إن التعهدات النيابية التي طالت كل النواحي خلال الحملات الانتخابية، وما تبعها بعد النجاح، وما تخللها في قاعة عبدالله السالم، يجب أن تكون واقعا لا كلاما يتكرر كالعادة، وسرعان ما يتبخر مع الأيام، ويتبعه تبريرات طالت الآفاق، وبالتالي فإن المسؤول عن التزام هؤلاء بتعهداتهم هو الشعب الذي يفترض أن يكون حاضراً ورقيباً على أعمال النواب ومحاسبتهم ومواجهتهم أولاً بأول، حتى يعوا جيدا أن المحاسبة لا تقف عند صناديق الاقتراع، ويكونوا أكثر حرصا وصرامة في متابعة أعمالهم بالأمانة والصدق، وحتى لا يكون مصيرهم في الانتخابات المقبلة كمن سبقهم خارج الحسابات.
إن إطلاق البيانات حول الرؤى المكتوبة على الورق لا يعد مكسباً بقدر متابعتها وإقرارها وإصدارها بقوانين ملزمة، لأننا تعبنا ومللنا من البيانات المكتوبة والاقتراحات التي غطت نواحي وممرات ودهاليز مجلس الأمة، فمن السهل الكلام لكن من الصعب التطبيق، وكل ذلك سيتضح خلال الأيام القادمة التي نتمنى أن تكون بعيدة كل البعد عن استعراض القدرات الخارقة وغيرها من الممارسات التي شوهت العملية الديمقراطية، ومحاولات البعض المكشوفة لتضليل الرأي العام حول المطالب الشعبية.
إن الظروف الحالية مواتية لإقرار القوانين الشعبية والاستحقاقات والمطالبات المشروعة نظرًا لوجود أغلبية نيابية قادرة على تحقيق ذلك، والأجدر بهم البدء بتقديم هذه المطالبات دون أي تسويف، حتى لا تكون مصداقيتهم على المحك، وعلى أصحاب البطولات عدم التلكؤ وإثارة الشارع بأمور وهمية لأسباب معروفة وتنسيق مسبق خلف الستار لإشغال الجميع حتى لا يفوا بتعهداتهم خلال حملاتهم الانتخابية بعد النجاح. وفي الاتجاه الآخر على سمو رئيس الوزراء استثمار هذا الالتفاف حوله والدعم النيابي له في رد التحية للشارع الكويتي بتعاون حقيقي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وطرح برنامج عمل قابل للتطبيق يواكب متطلبات المرحلة الحالية، مع وضع جميع المطالب الشعبية على طاولة الحوار، والإقرار دون أي تجاهل أو تصعيد أو تعطيل كما حدث في المجلس المبطل.
وعلى الحكومة والمجلس طي صفحات الماضي الحزين وفتح نوافذ جديدة شعارها التعاون والاستقرار والإنجاز والتنفيذ والرقابة والمحاسبة، والأخذ بكل اقتراحات من شأنها الارتقاء بالعمل المشترك بين السلطتين حتى لا ندفع الثمن مجدداً بسبب صراع وهمي أو عناد ومكابرة وتعال وعدم تفاهم أوجعنا مرارا وتكرارا، خصوصاً بعد أن تنفسنا الصعداء بعودة وزراء قادرين على عمل توازن بين السلطتين وتصحيح المسار والشعور بأغلبية المواطنين الذين يعانون ضغوط الحياة بعد أن سعى بعضهم إلى حرمانهم من أبسط حقوقهم.
آخر السطر:
الأيام القادمة حبلى بالعديد من الأمور وسط ترقب الجميع لما ستسفر عنه آلية العمل بين السلطتين.