ثمة ملاحظات سجلها مساهمون في العديد من الجمعيات العمومية تخالف الالتزام بنظام التصويت التراكمي، إذ يتم تكرار نفس الأسهم لعدد من المرشحين لعضوية مجلس الإدارة، علماً أن هذا النظام تحول إلى إلزامي في العديد من دول المنطقة، وحقق تحسناً كبيراً في حماية حقوق المساهمين، لأنها تدار من ملاّك حقيقيين.
ودعت مصادر وزارة التجارة إلى ضرورة إلزام الشركات بتطبيق المادة 209 من القانون لتكون إلزامية، لأنها تحقق العدالة بين جموع المساهمين، وتحول دون التغول من أقليات لا تملك وتحولها إلى أغلبية على حساب "نظام" تجميع التوكيلات المعمول به ولا يزال.
المادة 209 تفيد بأنه يجوز أن ينص عقد الشركة على نظام التصويت التراكمي بشأن انتخاب أعضاء مجلس الإدارة للشركة، والذي يمنح كل مساهم قدرة تصويتية بعدد الأسهم التي يملكها، بحيث يحق له التصويت بها لمرشح واحد أو توزيعها بين من يختارهم من المرشحين دون تكرار لهذه الأصوات.
وعلى الرغم من أهمية وجدوى تطبيق نظام التصويت التراكمي، الذي يرسخ من قاعدة أن المالك يحكم إلا أنه لا يزال حسب المادة سالفة الذكر التي بدأت بكلمة "يجوز" غير مطبق 100%، فبنسبة 30% يمكن السيطرة على كامل مجلس الإدارة نتيجة توزيع الصوت على 5 أشخاص أو أكثر، وكثير من الجمعيات خلال المرحلة الأخيرة شهدت تشابهاً كثيراً في عدد الأصوات للمرشحين أو تقارب كبير يعكس تكرار الصوت لأكثر من شخص.
من بعض صور الخلل وعدم تحقيق العدالة في ملف التصويت في الجمعيات العمومية هو حشد وتسخير طاقات الشركة في تجميع التوكيلات اعتماداً على إتاحة المعلومات لمجلس الإدارة القائم دون غيره، إذ يحق له طلب كشف المساهمين، بالتالي تتوافر معلومات المساهمين لطرف دون آخر، وأيضاً بالتالي تسهل هذه المعلومات تجميع أكبر قدر من التوكيلات من المحافظ وكبار المساهمين الأفراد.
أضف إلى ذلك أن علاقات المستثمرين في العديد من الشركات، على الرغم من دورها الحيوي والعميق بالنسبة للمساهمين، فإنها تتحول في بعض الشركات إلى أداة للتحكم في المساهمين ونسج العلاقات معهم لتبادل المنفعة وقت الانتخابات الدورية لمجلس الإدارة.
من جهة أخرى، تتساءل مصادر قانونية عما إذا كان تخويل عدد من المساهمين من حملة الأسهم في الشركات أطرافاً محددة عبر توكيلات للتصويت بها، يعتبر تحالفاً يستوجب الإفصاح عنه أم لا حتى وإن كانت النسبة أقل من 5%، فهناك بعض الشركات تجمع نسباً متراكمة تفوق حتى 20%.
في السياق ذاته، دعت مصادر استثمارية إلى مزيد من الشفافية في هذا الملف بحيث يجب دراسة آلية للإفصاح عن نسب الأسهم التي تم تجميعها عبر توكيلات من المساهمين لتكون النسب المعلنة لصحة انعقاد الجمعية العمومية أكثر وضوحاً للمستثمرين عموماً من خلال معرفة حجم التوكيلات الحقيقية من الملكيات المباشرة أو غير المباشرة التي يتحكم فيها مجلس الإدارة.
أيضاً ملف تزوير الوكالات يجب أن يحظى بعمليات تقنين جديدة تواكب المستجدات، فالنظام الحالي المعمول به سهل التزوير، خصوصاً أن هناك ملكيات راكدة ولا أحد يتابع ما إذا كان تم استخدام أسهمه في التصويت من عدمه، فمن الأجدى استحداث نظام إصدار للتوكيلات أمام كاتب العدل بحيث يكون توكيلاً رسمياً موثقاً وقانونياً، وهذا الأمر سيكشف الكثير من عمليات التسلل ويظهر الملكيات الحقيقية ويكشف "المتسلقين" على حساب صغار المساهمين أو يتم إصدار التوكيل من الجهات الرقابية عبر رقم خاص وباركود مرجعي.
وللإشارة، فإن شركات تعرضت لعمليات إفلاس ونهب وتبديد لأموال صغار المساهمين بسبب هذه الممارسات ومجاميع استثمارية بالكامل كانت تدار بهذه الحيلة دون أن تكون هناك أي ملكيات واضحة تتجاوز حتى 10% والباقي توكيلات، إذ تتم السيطرة على هذه الشركات من خلال مجالس إدارات تتبادل الأدوار وفي نهاية المطاف خرج المساهمون بخسائر تصل إلى 85% في حين خرج أعضاء مجالس إدارات بعشرات الملايين واستأثروا بأصول ذات جودة لحساب شركات خاصة مباشرة وغير مدرجة، وحتى الآن لا تزال في السوق نماذج وبقايا لهذه الممارسات.
في السياق ذاته، قالت المصادر إن "فوضى" انعقاد الجمعية بمن حضر يجب أن تخضع لإعادة نظر، خصوصاً أن الجمعيات غير العادية يستلزم فيها حضور 75% ونتيجة لعدم توافر هذا النصاب يتم تأجيل الجمعية وانعقادها بمن حضر على الرغم من المخاطر الكبيرة للبنود التي تكون مدرجة على جدول الأعمال وحتى الجمعية العادية، فهي تقر ميزانية الشركة وبنوداً جوهرية أيضاً وتبرئ مجالس الإدارات وتعتمد كثيراً من القرارات، لذلك من الجدوى أيضاً الحرص على حضور النصاب مهما تأجلت حتى تكون هناك أغلبية مشاركة في القرار.
وتؤكد المصادر وجوب أنه تكون هناك دروس مستفادة من كل الأزمات السابقة، خصوصاً أن صغار المساهمين لا يزالون ينزفون الخسائر من المجاميع، التي شطبت أسهمها نتيجة سوء أفعالها واحتواء بياناتها المالية على ملاحظات مؤثرة سواء عبر نهب الأصول أو رهنها وتسجيلها بأسمائها أو تحقيق منافع على حساب الشركة وأصولها.