في كتاب استقالته الذي قدمه أمس إلى رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، دق رئيس ديوان المحاسبة فيصل الشايع ناقوس الخطر، حول ما يتعرض له الديوان بحسب ما ورد في الاستقالة من سوء نوايا جعل بنيانه مهددا بالتحطيم والتخريب.
وقال الشايع في نص الكتاب الذي حمل موضوعه عنوان «استقالة من منصب رئيس ديوان المحاسبة»، ووجهه الى رئيس مجلس الأمة، وحصلت «الجريدة» على نسخة منه: يقول العلي القدير في محكم كتابه العزيز «ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار» سورة إبراهيم 42. بهذه الآية الكريمة أبدأ خطابي لكم بعد أن ساءت النوايا، وانحرفت المقاصد، وبات بنيان ديوان المحاسبة الذراع الرقابي الدستوري لمجلس الأمة الموقر، مهددا بالتحطيم والتخريب وتحت سندان السياسة المتطرفة ومطرقة المنفعة الخاصة، وهنا تتضاعف مسؤولياتي الوطنية، فلا بد أن أقرع جرس الإنذار، فإن كانت الاستقالة من منصب رئاسة الديوان ضرورة لتصحو بها الضمائر الوطنية دفاعا عن جهاز الشعب لحماية أمواله، فأنا أضعها أمس أمامكم لعل فيها تنبيها قبل أن يفوت أوانه.
وأضاف: منذ أن تم تكليفنا بتولي رئاسة ديوان المحاسبة بمباركة شعبية تمثلت في موافقة أعضاء مجلس الأمة على الترشيح، سعينا بكل ما نحمله من إرث وطني وتاريخ نيابي، وقسم لا تنكث يمينه بأن نضع مصالح الشعب وأمواله في مقدمة الأهداف والارتقاء بالعمل الرقابي كمل فيه طريق من تولى مسؤولية الديوان من رؤساء وقياديين وموظفين سابقين محافظين على استقلاليته من الانحياز في مرحلة حرجة مرت بها البلاد بصراعات سياسية داخل المؤسسة التشريعية وخارجها، إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت تحولات خطيرة تجاه ديوان المحاسبة، واستهدافا مقصودا لمنصب الرئاسة. وبالإشارة إلى الموضوع أعلاه وإلى الاجتماعات التي تمت معكم لمناقشة أمور تخص ديوان المحاسبة، وإلى ملاحظاتنا التي أبديناها لكم بخصوص تجاوز بعض لجان المجلس في أسئلتهم بشأن أعمال الديوان الرقابية إلى حد التدخل في أعماله واختصاصاته والتي من شأنها المساس باستقلالية الديوان واستقراره وكانت تلك الأسئلة للأسف والمعلومات المغلوطة يتم تزويد بعض النواب بها بمحتوى ناقص لإعطاء انطباع أن الديوان ومسؤوليه مخالفون لبعض الإجراءات والتي فندتها لكم في اجتماعي معكم يوم الثلاثاء الموافق 2023/7/4 مع تقديم المستندات التي تؤكد عدم صحة ذلك.
وتابع: ومن جانب آخر، فقد كنت متحفظا بشأن الرد على بعض الأسئلة حفاظا على استقلالية الديوان وخصوصيته، ولكن بعد تداول تلك المغالطات بصورة أو بأخرى، وتعاونا مع مجلس الأمة قمت بالرد على تلك المغالطات من خلال التوجيه على تلك الأسئلة المشروعة وغير المشروعة وذلك حتى تتضح الصورة للأخوة النواب لمعرفة الحقيقة بالمستندات. كما أشير إلى ما تم في جلسة مجلس الأمة التي عقدت يوم الأربعاء الموافق 2022/12/21 المخصصة لمناقشة تقرير الديوان عن السنة المالية 2022/2021. لكن للأسف لم يتم التركيز على ما ورد بذلك التقرير وتثمين الجهد الذي قام به كل من فرق التدقيق بديوان المحاسبة والإشرافيين والوكلاء المساعدين والوكيل خلال سنة كاملة لإخراج ذلك التقرير بصورته النهائية. فقد تحول النقاش إلى طرح قضايا لا تتعلق بما ورد بالتقرير من ملاحظات ومخالفات وإنما تحول إلى المساس برئيس الديوان بناء على معلومات غير صحيحة وتحول الموضوع بوضوح من نقاش فنى إلى نقاش سياسي. وللأسف أن الخلاف بشكل جلي وواضح هو خلاف سياسي بحت، أثر على استقرار واستقلالية الديوان والتي كفلها الدستور الكويتي وقانون إنشاء ديوان المحاسبة رقم 30 لسنة 1964.
وقال الشايع: كان من المفترض على مجلس الأمة الموقر إبعاد الديوان عن تلك الخلافات السياسية لكون الديوان جهة محايدة، ومستقلا استقلالية كاملة عن تلك الصراعات السياسية. وقد تمت الإجابة عن كل الأسئلة الشفوية والورقية بكل دقة بالمستندات الدالة على صحة ما تم اتخاذه من إجراءات، إلا أن بعض أعضاء مجلس الأمة مصر على رأيه بإقحام ديوان المحاسبة بهذا الصراع السياسي. لذا وللأسباب المذكورة عاليه، وحفاظا على كيان ديوان المحاسبة واستقراره واستقلاليته، أتقدم باستقالتي من منصب رئيس ديوان المحاسبة اعتبارا من يوم الخميس الموافق 6 يوليو 2023.
الاستقالة الثانية من نوعها |
تعد الاستقالة التي تقدم بها رئيس ديوان المحاسبة فيصل الشايع أمس هي الثانية من نوعها، فقد سبق أن تقدم رئيس الديوان الأسبق فارس الوقيان باستقالته، على أثر تقديم اقتراحات في مجلس 1992، خاصة بقانون ديوان المحاسبة ضمنها تحديد مدة بقاء رئيس الديوان بمنصبه وتدخلات من مجلس الأمة في عمل الديوان. |