إسرائيل تشن أكبر هجوم على جنين منذ 21 عاماً
• مقتل 8 فلسطينيين وإصابة العشرات باجتياح بري وضربات جوية استمرت ساعات
في هجوم وصف بالأكبر منذ عملية «السور الواقي» التي شنتها الدولة العبرية عام 2002 وأسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين ومحاصرة الرئيس الراحل ياسر عرفات، قتلت قوات إسرائيلية مشتركة ثمانية فلسطينيين في مدينة جنين ومخيم اللاجئين المتاخم لها، بالضفة الغربية المحتلة، أمس، حيث نفذت عملية اجتياح واسعة للمنطقة تخللها شن 15 غارة جوية بطائرات مسيّرة «درون» وطائرات مأهولة وبمشاركة نحو 1000 مجند.
وبدأ الجيش الإسرائيلي وجهاز «الشاباك» فجر أمس قصف أهداف في مدينة جنين. وذكر المتحدث باسم الجيش ريتشارد هيشت أن الضربات استهدفت قادة فصائل مسلحة ومركز عمليات مشتركاً بذريعة أنّه يشكّل «غرفة قيادة كتيبة جنين»، وهي مجموعة مسلحة أعلن عن قيامها حديثاً وتتبع الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي» المدعومة من إيران.
وأشار إلى أنّ العمليّة استهدفت موقعاً للمراقبة والاستطلاع، فضلاً عن منشأة لتخزين الأسلحة ومخبأ لمَن زعم أنّهم مُسلّحون نفّذوا هجمات على أهداف إسرائيليّة خلال الأشهر الأخيرة، حيث خرج خلال السنتين الأخيرتين من جنين نحو 50 عملية ضد إسرائيليين.
وتحدث عن اعتقال مطلوبين بعد السيطرة على منازل ومقار تحتوي على أسلحة وذخيرة بمشاركة عناصر من «لواء الكوماندوز».
من جهته، أفاد متحدث آخر باسم الجيش يدعى أفيخاي أدرعي، عن «تبادل لإطلاق النار بين قوات الجيش ومخربين بالقرب من مسجد في مخيم جنين»، لافتاً إلى أن «طيران جيش الدفاع استهدف المكان لإزالة التهديد».
وفي وقت اتخذت تل أبيب تدابير تحسباً لإطلاق صواريخ من قطاع غزة، أوضح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بعد اجتماع مع قادة الأفرع الأمنية لتقييم الوضع، أن العملية استهدفت «بؤر الإرهاب الساخنة في جنين». وأضاف: «نتخذ نهجاً استباقياً وحاسماً. ونراقب عن كثب تصرفات أعدائنا على كل الجبهات، ومستعدون لكل سيناريو». وذكر بيان للجيش أن «جندياً أصيب بجروح طفيفة بشظايا قنبلة يدوية للجيش الإسرائيلي وتم نقله للمستشفى».
وعقد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مداولات على خلفية العدوان على جنين، بمشاركة قادة الأجهزة الأمنية، في حين ذكرت تقارير عبرية أن سلطات الاحتلال كانت قد أبلغت الولايات المتحدة نيتها شن الهجوم، دون إبلاغها بالموعد والخطة.
وعقب الاجتماع شدد نتنياهو على أن «المعادلة تغيرت ومن لم يفهم ذلك سابقاً فسيفهم في الأيام القادمة وسنضرب الإرهاب في كل مكان»، في حين أكد وزير الخارجية إيلي كوهين أن إسرائيل قصفت بقوة كبيرة منطقة جنين لكنها لا تنوي توسيع العملية لتشمل مناطق أخرى.
وأشار تقرير في موقع «واينت» إلى أن الجيش الإسرائيلي خطط لعملية جنين وتحضر لها على الصعيد المخابراتي منذ نحو عام.
