هددت إيران ببدء عمليات الحفر والتنقيب في حقل الدرة للغاز، الذي يقع في المنطقة المغمورة المشتركة بين الكويت والسعودية، وتدّعي طهران أن جزءاً منه يقع في مياهها الإقليمية غير المرسمة مع الكويت.
وقال مصدر رفيع في شركة النفط الوطنية الإيرانية لـ «الجريدة»، إنه على ضوء إعلان الكويت السابق، أن الحقل كويتي - سعودي خالص ولا حصة لطهران فيه، وإجراء جولة أولى «غير منتجة» من المحادثات بين وزارة الخارجية الكويتية ونظيرتها الإيرانية حول ترسيم الحدود البحرية في مارس الماضي، فقد أجرت إيران اتصالات مع السعودية حول الحقل بعد اتفاق المصالحة الموقع بينهما في بكين كان آخرها خلال زيارة وزير الاقتصاد الإيراني للمملكة، لكن الجانب السعودي ردّ بأنه ليس هناك أي حقل مشترك مع إيران للبحث بشأنه، وبالتالي فإن طهران قررت البدء بعملية الحفريات في المنطقة التي تعتبرها داخل مياهها الإقليمية.
وبحسب المصدر، فإنه إذا لم يتم الاتفاق على تقاسم الحقل حسب حصص متفق عليها بين الدول الثلاث، فإن طهران لن تسمح بأن يُفرَض عليها أمر واقع، بل ستقوم باستباق أي خطوات كويتية أو سعودية وتثبيت أقدامها في الحقل، مضيفاً أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي تؤيد التقييم الذي توصلت إليه شركة النفط بضرورة البدء في الحفر، وستلبي جميع مطالب شركة حفر النفط والغاز الضرورية لبدء العمل.
ورسم المصدر سيناريوهين لا ثالث لهما بشأن الوضع الحالي للحقل، إما التوصل إلى اتفاق على التقاسم، أو الاستمرار في حالة تعطيل الحفر والتنقيب والاستخراج لتجنب أزمة كبيرة، وهي الحالة السائدة منذ اكتشاف الحقل في ستينيات القرن المنصرم.
وكان المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية في إيران محسن خجسته مهر قال، أمس الأول، إن الشركة «جاهزة تماماً لبدء عمليات الحفر في حقل الدرة (حقل آرش بالفارسية)»، مضيفاً: «اعتمدنا موارد مالية كبيرة لتطوير هذا الحقل في مجلس إدارة شركة النفط الوطنية، وسنبدأ العمل في أقرب وقت، لأن الظروف جاهزة لذلك».
وفي تصريحٍ، يبدو أن الهدف منه محاولة لإيجاد ثغرة بين موقفَي الكويت والسعودية، أشار خجسته مهر إلى أنه ليس هناك أي حقل مشترك مع السعودية لم يتم ترسيمه.
وجاءت تصريحات خجسته مهر، تعليقاً على تحذير رئيس مجلس إدارة جمعية شركات حفر النفط والغاز الإيرانية هدایة الله خادمي من أن السعودية قد تقوم بتفريغ الحقول النفطية المشتركة بين البلدين، مشدداً على أنه «إذا لم تبدأ إيران الاستخراج من حقلي الدرة وفرزاد (أ) وفرزاد (ب) هذا العام، فلن يتم الاستخراج منهما بعد».
وفشلت جولة من المفاوضات بين الكويت، التي لديها تفويض من المملكة بالتفاوض عن البلدين، وبين طهران، خلال مارس الماضي في حلحلة الخلاف حول آلية ترسيم الحدود البحرية، إذ خرج الاجتماع الأول بهذا الشأن باتفاق على عقد اجتماع ثانٍ وهو ما لم يحصل بعد.
وبحسب المعلومات التي كشفتها حينها «الجريدة»، فقد تمسك الجانب الكويتي بمبدأ ترسيم الحدود البحرية أولاً، وفق القانون الدولي، في حين اقترح الجانب الإيراني القفز فوق قضية ترسيم الحدود، والاتفاق على استثمار مشترك لحقل الدرة.
وتصر طهران على أن حدودها تمتد من الجرف القاري، وأن مقاربتها هذه تعتمد على قانون البحار المفتوحة، بينما تصرّ الكويت على أن حدود إيران يجب أن تُحسَب انطلاقاً من حدودها البرية حسب قانون البحار المغلقة.
وفي حال قبول الحجة الكويتية التي تتوافق مع القانون الدولي، فلن يكون، عملياً، لإيران أي حصة في «الدرة»، أما إذا اعتُمِدت حجة طهران فهناك احتمال كبير أن تحصل على حصة.
وفي 21 مارس 2022، وقعت الكويت والسعودية اتفاقية لتطوير الحقل بقدرة تصل إلى مليار قدم مكعبة و84 ألف برميل من المكثفات يومياً.
في السياق ذاته، قال قائد القوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني علي رضا تنغسيري، أمس، إن «البحر فرصة استراتيجية عظيمة لإيران، إذ إن 90 في المئة من تجارتنا تتم عبر البحر، حتى نفطنا وغازنا يتم استخراجهما من البحر، وإذا لم تكن لدينا سفن وصواريخ فلن يتوافر لنا مصدر عيش».