أكد مصدر رفيع المستوى في مكتب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لـ «الجريدة»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كشف لنظيره الإيراني، خلال اتصال هاتفي جرى أمس الأول بعد انتهاء التمرد المسلح لمجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة السبت الماضي، السر وراء التحرك الذي وُصِف بأنه حمل أكبر تحدٍّ لسيد الكرملين منذ توليه السلطة في عام 2000.

وأوضح المصدر، نقلاً عن تقرير رفعه رئيسي إلى المرشد الأعلى علي خامنئي عن أحداث روسيا، أن بوتين أكد له أن الأجهزة الأمنية الروسية كانت على علم مسبق بتحركات «فاغنر» وتمردها، الذي تضمن الزحف باتجاه موسكو الجمعة الماضية قبل أن تنهيه بشكل مفاجئ، وتعلن عودتها إلى ثكناتها.

Ad

وأشار إلى أن بوتين ذكر لرئيسي أنه أبلغ قائد «فاغنر» يفغيني بريغوجين، منذ أكثر من شهر، أن تصرفاته تجاه قادة القوات المسلحة وكلماته المنفلتة بوسائل الإعلام غير مقبولة، ويجب أن تتوقف، وهو ما التزم به الأخير.

وبحسب المصدر فإن بوتين رأى أنه لم يعد يمكن استمرار قائد «فاغنر» في العمل مع القوات المسلحة الحكومية بعد اتهاماته، وسيل الشتائم التي وجهها إلى قادة الجيش حتى وإن كان على علاقة مباشرة معه.

وشرح سيد الكرملين لرئيسي كيف خططت الاستخبارات الروسية لاستغلال الأمر بعد رصدها لمجموعات روسية مناوئة للنظام تلقت تدريبات من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لشن هجمات إرهابية داخل روسيا بالتزامن مع اعتراض اتصالات بين الأجهزة الأمنية الغربية وعدد من الدبلوماسيين والعسكريين الروس بهدف تجنيدهم بعروض مالية سخية لهم ولعائلاتهم.

وبالفعل سمحت السلطات الروسية لـ «فاغنر» بـ «تحرك مصطنع»، لتغري المجموعات الموجودة داخل البلاد بالانضمام إلى زحفها علنية ويتم كشفها واختراق عناصرها.

وأوضح المصدر أن سيد الكرملين وصف الخطة بـ «الناجحة» وأعطت المجال للأجهزة الأمنية لكشف عشرات الخلايا المعارضة المنتشرة في أنحاء روسيا بعد انضمامها لقافلة «فاغنر»، التي انطلقت من روستوف جنوباً باتجاه موسكو شمالاً قبل أن تعود أدراجها كما كان متفقاً عليه.

ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية الروسية تشن حالياً حملة واسعة وسرية لاعتقال من انضم بشكل مباشر أو أجرى اتصالات مع عناصر «فاغنر» للالتحاق بها.

وكشف بوتين أن القوى الغربية كانت تعد لعملية عسكرية مضادة وواسعة، ضد قوات بلاده في شرق أوكرانيا، وسعت إلى توجيه ضربة في العمق الروسي، خلف الجبهات الأوكرانية، قبل إطلاقها، لكن «خطة التحرك المصطنع» أفشلت مخططهم.

وادّعى أن المهمة التي أوكلت لـ «فاغنر» كانت إحباط الضربة التي تمهد لإطلاق «الهجوم المضاد الأصلي» لاستعادة الأراضي، التي تسيطر عليها القوات الروسية بشرق أوكرانيا. وذكر أن بوتين أكد لرئيسي أنه على الرغم من تولي بريغوجين لقيادة «فاغنر» شكلياً فإن المجموعة العسكرية الخاصة كانت تحت سيطرته شخصياً، مشيراً إلى أن قائد المجموعة المعروف بـ «طباخ بوتين» لم يكن إلا أداة استخدمها في «التحرك المصطنع» قبل أن يسمح له بالتقاعد في بيلاروسيا من الآن فصاعداً. وأشار المصدر إلى أن رئيسي ختم تقريره بمدح بوتين وإبداء إعجابه بحنكته السياسية في احتواء الاضطرابات ومواجهة التحديات التي تصاعدت بعد شكوى «فاغنر» من سوء إدارة المؤسسة العسكرية الرسمية للمعركة في أوكرانيا.