حذّر الرئيس الصيني شي جينبيغ دول منظمة شنغهاي للتعاون من «الثورات الملونة» ومن «حرب باردة جديدة»، وذلك في كلمته أمام القمة الافتراضية للمنظمة التي تضم دولا عدة أبرزها الصين وروسيا والهند.

وقال شي: «علينا أن نكون يقظين للغاية حيال إثارة القوى الخارجية حربا باردة جديدة وخلق مواجهة في المنطقة، وأن نعارض بحزم تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية (للدول الأخرى) وإثارة ثورة ملونة لأي سبب كان».

Ad

وحض الرئيس الصيني على «بذل جهود لحفظ السلام الإقليمي وضمان الأمن المشترك»، وطلب من الدول الأعضاء «اتباع الطريق الصحيح وتعزيز تضامنهم وثقتهم المشتركة»، وفق ما نقلت عنه وكالة «شينخوا» الصينية الرسمية للأنباء.

وتعهّد بمواصلة الصين «المضي في الطريق الصحيح للعولمة الاقتصادية، ومعارضة الحمائية والعقوبات الأحادية وتوسيع مفاهيم الأمن القومي»، في ما يبدو إشارة ضمنية إلى إجراءات تقييدية اتخذتها واشنطن حيال بكين في مجالات تجارية أبرزها التقنيات الحديثة.

وتضم منظمة شنغهاي التي أنشئت في 2001، ثماني دول حاليا هي روسيا والصين وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان والهند وباكستان.

وتخللت افتتاح القمة كلمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طمأن عبرها الزعماء الآسيويين أمس على استقرار روسيا ووحدتها، وذلك في أول ظهور دولي له منذ تمرد «طباخه» يفغيني بريغوجين زعيم مجموعة «فاغنر»، الذي شغل العالم وانتهى بصفقة توسط فيها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو.

وأكد بوتين أن روسيا «ستواصل المقاومة في مواجهة الضغوط الخارجية، والعقوبات والاستفزازات». وفرضت أطراف غربية تتقدمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا على خلفية غزوها لأوكرانيا اعتبارا من فبراير 2022، ما دفع موسكو الى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول آسيوية خصوصا لتصدير انتاجها من مصادر الطاقة كالنفط الخام والغاز.

وشكر قادة دول المنظمة على دعمهم لجهوده «لحماية النظام الدستوري وحياة المواطنين وأمنهم»، خلال تمرد «فاغنر»، وشدد على أن «الشعب الروسي متماسك بشكل لم يسبق له مثيل، وأظهرت الدوائر السياسية والمجتمع بأسره تكاتفهم وحسهم العالي بالمسؤولية عن مصير الوطن عندما ردوا في شكل جبهة موحدة على محاولة التمرد المسلح».

ويكشف تركيز بوتين على وحدة روسيا في اجتماع مع الحلفاء الرئيسيين مدى حرصه على إزالة أي شكوك حول سلطته على المسرح العالمي بعد تمرد بريغوجين وسيطرة مقاتلو «فاغنر» على 3 مدن جنوبية، وتقدموا صوب موسكو في 24 يونيو الماضي، ومثلوا أكبر تحدٍّ لقبضته على السلطة منذ وصوله إلى سدة الحكم في اليوم الأخير من عام 1999.

من ناحيته، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن منظمة شنغهاي للتعاون يجب أن تتكاتف لمحاربة الإرهاب، وألا تتردد في إدانة الدول التي تدعم الإرهاب. كما حث مودي قادة التجمع السياسي والأمني الأورو-آسيوي على العمل من أجل النهوض بأفغانستان وتقديم مساعدات إنسانية لكابول.

وقال مودي للقمة الافتراضية لقادة منظمة شنغهاي للتعاون، إنه يجب ألا يُسمح باستخدام الأراضي الأفغانية في زعزعة استقرار جوارها، مشيرا إلى ما يعانيه العالم من نزاعات وتوترات وتداعيات للوباء وأزمات غذاء ووقود وأسمدة عالمية تشكل تحديات كبيرة لجميع البلدان.

وقال «نحن بحاجة إلى التفكير معا لمعرفة هل نملك، كمجموعة، القدرة على تلبية توقعات وطموحات شعوبنا؟، هل نحن قادرون على مواجهة التحديات الحديثة؟، هل أصبحت منظمة شنغهاي للتعاون مجموعة جاهزة تماما للمستقبل؟».

وبدا أن قادة «شنغهاي» يسعون إلى تعزيز العلاقات والتعاون داخل منظمة شنغهاي للتعاون، وذلك في إطار مساعي توسيع نطاق المنظمة ومواجهة النفوذ الغربي في المنطقة.

وشارك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في الاجتماع، إذ انضمت طهران أمس إلى المنظمة لتصبح العضو التاسع فيها، وستوقع بيلاروسيا مذكرة التزامات تمهيدا لانضمامها في وقت لاحق.

ومن شأن قبول انضمام البلدين، اللذين يتمتعان بوضع مراقب ويرتبطان بعلاقات وثيقة مع موسكو، توسيع الجناح الغربي للمنظمة في كل من أوروبا وآسيا.

وتنظر روسيا إلى دول مثل الصين والهند وإيران، العضو الأحدث في منظمة شنغهاي للتعاون، على أنهم شركاء رئيسيون في مواجهة الولايات المتحدة ومقاومة ما تقول إنها محاولات أميركية للتحكم في النظام العالمي.

وجاء انعقاد القمة بعد أسبوعين فقط من استضافة الرئيس الأميركي جو بايدن لمودي في زيارة رسمية، إذ وصف البلدان نفسيهما بأنهما «من أقرب الشركاء في العالم». من ناحيته، دعا رئيسي في كلمته أمام القمة إلى «تعزيز الوحدة، ومنع الهيمنة الغربية». وأعرب عن أمله في «أن يوفر وجود إيران في هذه المنظمة الخاصة والمؤثرة منبراً للأمن الجماعي، ما يؤدي إلى تنمية مستدامة، وتوسيع العلاقات، والتنسيق، وتعزيز الوحدة، واحترام سيادة الدول».