ظهرت مؤشرات على أن السلطات الروسية اتخذت في الأيام الماضية موقفاً متساهلاً مع زعيم مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين، الذي شغل تمرده على القيادة الروسية العالم قبل أسبوعين، وهز الكرملين في خضم هجوم أوكرانيا.
وكشف رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو أمس، أن «بريغوجين عاد إلى سان بطرسبرغ» وأنه ليس في بيلاروسيا، مشدداً على أن «بريغوجين طليق، وأجريت أمس مكالمة هاتفية معه أكد فيها أنه سيواصل العمل من أجل روسيا».
وتابع لوكاشينكو، الذي يسعى للاستفادة من قدرات هذه المجموعة البالغ عدد مسلحيها 25 ألفاً، «حتى اللحظة مقاتلو فاغنر موجودون في ثكناتهم ومعسكراتهم الدائمة وليس في بيلاروسيا، ولا أرى أي مشاكل بشأن استمرارها في العمل لمصلحة روسيا»، مؤكداً أنه يعتزم لقاء بوتين قريباً لمناقشة وضع مقاتليها بالإضافة إلى قضايا أخرى.
وأوضح أنه «في حال اعتبرت الحكومة الروسية أن من الضروري نشر عدد من مقاتلي فاغنر في بيلاروسيا ليرتاحوا ويتدربوا سينفذ عندها قرار استقبالهم»، مشيراً إلى أنه «لا يظن أن المجموعة ستتمرد على بيلاروسيا».
في المقابل، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن موسكو لا تعلم مكان بريغوجين.
وقال بيسكوف: «نحن لا نتابع تغييرات مكان وجود يفغيني بريغوجين، ونحن نفتقر للوسائل والإرادة للقيام بذلك».
وأفادت صحيفة «ديلي بيت» البريطانية بأن بريغوجين عاد إلى سان بطرسبرغ لجمع ترسانة أسلحة صادرتها الأجهزة الأمنية منه، واستعاد 10 مليارات روبل (أكثر من 100 مليون دولار).
وذكرت وكالة الأنباء المحلية «فونتناكا»، أنَّ قائد «فاغنر» شوهد الثلاثاء الماضي لدى وصوله إلى مكتب جهاز الأمن الفدرالي الروسي FSB في سانت بطرسبرغ مع فريقه الأمني، ودُعي لجمع العديد من الأسلحة المصادرة، منها بندقيتا سايغا وبندقية مانليشر ومسدس غلوك أهداه له وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي كان يأمل القبض عليه خلال تمرده المسلح وتحركه نحو روستوف وموسكو.
في المقابل، نشرت وسائل الإعلام الروسية الرسمية والخاصة ليل الأربعاء ــ الخميس، صوراً التقطتها قوات الأمن لعملية تفتيش منزل بريغوجين في سان بطرسبورغ تظهر منزلا واسعا وفاخرا، ومروحية مركونة في حديقته.
واكتشف المحققون أثناء التفتيش رزما من الدولارات والروبل وسبائك ذهب وأسلحة عديدة، بالإضافة الى عدد من جوازات السفر بأسماء مختلفة وخزانة تحتوي على شعر مستعار.
وأشار موقع فونتانكا إلى أنه عثر على صورة «لرؤوس مقطوعة» في منزل بريغوجين، وسط اتهامات متواصلة لمرتزقته بارتكاب انتهاكات.
ونشر الموقع أيضا، صورةً تظهر مطرقةً ضخمةً موجودة في غرفة في منزل بريغوجين كتب على رأسها المعدني «في حالة إجراء مفاوضات مهمة». «المطرقة»، هي أحد رموز مجموعة فاغنر التي تفتخر باستخدامها لقتل أو تعذيب أعدائها بوحشية. كما عثر على صور لبريغوجين وهو متنكر بلباس الجيش في ليبيا وسورية ودول أخرى.
ضربة على لفيف
في غضون ذلك، بعد تبادل اتهامات بين كييف وموسكو بالتخطيط لاستفزازات في أكبر محطة نووية في أوروبا، أعلنت الناطقة باسم الجيش الأوكراني نتاليا غومينوك أمس «تراجع التوتر تدريجياً» حول محطة زابوريجيا، ناسبة ذلك إلى «العمل الجبار» للجيش والجهود الدبلوماسية «مع شركائنا الأجانب الذين يضغطون» على روسيا.
في هذه الأثناء، استهدفت ضربة صاروخية روسية فجر أمس مدينة لفيف غرب أوكرانيا على الحدود مع بولندا، التي تعد المحور الرئيسي لدخول الأسلحة الغربية عبر بولندا.
وأدت الضربة الى مقتل أربعة اشخاص وإصابة 37 حسب السلطات الاوكرانية، التي أكدت أن الهجوم اصاب مبنى سكنياً، في حين أعلنت موسكو انها استهدفت تجمعا للفيلق الأجنبي الذي يضم مقاتلين أجانب متطوعين للقتال الى جانب أوكرانيا.
زيلينسكي من صوفيا إلى إسطنبول
وبينما أعلنت موسكو اغلاق قنصلية فنلندا وطرد 9 دبوماسيين، أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس زيارة رسمية إلى بلغاريا في محاولة لحث حكومتها الجديدة المقربة من كييف على دعم كييف عسكريا، ودعم طلبها الانضمام الى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي حين سارع الكرملين الى انتقاد زيارته لبلغاريا واتهمه بأنه يهدف لتوسيع الصراع، أعلن زيلينسكي أنه سيتوجه من صوفيا إلى إسطنبول اليوم لإجراء محادثات مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، تركز على اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود المنتهي الصلاحية، وكذلك قمة «الناتو» الأسبوع المقبل.
وفي وقت سابق، اعتبر زيلينسكي أن بطء تسليم الاسلحة أدى إلى تأخير الهجوم المضاد وأتاح لموسكو تعزيز دفاعاتها في المناطق المحتلة خصوصا عبر الألغام.
وقال زيلينسكي، لشبكة «سي إن إن»، إنه أبلغ القادة الأوروبيين والولايات المتحدة أن الهجوم المضاد تباطأ بسبب صعوبات في أرض المعركة، وأن أوكرانيا كانت تريد شنه في وقت مبكر، ولكنها كانت بحاجة لمزيد من الأسلحة لذلك.