القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية باعتبارها قمّة جهة القضاء وخاتمة المطاف فيما يُعرض عليها من قضية، كما أن لها القول الفصل في مدى اتفاق أحكام هذا القضاء وصحيح حكم القانون لدى مراجعتها وتمحيصها، وجاء النص على ذلك واضحاً لا يشوبه أي غموض.
قواعد الخصومة
وتابعت: أما القواعد الإجرائية للخصومة الجزائية فقد نظمها المشرع في القانون رقم 17 لسنة 1960 يإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، والذي جرى تعديله بالقانون رقم 11 لسنة 2020، وأجاز فيه بموجب التعديل الأخير في المادة رقم 312 مكرراً منه التماس إعادة النظر في الأحكام الجزائية الباتة الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في أحوال محددة على سبيل الحصر، يكون للنيابة العامة التحقق منها وإجراء التحقيقات اللازمة بشأنها قبل رفع الالتماس إلى المحكمة المختصة.
المراكز القانونية للمتقاضين
وأوضحت أن هذا التباين في القواعد الإجرائية التي تحكم الخصومة في الحالتين كان مرجعه تغاير وقائع كل منهما والمراكز التي تواجهها والأشخاص المخاطبين بها، مما مؤداه اختلاف المراكز القانونية للمتقاضين أمام المحاكم الجزائية عن المتقاضين أمام المحاكم المدنية، فلا يكون المشرّع قد أقام تمييزاً غير مبرر بينهما، ذلك أن وضع قواعد موحدة لاقتضاء الحقوق أو الدفاع عنها أو الطعن على الأحكام الصادرة فيها لا يكون إلا في الخصومة عينها التي تتحد المراكز القانونية للخصوم فيها.
ولفتت المحكمة الى أن النعي على نص المادتين المطعون فيهما بإخلالهما بحق التقاضي، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت هذه المسألة بحكمها الصادر بجلسة 2015/12/20 في الطعن المباشر رقم 23 لسنة 2015 دستوري»، والذي قضت فيه برفض الطعن بعدم دستورية ما تضمنته هاتان المادتان من قصر الحق في الطعن بطريق التماس إعادة النظر على المحكوم عليهم بأحكام انتهائية، وحجبه عن المحكوم عليهم بأحكام باتة صادرة من محكمة التمييز لعدم إخلال هاتين المادتين بحق التقاضي، فيكون هذا القضاء قد حاز حجية مطلقة في خصوص المسألة الدستورية التي حسمها، فلا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً، ولا يجوز المجادلة في ذات المسألة وإعادة طرحها من جديد لمراجعتها.
وبيّنت المحكمة أن تقرير الحق في التماس إعادة النظر في الأحكام الباتة الصادرة من محكمة التمييز هو عمل تشريعي أصيل يتولاه المشرع فيحدد ملاءمته ونطاقه ملتزماً بالضوابط الدستورية، مؤكدة أن هذه المحكمة لا تتجاوز وظيفتها القضائية بمعاييرها وضوابطها إلى وظيفة التشريع، كما لا شأن لها بالسياسة التشريعية التي ينتهجها المشرّع لتنظيم أوضاع معيّنة.