راوح الوضع في جنوب لبنان بين استمرار التوتر والتصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، وبين محاولات دولية ودبلوماسية للجم هذا التوتر، في وقت تتقدم وساطات الأميركيين والفرنسيين والأمم المتحدة في سبيل إعادة الهدوء من خلال اقتراحين، أولهما يقضي بانسحاب الحزب من الخيمتين داخل الخط الأزرق وإزالتهما، مقابل تراجع إسرائيل عن ضم الجزء الشمالي من بلدة الغجر، غير أن مصادر قريبة من الحزب تؤكد تمسكه بإبقاء الخيمتين.
أما الاقتراح الثاني فيتضمن تسليم الخيمتين للجيش اللبناني، مقابل إزالة إسرائيل للأسلاك الشائكة في «الغجر» وسيطرة قوات «اليونيفيل» على المنطقة.
وإلى جانب الاتصالات الدولية، شهدت الساحة اللبنانية تحركات متعددة أيضاً، إذ اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب مع قائد «اليونيفيل» أرولدو لازارو على رأس وفد، في السرايا. وقال بو حبيب: «تم بحث الأوضاع الأمنية بالجنوب، ونُقل لنا مطلب الإسرائيليين بإزالة الخيمة فكان ردنا بأننا نريدهم أن يتراجعوا من شمال الغجر التي تعد أرضاً لبنانية، ونحن من ناحيتنا سجلنا نحو 18 انتهاكاً إسرائيلياً للحدود». وعن القرار الأممي 1701 والتجديد لليونيفيل، ذكر: «سيتم بحث تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 20 الجاري، وسيتم في آخر أسبوع من أغسطس التجديد لليونيفيل، ولقد أبلغهم رئيس الحكومة أنني سأرسل الوفد اللبناني إلى نيويورك».
وفي خضم هذه المفاوضات، فإن رسائل «نارية» يتم تبادلها بين «حزب الله» والإسرائيليين في حال لم يتم الوصول إلى صيغة اتفاق تلجم التوتر في المنطقة، خصوصاً أن الإسرائيليين أعلنوا إجراء مناورات عسكرية في المنطقة، والحزب استنفر قواته أيضاً، وسط تسريبات تشير إلى احتمال وقوع نزاع أمني أو عسكري.
وفي حين يزعم الإعلام الإسرائيلي أن «حزب الله» يبدو جاهزاً للحرب، تشير مصادر لبنانية إلى أن المعركة المفتوحة أو المواجهة المباشرة مستبعدة، لكن في حال عدم الوصول إلى تفاهم قريب، فإن الحزب قد يلجأ إلى تصعيد لا يؤدي إلى انفجار المعركة، إنما لتثبيت وقائع جديدة ولتشكيل عناصر ضغط جديدة على الإسرائيليين لدفعهم إلى الانسحاب من الجزء الشمالي للغجر.
عملياً، تشبه هذه الوقائع مرحلة ما قبل الوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية قبل فترة. علماً أنه في تلك المفاوضات كان التفاوض يحصل بشكل مباشر مع الدولة اللبنانية، وحالياً فإن جانباً من المفاوضات يقوده «حزب الله»، في إطار تثبيت الوقائع بأنه المرجعية الأساسية في أي عملية لترسيم الحدود. ويستخدم الحزب التلويح بالتصعيد في محاكاة لعملية إرسال ثلاث طائرات مسيرة فوق حقل كاريش مما أعاد تفعيل التفاوض للوصول إلى حلّ في البحر. وبالتالي فإن هذه الوقائع قد تدفع في المرحلة المقبلة للوصول إلى تفاهم في البرّ لكنه سيكون بحاجة إلى وقت ومسار طويل من التفاوض، في وقت تشير بعض المصادر إلى إمكانية حصول دخول أميركي مباشر من خلال أحد الوسطاء للبحث في ترسيم الحدود البرية.