كشف تقرير حديث، أنه من الناحية النظرية، يمكن أن تكون تخفيضات الجنيه المصري مقابل الدولار خطوة مفيدة في تقليل الاختلالات الكلية ومعالجة العجز الكبير في الحساب الجاري. وفيما عانت الميزانية تاريخياً من عجز في الحساب الجاري، إلا أنه كان معتدلاً. لكن من الناحية العملية، فإن خفضا جديدا للجنيه ليس هو الحل الأفضل.

وأوضح «دويتشه بنك»، في مذكرة بحثية حديثة، أنه في تقييم الاستدامة الخارجية لميزان الحساب الجاري للسنة المالية 2020/2021، وجد صندوق النقد الدولي أن عجز الحساب الجاري المعدل دورياً لمصر كان أكبر بقليل من المستوى المطلوب.

Ad

وبعد التخفيضات السابقة في قيمة العملة، شهدت مصر بالفعل تحسنًا ملموساً، حيث عاد حسابها الجاري إلى فائض طفيف في الربع الرابع من عام 2022. وتقلص عجز الميزان التجاري بشكل ملحوظ خلال النصف الثاني من العام الماضي. وكان الانخفاض في الواردات مدفوعًا بضعف الطلب ونقص العملات الأجنبية ومتطلبات خطابات الاعتماد. لكن الحصة الكبيرة من واردات الأغذية غير المرنة بالعملات الأجنبية تحد نسبيًا من نطاق المزيد من الانكماش.

في المستقبل، من المتوقع أن يظل الطلب على الواردات ضعيفًا، رغم إلغاء متطلبات خطاب الاعتماد في نهاية عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تثبت عائدات السياحة دعمها خلال موسم العطلات. ورجح التقرير أن يكون عجز 2023 أضيق مقارنة بالعام السابق.

وتميل العملات الواقعة تحت هذا القدر من الضغط إلى مواجهة تقييمات ممتدة. وبعد 3 تخفيضات سابقة، لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للجنيه المصري. بعد آخر تخفيض لقيمة العملة في 23 يناير الماضي، بدا الجنيه في البداية مقومًا بأقل من قيمته بنسبة 20 في المئة. منذ بداية العام، أدى استقرار سعر الصرف إلى تصحيح الجنيه جزئي، لكن العملة لاتزال رخيصة بنحو 10 في المئة.

وأدى ضعف الطلب على الدولار في مصر خلال الوقت الحالي إلى تكبد المضاربين بالسوق السوداء خسائر عنيفة.

وكشف متعاملون في السوق الموازية للصرف في مصر، تراجع الطلب على الدولار بنسب كبيرة خلال الفترة الماضية خاصة منذ حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن الأزمة وتأكيده على إرجاء أي تخفيض جديد في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار خلال الفترة الحالية.

وقال أحد التجار، طلب عدم ذكر اسمه، إن الطلب حالياً على الريال السعودي بسبب قدوم موسم الحج واستمرار فتح الزيارات إلى السعودية، ما رفع الطلب على الريال السعودي الذي سجل ارتفاعات قياسية ليصل في بعض التعاملات إلى 12 جنيهاً، مقابل 8.25 جنيهات في السوق الرسمية.

وأشار إلى أنه مع تراجع أو انهيار الطلب على الدولار، فقد تراجعت أسعاره في السوق الموازية من مستوى 40 جنيهاً في بداية الشهر الجاري إلى مستويات أقل من 37 جنيهاً، بل وصلت في بعض الأيام إلى مستوى 34 جنيهاً، وهو ما تسبب في تكبد عدد كبير من التجار في خسائر عنيفة.

وفي إطار تحركات الحكومة المصرية لاحتواء أزمة شح الدولار، أعلنت عن تشكيل وحدة خاصة لتسريع برنامج الطروحات. ومن المقرر أن تجتمع اللجنة لأول مرة قريبا لتسريع صنع القرار لمجلس الوزراء من خلال الإشراف على البرنامج والعمل مباشرة مع مؤسسة التمويل الدولية. وستختص الوحدة المرتقبة بالإشراف على إجراءات برنامج الطروحات، وتتابع عروض الاستحواذ، وتتلقى توصيات مؤسسة التمويل الدولية، فضلا عن الاطلاع على طلبات المستثمرين، ومتابعة التقدم المحرز، مع تقديم تقارير دورية لمجلس الوزراء. كما ستحدد الوحدة أيضا جداول زمنية لمبيعات الحصص بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية.

ويوم الأحد الماضي، أعلنت الحكومة المصرية، تعيين مؤسسة التمويل الدولية كمستشار استراتيجي لها بشأن برنامج الطروحات.

وتستهدف الحكومة المصرية بيع حصص في 32 شركة مملوكة للدولة على الأقل بحلول مارس 2024 من خلال الطروحات العامة في البورصة المصرية، أو مبيعات الحصص للمستثمرين الاستراتيجيين، أو مزيج من الأمرين.