«احتكاك» بين «حزب الله» وإسرائيل بعد هجوم جنين و«ضم» الغجر
• تل أبيب تقصف مناطق لبنانية رداً على صاروخ
بعد الهجوم الإسرائيلي على مدينة جنين، وتحركات إسرائيلية في بلدة الغجر اللبنانية بالكامل، تحركت الجبهة الجنوبية للبنان مجدداً، دون أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب أو اتساع المواجهة عسكرية، إذ اكتفت إسرائيل
بالرد ضمن قواعد الاشتباك الثابتة بينها وبين «حزب الله»، رغم سعي الطرفين لتثبيت وقائع معينة على الحدود.
وأُطلِق أمس صاروخ من الأراضي اللبنانية باتجاه بلدة الغجر، بالتزامن مع إصدار «حزب الله» بياناً يدين فيه الخطوة الإسرائيلية بالإعلان عن ضم القسم الشمالي من البلدة إلى القسم الجنوبي المحتل (سوري) ومنع اللبنانيين من الدخول إليه، علماً بأن القسم الشمالي من البلدة خاضع للقرار 1701 وليس هناك أي نزاع إسرائيلي ـ لبناني حول لبنانيته.
وذكرت ثلاثة مصادر أمنية لبنانية، أن صاروخين أُطلقا من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، سقط أحدهما في الأراضي اللبنانية والثاني بالقرب من الغجر، وهو ما ردت عليه إسرائيل بأكثر من 15 قذيفة سقطت على أطراف بلدة كفرشوبا ومزرعة حلتا على الحدود اللبنانية، حسب الوكالة الوطنية للإعلام.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ من لبنان. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إنه يبحث الأمر مع قائد الجيش اللبناني.
وجاء التصعيد في وقت يتصاعد التوتر الإسرائيلي ــ العربي في المنطقة بعد أن نفذت إسرائيل واحدة من أكبر عملياتها العسكرية منذ سنوات في الضفة الغربية المحتلة، مستهدفة مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين.
ورجحت مصادر متابعة أن تكون التحركات الإسرائيلية في بلدة الغجر رداً من تل أبيب على الأمر الواقع الذي عمل «حزب الله» على تكريسه خارج نطاق الخط الأزرق في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا من خلال إنشاء خيمتين في تلك المنطقة والإصرار على بقائهما، ورفض كل الوساطات الغربية والعربية التي طالبته بإزالتها لتجنب مواجهة.
وأكثر من ذلك، أفادت المصادر المتابعة بأن الحزب يدرس زيادة عدد الخيم هناك، في خطوة تعكس إصراره على تثبيت معادلة أساسية في تلك المنطقة، وهي أن تكون الكلمة النهائية له ميدانياً، وكذلك في أي محاولة لطرح ملف ترسيم الحدود البرية على الطاولة، حتى وإن تأخر مسار عملية الترسيم لسنوات عدة، كما حصل في ترسيم الحدود البحرية الذي كان قد بدأ في عام 2011 وانتهى في عام 2022.
إطلاق الصاروخ باتجاه الغجر يتضمن رسالة واضحة من «حزب الله» بأنه لا يمكن السكوت على عملية الضم الإسرائيلية.
وكان الرد الإسرائيلي متناسقاً مع قواعد الاشتباك المفروضة، إذ استهدفت المدفعية الإسرائيلية أراضي لبنانية غير سكنية في محيط منطقة إطلاق الصاروخ.
وتؤكد مصادر متابعة أنه لا أحد يريد التصعيد والذهاب إلى حرب، لكن المواجهات من هذا النوع المحدود ستكون مستمرة في تلك المنطقة، ولن تقف عند هذه الحدود، اذ لا بد لـ «حزب الله» أن يقوم بردود أخرى احتجاجاً على الخطوات الإسرائيلية في بلدة الغجر.
الرد الإسرائيلي المحدود يؤكد أن الإسرائيليين لا يريدون وغير قادرين على الذهاب إلى أي تصعيد عسكري.
لكن لا بد لكل هذه التحركات من أن ترسي أمراً واقعاً بالمعنى الميداني، من خلال تثبيت «حزب الله» لقواعد الاشتباك، والتأكيد أنه مستمر في صراعه المفتوح مع إسرائيل، وتثبيت وقائع جغرافية معينة استباقاً لأي عملية ترسيم للحدود.
أما سياسياً، فإن «حزب الله» يكرس من خلال هذه الأنشطة «معادلة الجيش والشعب والمقاومة»، من خلال ما يعتبره تكاملاً على الحدود بين تحركات المواطنين بالمطالبة بتحرير أراضيهم، واستنفار الجيش اللبناني لمنع الإسرائيليين من اختراق الخط الأزرق، وحركة «حزب الله» المستمرة باتجاه خارج الشريط الشائك.
في المقابل، أشار النائب غياث يزبك، الى أنه «يبدو أن ترسيم الحدود البحرية الذي أَوجد سلاماً غير معلن بين الدويلة وإسرائيل، انسحب على الحدود البرية وصولاً الى الغجر، وأسقط الأقنوم الثالث من معادلة الجيش والشعب والمقاومة. عندما يعلِن حزب الله الحروب لا يستشير اللبنانيين، فليبلِغهم، أقلّه، بسلامه المعقود مع العدو».
وندد «حزب الله» بما وصفه بـ «إجراءات خطيرة» اتخذها الجيش الإسرائيلي في القسم الشمالي من قرية الغجر الذي يعتبره لبنان جزءاً من أراضيه، وقال إن اسرائيل انشأت سياجاً شائكاً وبنت جداراً أسمنتياً حول كامل البلدة، وفرضت سلطتها بشكلٍ كامل على القسمين اللبناني والمحتل (سوري) من البلدة وأخضعتها لإدارتها بالتوازي مع فتح القرية أمام السواح القادمين من داخل الكيان الصهيوني.
ودعا الحزب «الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها لا سيما الحكومة، والشعب اللبناني بجميع قواه السياسية والأهلية إلى التحرّك لمنع تثبيت هذا الاحتلال وإلغاء الإجراءات العدوانية والعمل على تحرير هذا الجزء من أرضنا وإعادته إلى الوطن».
وناشدت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) جميع الأطراف التحلي بضبط النفس وتفادي التصعيد لأن المنطقة شهدت توتراً بالفعل هذا الأسبوع. واتهمت إسرائيل حركة «حماس» بإطلاق صواريخ على إسرائيل من لبنان في أبريل خلال موجة أخرى من تصاعد العنف الإسرائيلي الفلسطيني. ودفع هذا إسرائيل إلى قصف مواقع في لبنان.