كيف نقرأ ما يخرج بين الحين والآخر ومن أباطرة «المتلاعبين بالعقول»، بأن كوكب الأرض لا يمكنه تحمل 10 مليارات نسمة في عام 2050 عندما يصل عدد سكان العالم إلى هذا الرقم، وكما نطق بذلك جون كيري، لا غيره، وهو المبعوث الأميركي الخاص بتغير المناخ؟ سريعاً جاءه الرد وعلى لسان سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة «علينا أن نتخلص من 90% من البشر» حتى نضمن عدم انفجار القنبلة السكانية!
هذه الجوقة تعزف لحنا واحداً ملخصه: لا يمكنا الاختباء بعيداً عن النمو السكاني البشري، وسيتم حل مشاكلنا إذا تم تخفيض عدد السكان، والمقصود هم سكان الدول الفقيرة والأقل دخلاً وغالبيتها في الشرق الأوسط وإفريقيا وأميركا اللاتينية، يعني بالعربي الفصيح، التصويب نحو المسلمين والعرب بالدرجة الأولى، وهذه الدعوات تزامنت مع تناقص المواليد في الصين واليابان وروسيا، وصارت تعرف بالمجتمعات الهرمة.
المعادلة التي يتم الترويج لها تقول إن احتياجات الغذاء والطاقة تهدد موارد الأرض ومناخه، وبالتالي لابد من طريقة تساعدنا في تخفيض عدد السكان، وليس هناك أفضل من إيجاد مناخات مواتية للترويج لفكرة «المؤامرة» للتخلص من الأعداد الزائدة.
عندما اشتدت جائحة كورونا وبدأت تحصد الضحايا كانت «المؤامرة» عنواناً لها، يوم تم ربط اللقاحات التي تنتجها شركات أدوية عملاقة، قيل إن بعض القادة والاقتصاديين يريدون تخفيض عدد الفقراء وسكان الدول المهمشة، وإن حكومات خفية تقف وراء المشروع وعلى رأسهم بيل غيتس وآخرون، انتهت موجة الوباء ولم يحدث شيء مما جرى التخويف به، وما إن تحدث كارثة طبيعية أو من صنع البشر حتى تخرج أصوات «المؤامرة» متهمين الغرب والكفار بأنهم وراءها.
سمعنا «بالمليار الذهبي» وتكررت الحكاية عدة مرات، أي أن المطلوب هو التخلص من المليارات السبعة، لبقاء المليار الذي سيتولى إعادة إحياء الأرض وفق قواعد جديدة، والمليار ليسوا كلهم من الأغنياء بل من المتعلمين وأصحاب الاختصاص والبقية يناط بهم أعمال خدمية؟
ما نشهده في العقود الأخيرة ما هو إلا نوع من التجارب لمشروع الشعاع الأزرق أو مشروع هارب أو تخليق بشر متوحشين، وهذا يقف وراءه حكومات خفية تدير العالم ومن بينهم الحركة الماسونية.
كل ما ذكرته سابقاً سأضعه في كفة وما قرأته في «الجريدة» مؤخراً في كفة أخرى، تقول دراسة بعنوان «نعمة السكان» إذا استثمر العالم أكثر في التنمية الاقتصادية والتعليم والصحة، فقد ينخفض عدد السكان إلى المستويات التي تمكن كل فرد على وجه الأرض أن يحصل بشكل مستدام على الطاقة النظيفة والمأوى والغذاء والماء، مما يعني نزع فتيل القنبلة.
تتوقع الدراسة «ستتحرر العديد من البلدان الأكثر فقراً في نهاية المطاف من براثن الفقر المدقع، ويبلغ عدد سكان العالم ذروته عند 8.8 مليارات نسمة في منتصف القرن قبل أن ينخفض إلى 7.3 مليارات عام 2100».
تتابع الدراسة: وهنا بيت القصيد عندما درسوا العلاقة بين السكان وحدود كوكب الأرض وجدوا، على عكس الأسطورة الشائعة، أن حجم السكان ليس هو السبب الرئيس في خرق البشرية لهذه الحدود، بل إن المشكلة الكبيرة تتمثل في مادة الكربون واستهلاك المحيط الحيوي وليس بالسكان، وأنه لو تم توزيع الموارد بشكل أكثر عدلاً لتمتع سكان العالم بظروف معيشية أفضل وبدون الحاجة إلى تغييرات في اتجاهات التنمية.
زبدة الكلام كما انتهت إليه الدراسة «الناس الأكثر ثراء على مستوى العالم هم من يقودوننا نحو الهاوية».