ونقل عن مصادر أن أمر العملية تسرّب، لكن الفلسطينيين، وفق التقرير، فوجئوا بالغارة الجوية على مركز القيادة المشترك، بعد أن اعتقدوا أن الجيش الإسرائيلي سيصل بقوات مدرعة لضربها أثناء وجود قيادات الفصائل بها.
في المقابل، ذكرت مصادر فلسطينية أن «الجيش الإسرائيلي يحاول فصل مخيم جنين عن محيطه من خلال تجريف الطرقات وإقامة السواتر». وقالت إن القوات الخاصة الإسرائيلية المعززة بالآليات المدرعة عجزت عن اقتحام المخيم، ولم تتمكن إلا من دخول أطرافه ومحاصرته في محاولة انتقامية استهدفت البنية التحتية المدنية للمساكن، مشيرة إلى أن بعض العائلات تنزح من بيوتها في المخيم بعد شائعات عن عزم إسرائيل إعادة احتلاله.
وقالت الفصائل الفلسطينية بجنين ومخيمها إنها أسقطت طائرتين مسيرتين للجيش الإسرائيلي.
وشددت «كتائب القسام» التابعة لـ «حماس» على أن كل عناصر الفصائل شاركت في التصدي للقوات الإسرائيلية، وأحدثت بها إصابات مباشرة، في حين تحدثت «كتيبة جنين» عن استخدام عبوات ناسفة قوية تطلق عليها اسم «طارق 1» لأول مرة ضد أرتال القوات الإسرائيلية ما أدى إلى «إعطاب جيب مصفح وإشعال النيران فيه ومقتل وإصابة من فيه». وحمّلت أطراف فلسطينية إسرائيل مسؤولية التصعيد الذي يأتي بعد نحو أسبوعين من عملية واسعة أخرى ضد جنين.
وأكدت الرئاسة الفلسطينية أن «الأمن والاستقرار لن يتحققا في المنطقة ما لم يشعر بهما شعبنا الفلسطيني».
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبوردينة «إن ما تقوم به حكومة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها، جريمة حرب جديدة».
وطالبت الخارجية الفلسطينية بـ «تحرك دولي وأميركي عاجل لوقف العدوان فوراً»، داعية المحكمة الجنائية الدولية إلى «الخروج عن صمتها والبدء بمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين».
وأفادت وزارة الصحة، في بيان، عن «9 شهداء في أقل من 10 ساعات من المعارك بجنين ومحيطها، بالإضافة إلى 60 إصابة بينها 10 في حالة الخطر»، كما أعلنت وفاة شاب برصاص إسرائيلي خلال صدامات قرب رام الله.
في غضون ذلك، دانت الخارجية الأردنية «التصعيد الاسرائيلي ودعت المجتمع الدولي إلى «اتخاذ إجراءات فورية لوقف الهجمات الإسرائيلية».
في موازاة ذلك، دانت جمهورية مصر العربية العملية العسكرية الإسرائيلية. ونددت القاهرة بـ «استخدام مفرط وعشوائي للقوة، وانتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي والشرعية الدولية» خلال عملية جنين.
وحذّرت الخارجية المصرية من «المخاطر الجسيمة للتصعيد الإسرائيلي المتواصل الذي يقوض الجهود التي تبذلها القاهرة وشركاؤها الإقليميون والدوليون لتخفيف التوتر».
ودانت الخارجية الإيرانية الاعتداءات الإسرائيلية، واعتبرتها «نموذجاً واضحاً لإرهاب الدولة».
وفي حين عبرت منسقة الشؤون الإنسانية الأممية في الأراضي الفلسطينية لين هاستينغز عن «قلقها البالغ من حجم العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين ومخيمها المكتظ بالسكان»، أعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها الشديدة لـ «الجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل والطواقم الطبية والمراكز الصحية وتدمير البنية التحتية وهدم البيوت والمساجد بجنين». ودعت، مجلس الأمن الدولي إلى «وضع حد للإرهاب الإسرائيلي».