تتجه الأنظار في لبنان إلى ما بعد زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، والذي أكد أن زيارته استطلاعية واستكشافية. وسيعمل لودريان على تجميع مواقف القوى المختلفة لدراستها من جانب الرئاسة الفرنسية والفريق الذي يتابع الملف اللبناني، وبناءً عليها ستتحرك باريس مجدداً، إما باتجاه الرياض، أو باتجاه بيروت عبر زيارة جديدة لتقديم طرح معين.

وتشير المعلومات أيضاً إلى أنه بعد إعداد التقرير الفرنسي، يُفترض أن تجري زيارة للمسؤولين السعوديين عن الملف اللبناني إلى باريس، لعقد اجتماع، واستكمال المباحثات التي على أساسها يمكن أن يتم اتخاذ قرار بإعادة تفعيل عمل الاجتماعات الخماسية.

Ad

ولم يحمل لودريان في زيارته أي طرح جديد، في حين تتضارب التفسيرات لفحوى لقاءاته، فالفريق الداعم لسليمان فرنجية يعتبر أن باريس لم تغيّر مقاربتها، ولا تزال تتعاطى بواقعية ولا تمانع انتخاب فرنجية في حال تم التوافق عليه، في المقابل يعتبر معارضو فرنجية أن باريس أصبحت مضطرة لتغيير مقاربتها، وعدم قدرتها على تجاوز نتائج جلسة 14 يونيو الرئاسية أو تجاوز موقف المسيحيين.

ما بعد جولة لودريان الاستطلاعية لا بد أيضاً من التوقف أمام 3 محطات أساسية؛ الأولى لقاؤه مع سفراء الدول الخمس المهتمة بالملف اللبناني في قصر الصنوبر، والثانية، رفعه التقرير إلى الإليزيه للبحث في كيفية التعاطي بعد كل ما تجمّع لديه من مواقف، أما الثالثة فهي ترقب لزيارة سيجريها المسؤول السعودي عن الملف اللبناني نزار العلولا إلى باريس بعد عيد الأضحى ولقائه المسؤولين هناك، على أن يتم البحث في كل ما جرى التوصل إليه، وهو ما قد يمهّد الطريق إلى إعادة عقد اجتماع خماسي بين مسؤولي الدول الخمس الذين سبق أن اجتمعوا في باريس خلال فبراير 2023.

لا بد من انتظار توفر ظروف إقليمية ودولية تقود إلى الاتفاق على تسوية. وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية غربية فإنه في اللقاء بين الإيرانيين والسعوديين السبت الفائت في طهران ولدى البحث في الملف اللبناني، كانت إيران حريصة على انخراط السعودية بالملف اللبناني، وتسعى إلى التعاون معها. صحيح أن إيران توكل إدارة هذا الملف وتفاصيله إلى «حزب الله»، ولكن لها حيثية مؤثرة على قاعدة التشاور وتقديم النصائح.

وتقول المصادر الغربية إن هناك رهانات لا تزال قائمة على إمكانية دفع إيران لمطالبة «حزب الله» بالتخلي عن ترشيح فرنجية، والذهاب إلى مرشح توافقي يكون مقبولاً في الداخل والخارج، ولكن هذا لا يمكن أن يتم بدون حصول إيران و«حزب الله» على ضمانات، وليس بالضرورة أن تكون سياسية أو عسكرية فقط، بل أيضاً ضمانات اقتصادية واستثمارية، خصوصاً أن الحزب يريد أن يزيح عن كاهله أعباء الاتهامات بأنه يتسبب في عزل لبنان وانهياره مالياً واقتصادياً.

وبالتالي فإن دخول السعودية من باب الاستثمارات والمساعدات للبنان هو أحد المطالب الأساسية لدى إيران، وهذه محاولة لإعادة إحياء معادلة شهدها لبنان في التسعينيات، أي في حقبة رفيق الحريري وتناغمه مع «حزب الله»، والتي كانت مرحلة تستمد قوتها من الانسجام الإيراني- السعودي في عهد الرئيس محمد خاتمي. إعادة تعبيد هذا المسار، ستحتم الذهاب للبحث عن مرشح توافقي، في حين يعتبر البعض أنه في ظل هذه المعادلة فإن الأنظار قد تتجه مجدداً نحو قائد الجيش جوزيف عون.