الأفاضل، ممثلي مجلس الأمة وأعضاء لجنة شؤون البيئة والأمن الغذائي والمائي د. بدر الملا ود. حمد المطر وحمدان العازمي وعبدالله فهاد وفايز الجمهور، أمامكم تحديات جادة تنتظركم فيما يتعلق بالملف البيئي الذي حملنا همه، ورفعنا رايته، نحن ومجموعة كبيرة من المتطوعين والناشطين البيئيين من الجيل السابق وجيل الشباب على مر عقود من الزمن، ومنهم الأخ الفاضل الدكتور حمد المطر.
لقد قاد المتطوعون والمختصون لواء حماية البيئة من منطلقات وطنية تجاه القضايا البيئية، وتحملوا كل أنواع التشكيك، وبعضهم وجهت إليهم التهم لكنهم لم يكلوا أو يتنازلوا عن دورهم، لذلك من حقهم عليكم أن تستمعوا لآرائهم ووجهات نظرهم فيما يخص حماية البيئة ورأيهم في أداء الهيئة العامة للبيئة.
قبل الخوض في متطلبات المرحلة المقبلة لا بد من سرد بعض الحقائق العلمية المتعلقة بالشأن البيئي الكويتي، والموثقة على موقع مؤشر القياس الصادر عن مركز «ييل» للقانون والسياسة البيئية بالتعاون مع مركز شبكة معلومات علوم الأرض الدولية التابع لمعهد الأرض بجامعة كولومبيا الذي يحظى باحترام ومصداقية علمية عالية.
بالرغم من السياسات العامة لحكومة دولة الكويت التي أولت المحور البيئي في برنامج عملها مجموعة من الأهداف للحد من ملوثات الهواء وانبعاث الغازات الضارة والسيطرة على مصادر الغبار وإدارة النفايات وتدويرها والمحافظة على النظام الإيكولوجي، فإن بعضها لم ينعكس على أرض الواقع رغم الوعود التي يطلقها مسؤولو الهيئة العامة للبيئة.
بالرجوع إلى مؤشر القياس البيئي (EPI) تجد دولة الكويت تقع في المرتبة 87 بدرجة 42.40، وهو تصنيف متأخر إذا ما نظرنا إلى الإمكانات المادية التي تقدمها الحكومة وما لديها من الطاقات الشبابية من أصحاب الاختصاص ومقارنتها مع الدول التي تتصدر مؤشر الأداء البيئي العالمي، علما أن هذا المؤشر يستخدم 40 أداء قياس عام موزعة على 11 فئة لـ180 دولة تقيس تغير المناخ والصحة البيئية وحيوية النظام البيئي.
ولِنتَمعن أكثر في مؤشر الأداء البيئي لدولة الكويت وإلى المحور الصحي لعام 2022 وفي البند المتعلق بجودة الهواء تجدها تقع في ذيل القائمة:
• نسبة الجسيمات العالقة في الهواء (PM2.5) بالمرتبة 144
• أكسيد الكربون بالمرتبة 156
• ثاني أكسيد النيتروجين 174
• ثاني أكسيد الكبريت 174
هذا المؤشر لا يوفر البيانات الخاصة بالوضع البيئي للدول فقط، لكنه يساعد حكوماتها في اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة أوجه القصور وتحسين الوضع البيئي العام للدولة.
لقد طالبنا في السابق بضرورة نقل تبعية الهيئة إلى مجلس الأمة لضمان استقلاليتها الرقابية أو على أقل تقدير إسناد تبعيتها للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، كما نص عليه مرسوم إنشائها لضمان عدم تعارض الاختصاصات مع بقية الوزارات كما حصل في المرات السابقة.
اليوم تتداعى دول العالم لعقد المؤتمرات البيئية لمعالجة التدهور البيئي، وعلى جميع الصعد، حتى أن الأمم المتحدة ضمت المحور البيئي إلى أهداف التنمية المستدامة الرئيسة، وجعلت منه المحور الشريك في معظم أهداف التنمية المستدامة.
أهمية المحور البيئي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً مع الاقتصاد العالمي حتى صار مفهوم الاقتصاد البيئي من العلوم التي تدرس في معظم الجامعات، وتوليه الحكومات جل اهتمامها لما له من أهمية في حياة الشعوب، ولدوره المهم في التنمية الاقتصادية المستدامة.
مفهوم الاقتصاد البيئي أصبح علماً قائماً بذاته، وله أفرع كالاقتصاد الأخضر والأزرق اللذين يشكلان الأساس لكل اقتصادات دول العالم بسبب حجم الاستثمارات العالمية وحجم العمالة المرتبطة بهما، ولتقريب الصورة لك أن تتصور حجم الاستثمار العالمي في المحيطات والبحار والمسطحات المائية قد لامس الترليون والنصف دولار والعاملين في هذا القطاع 350 مليون إنسان.
في العام الماضي احتضنت جمهورية مصر العربية مؤتمر المناخ، وهذا العام ستحتضن دولة الإمارات العربية المتحدة هذه التظاهرة العالمية لمعرفتها بأهمية الاستثمار في الموارد والطاقات المتجددة، وأثرها على استمرارية وديمومة الموارد المستنفدة.
المبادرات العالمية والإقليمية تنطلق من حوالينا، فهذه المملكة العربية السعودية أطلقت مبادرتين خلال الفترة الماضية تمثلتا في مبادرة الشرق الأوسط الأخضر والسعودية الخضراء، في حين نحن في الكويت نقف عاجزين عن معالجة حرائق الإطارات التي حدثت مرتين خلال الشهر الحالي.
نقولها وفي الفم غصة بأن الكويت وبالرغم من الإمكانات المادية والبشرية المتمثلة في أبنائها خريجي العلوم البيئية وحملة الشهادات الجامعية والعليا فإنه مع الأسف ليس لديها مبادرة تسع أبناءها وتكون إضافة للاقتصاد البيئي المبني على التوازنات مع الموارد الطبيعية المتجددة والموارد الطبيعية المستنفدة
حتى هذه اللحظة، ولا أعرف الوزير المعني الذي ستلحق تبعية الهيئة العامة للبيئة له، إلا أني أناشده بأن يوجه جزءاً من وقته لهيئة البيئية للوقوف على الوضع الإداري والفني الذي وصلت إليه، وأن يفتح بابه لسماع هموم أبنائه العاملين، ويمكنها من أداء دورها الوطني تجاه البيئة الكويتية.
ودمتم سالمين.