«دي كاميرون»... كتاب ضخم يحتوي على 100 قصة للكاتب بوكاتشيو، معظمها قصص يُسلط فيها الضوء على فساد القساوسة، والبطريركية، والكردينالات، وما يدور من سلوكيات لا أخلاقية داخل الأديرة والكنائس، وقد اخترت لكم واحدةً من هذه القصص، وخلاصتها:
أن سفير بريطانيا لدى روما كانت له عشيقة جمالها يُدير الرؤوس، فلما رآها بابا روما اجتاح سحر جمالها كل كيانه، وكان معروفاً بعشقه للفتيات الصغيرات، فأرسل سكرتيره الخاص ليتفاهم مع السفير، الذي أمر الشابة دانيل فوراً بأن تمتثل لما يطلبه منها سكرتير البابا، وهذا بدوره طلب منها ارتداء ثياب سلَّمها إياها.
- إنها ثياب كُهان يا سيدي.
- عليكِ بارتدائها.
- ولماذا؟
- لأنكِ ستكونين القس بيكيولوني.
- لست أفهم.
- ستفهمين بعد ارتدائك الملابس.
- وإذا رفضت.
- إن رفضك أمر البابا سيُعرِّضك لتهمة الهرطقة.
- وما عقوبتها؟
- الحرق.
***ارتدت دانيل ثياب كاهن، فقال لها السكرتير:
- وظيفتك الآن ستقومين على خدمة البابا.
- يعني سأكون وصيفة للبابا.
- بل ستكونين وصيفاً.
- وكيف ذلك؟
- يعني أن تنسي أنك أُنثى، أنتِ من الآن فصاعداً القس بيكيولوني.
***وبقي هذا السر محصوراً فقط بين اثنين، هما: سكرتير البابا، والشابة دانيل، بعد أن مات السفير البريطاني بطريقة غامضة.
وبفعل الترقيات التي كان يُنعم بها البابا على القس بيكيولوني صار هذا الأخير كردينالاً، بل إن البابا طلب من الكرادلة جميعاً الموافقة على انتخابه بابا لروما، وأن يخلفه في حال وفاته.
***وبالفعل تم اختيار الكاردينال بيكيولوني بابا لروما تحت اسم جان الثامن فور إعلان وفاة البابا يوحنا، وكان لابد للبابا الجديد أن يسير وسط الجماهير لكي يذهب إلى الكاتدرائية، ليلقي كلمة القداس، فسأل أمين السر:
- وكيف سأخفي الحمل الذي في بطني؟
- سيختفي في الثياب الواسعة والعباءة.
***وخرج موكب قداس البابا جان الثامن في العشرين من أكتوبر عام 857 والجماهير تهتف للبابا الذي يبدو لهم في غاية الوسامة، بينما هو يقول لصاحب سره الوحيد:
- لم يعُد بمقدوري الاحتمال.
- كُن قوياً يا صاحب القداسة.
**** لكن فجأة تهوي على الأرض مغشياً عليها، وسط صيحات الذين التفوا حولها وهم يصرخون:
- يا إلهي إن البابا امرأة!
- يا للسماء، إنها معجزة، فبابا روما حامل!
- يا رباه، البابا يلد غلاماً!
فتجمَّع الكرادلة وحملوها إلى الكاتدرائية، مُبتعدين عن تجمهر الناس الذين ظهر عليهم الغضب لكشف حقيقة البابا المزيف.
***لن أخوض في متاهات ودهاليز الكتابات التاريخية حول هذه الرواية، مكتفياً بما كتبه بوكاتشيو، وهو من كُتاب عصر النهضة الذين نالوا شهرة واسعة، وقد قُمت بتلخيص هذه الرواية التي منعتها الكنيسة، ثم سُمح بنشرها فيما بعد.