ارتفع منسوب التوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية، ولا يزال الاستنفار قائماً ويتزايد، في حين تسعى رسائل متبادلة يتم التداول بها عبر قنوات دبلوماسية متعددة إلى لجم أي تصعيد متوقع.
الخلاف القائم قابل للتزايد، خصوصاً مع إصرار «حزب الله» على تثبيت الخيمتين اللتين أقامهما خارج الخط الأزرق.
فيما عملت إسرائيل على إعلان ضم الغجر، علماً بأن لبنان يتمسك بمبدأ لبنانية الجزء الشمالي من الغجر، وسورية الجزء الآخر.
حتى الآن يرفض «حزب الله» قبول كل الوساطات التي تجرى معه لإزالة الخيم، أو لإعادتها ولو لأمتار قليلة إلى الخلف. في المقابل وردّاً على إعلان إسرائيل ضم الغجر، كشفت مصادر لـ «الجريدة» أن «حزب الله» أرسل رسالة تحذير واضحة بضرورة إعادة الوضع في الغجر إلى ما كان عليه قبل ضمها.
وتتضمن الرسالة تهديداً واضحاً بأنه في حال لم يتم العمل على إزالة التعدي الإسرائيلي والسماح للبنانيين بممارسة حياتهم بشكل طبيعي هناك، فإنه سيقدم على تنفيذ عملية عسكرية أو أمنية، لأنه لا يمكنه القبول بذلك، وهو يعتبر أن هذه أراضٍ لبنانية وجب تحريرها.
تحت سقف هذا التهديد تعمل جهات دولية متعددة سعياً لمعالجة الأزمة، لا سيما أن كل الأجواء الدولية تفيد بأنه لا رغبة في الحرب لدى أي طرف، في وقت يعتبر «حزب الله» أن إسرائيل أعجز من أن تقدم على أي خيار عسكري بسبب أزماتها الداخلية السياسية، وبسبب انشغالها بعمليات المقاومة في الداخل الفلسطيني، لا سيما أن الجزء الأكبر من القوة العسكرية الإسرائيلية موجود في الضفة وعلى حدود غزة، وبالتالي لا وجود لأي جاهزية إسرائيلية لخوض حرب، خصوصاً أن أي حرب مع الحزب ستكون مكلفة جداً ومخاطرها كبيرة.
ورغم هذه الأجواء، فإن الإعلام الإسرائيلي يكثر من التسريب حيال إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية على الجبهة الشمالية، إلا أن مصادر دبلوماسية تستبعد ذلك، وتفيد بأن كل الجهود الدولية تنصبّ على منع أي انفجار أو أي تصعيد.
في المقابل، فإن «حزب الله» يبدو مصراً على فرض وقائع جديدة يثبت من خلالها أن المناطق الواقعة خارج الخط الأزرق، أي خط الانسحاب عام 2000، هي أراض لبنانية، وهو ما يريد تثبيته قبل أي طرح لفكرة الترسيم البرّي.
مسألة الغجر والتطورات على طول الحدود الجنوبية، تفتح النقاش أمام مصير عملية الترسيم هناك، وكيفية التعاطي مع ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا خصوصاً أن لبنان يتمسك بلبنانيتها بخلاف الرواية الإسرائيلية التي عملت على ضمهما مع ضم الجولان.
في هذا السياق، فإن مفاوضات سابقة حصلت دولياً لإيجاد صيغة حلّ لمشكلة تلك المناطق والأراضي وكانت الفكرة تقوم على ايجاد حل لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا وهي منطقة تبلغ مساحتها 200 كلم مربع.
ويدور التفاوض حول انسحاب إسرائيل من مساحة 50 كلم مربع لمصلحة لبنان، و50 كلم مربع لمصلحة سورية، في مقابل 50 كلم لمصلحتها.
أما المساحة الباقية فتوضع تحت رعاية الأمم المتحدة وسيطرتها. لكن المسار طويل، ولا يعني بالضرورة الوصول إلى تسوية. وهو مسار يرتبط بملفات أوسع.