مع تلقيه طلباً لتسليح الحرس الوطني بالسلاح الثقيل والدبابات، سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته، بمراسم تكريم عسكريين ورجال أمن ساهموا في إحباط التمرد المسلح الذي أطلقه قائد قوات «فاغنر» العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين، في 24 يونيو الجاري، إلى التأكيد على وحدة الصف بين الجيش والشعب وعدم تأثر حملته العسكرية بأوكرانيا.
وقال بوتين، في كلمة خلال مراسم التأبين التي أقيمت بمشاركة قادة وضباط بالجيش في موسكو، إن «القوات المسلحة والأمنية أوقفت فعلياً وقوع حرب أهلية، والجيش والشعب لم ينضما للمتمردين».
وأضاف الرئيس، أنّ «الجنود الروس وقفوا في الوقت الصعب أمام التمرد الذي كان قد تحوّل إلى فوضى». ولفت إلى أنّ «التحرّك السريع والدقيق لقواتنا حال دون وقوع ضحايا في صفوف المدنيين».
وشدد بوتين على أنّه «خلال محاولة التمرّد لم نستعن بالوحدات القتالية الموجودة في منطقة العملية الخاصة» بأوكرانيا.
وتوجه بالشكر إلى جميع أفراد القوات المسلحة وأجهزة إنفاذ القانون والأجهزة الأمنية الخاصة على شجاعتهم وبسالتهم وولائهم للشعب الروسي وللقسم العسكري.
ورأى أن موقفهم الحاسم في إحباط التمرد ومنع وقوع إصابات بين المدنيين عزز تماسك المجتمع وأظهر مسؤوليتهم حول مصير الوطن ومستقبله.
وأشاد الرئيس بالطيارين الذي لقوا حتفهم أثناء التمرد، مشدداً على أنه قاموا بواجبهم بشرف. ووقف بوتين دقيقة صمت حداداً على أرواح الطيارين الذين لقوا حتفهم بنيران «فاغنر» التي أنهت تمردها فجأة بعد نحو 36 من إطلاقه وعادت إلى ثكناتها بموجب اتفاق توسط فيه رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو السبت الماضي لوقف زحف المتمردين باتجاه موسكو.
وتحسباً لأي تحرك مماثل، كشف رئيس الحرس الوطني فيكتور زولوتوف أنه ناقش مع بوتين تسليح قواته بأسلحة ثقيلة ودبابات، مؤكداً أنه تلقى معلومات عن استعداد «فاغنر» للتحرك قبل بدء تمردها فاغنر بيوم. وأرجع سرعة تقدم «فاغنر» بسبب تركيز القوى العسكرية في موسكو، مؤكداً أن أي استفزازات كانت ستقمع.
تسليم وإغلاق
في هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن مقاتلي «فاغنر» يستعدون لتسليم معداتهم العسكرية الثقيلة إلى وحدات الجيش التي تشارك بالعمليات في أوكرانيا.
وغداة تقرير لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية يفيد بعدم إغلاق القضية الجنائية المتعلقة باتهام قائد «فاغنر» يفغيني بريغوجين، بالتحريض على التمرد رغم الحديث عن تضمن وساطة بيلاروس لذلك، أفادت هيئة جهاز الأمن الفدرالي الروسي بإغلاق القضية الجنائية المتعلقة بأحداث السبت الماضي. ونقل عن جهاز الأمن الفدرالي، قوله: «في سياق التحقيق في قضية جنائية بدأها قسم التحقيق في الأمن الفيدرالي في 23 يونيو بموجب المادة 279 من القانون الجنائي الروسي، بشأن وقوع تمرد مسلح، ثبت أنه في يوم 24 يونيو، أوقف المشاركون في التمرد الأعمال التي كانت قد تؤدي إلى حدوث جرائم جنائية، ومع مراعاة هذه الظروف وغيرها من الملابسات ذات الصلة بالتحقيق تم في 27 يونيو إصدار قرار هيئة التحقيق بإغلاق القضية الجنائية».
غموض ووفاء
وفي وقت لاحق، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إنه ليس لديه معلومات عن مكان وجود بريغوجين. وأضاف أن الاتفاق الذي ينهي التمرد يجري تنفيذه، وأن الرئيس بوتين يفي بكلمته دائماً، مشيراً إلى أنه لا يعرف عدد مقاتلي «فاغنر» الذين سيوقعون عقوداً مع وزارة الدفاع بعد الصفقة التي أنهت التمرد. وكان الكرملين، قال في وقت سابق إنّ بريغوجين سينفى إلى بيلاروس المجاورة.
وفي السياق، أقلعت طائرة رجال أعمال من طراز «إمبراير ليغاسي 600» من مدينة روستوف الروسية، صباحاً، وهبطت في مطار عسكري بالعاصمة البيلاروسية مينسك، ويعتقد أنها كانت تقل بريغوجين.
من جانب آخر، نفى الكرملين أن يكون التمرد قد أضعف بوتين مع أنه تسبب بأسوأ أزمة تشهدها روسيا منذ وصوله إلى السلطة قبل أكثر من 20 عاماً. ورأى بيسكوف أن «هذه الأحداث أظهرت إلى أي مدى يلتف المجتمع حول الرئيس».
علاج منقوص
إلى ذلك، رأى الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو أن «التوتر القائم منذ فترة بين الجيش الروسي ومجموعة فاغنر، لم يُعالج كما يجب.
وأكد لوكاشينو في تصريحات: «تجاهلنا المشكلة واعتبرنا أنها ستختفي من تلقاء ذاتها لكن الأمر لم يحصل. تصادم بوتين وبريغوجين وفي هذه الحالة لا أبطال».
وحذر من أن التمرد القصير المدة يوضح الاحتمال الخطر لعدم الاستقرار في موسكو، معتبراً أنه «إذا انهارت روسيا، فسوف نصبح أسفل الأنقاض، سوف نموت جميعاً».
وأوضح أنه على فور تصاعد الأحداث وضع جميع أفرع قواته المسلحة في حالة الاستعداد للقتال. واتهم لوكاشينكو مجدّداً الغرب وحلف شمال الأطلسي «الناتو» بالرغبة في زعزعة استقرار المنطقة. وقال «إنهم يحاولون نسف بلدنا، كلّ منطقتنا».
دعم وتقدم
في غضون ذلك، أعلن الكرملين عن تلقي بوتين اتصالاً هاتفياً من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعرب فيه عن دعمه للقيادة الروسية بالإجراءات التي اتخذتها لحماية النظام الدستوري. كما بحث الزعيمان العلاقات الثنائية، وسبل تطويرها على مختلف الصعد.
وفي اتصال مماثل، أعلن الكرملين أن بوتين تحدث من نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد «عن تمرد فاغنر»، مؤكداً أن «الرئيس الإماراتي كان مهتما بسماع تقييمات للوضع وأعلن دعمه الكامل لتصرفات القيادة الروسية».
وفي واقعة نادرة، رجحت وزارة الدفاع البريطانية استعادة القوات الأوكرانية منطقة خاضعة لروسيا منذ عام 2014، موضحة أنها حققت تقدما طفيفاً شرقاً من قرية كراسنوجوروفكا نحو إقليم دونيتسك. وأضافت أن الهجمات المتتالية بمنطقة دونباس أرهقت قوات دونيتسك والقوات الشيشانية العاملة في المنطقة.
في المقابل، دوت انفجارات في مدينة كرمنشوك التي تضم مصفاة نفط رئيسية بوسط أوكرانيا بعد ضربة جوية روسية.