مع استمرار العديد من المحاولات للطعن على قرارات لجنة التأديب في هيئة أسواق المال والتشكيك في دستورية وحجّية وقانونية منح لجنة التأديب صلاحية عقاب المخالفين أو من ترصدهم الهيئة وتحيلهم إلى التأديب، وصلاحية وقفهم عن التعامل في أي ورقة مالية أو وقفهم لمدة محددة، لكون هذا الحق يمنح لجنة التأديب سلطة واسعة، وبذلك تهدر حق الملكية للأفراد، فإنّ المحكمة الدستورية، بعد نظر الطعن، رأت أن العقوبات المقررة بموجب النص المطعون فيه التي يكون لمجلس التأديب توقيعها في حال ثبوت المخالفة، ومنها وقف أي شخص عن التعامل في ورقة مالية، أو الوقف عن التعامل في البورصة لمدة محددة، إنما تقررت لحماية المجتمع من السلوك الضار بأمنه الاقتصادي، والذي يمثّل إحدى الركائز التي يحميها الدستور، ولمنع التلاعب بأسعار الأوراق المالية لحماية المتداولين حَسَني النية.
وبالتالي، فإن ما يصدره مجلس التأديب في هذا الشأن، إنما يخضع للرقابة القضائية للتحقق من مدى مشروعيتها، وما إذا كانت قائمة على أساس وأسباب تبررها من عدمه، وهو ما يعد ضمانة لعدم إساءة مجلس التأديب استعمال السلطة فيما يوقعه من عقوبات، وبالتالي لا يكون النص قد خالف مواد الدستور.
ومتى ما كان ذلك، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً ومتضمناً الرد الكافي على ما ساقه الطاعن في أسباب دفعه، وكافياً لحمل قضاء الحكم في هذا الشأن، ومن ثم فإنّ النعي على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس، الأمر الذي يتعيّن معه القضاء برفض الطعن على عدم دستورية لجنة التأديب وصلاحيتها، وخصوصاً المادة 5-12 بند 5 من الفصل الخامس بالكتاب الثالث من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لعام 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، وما تضمنته من إعطاء مجلس التأديب صلاحيات الوقف عن التعامل في الورقة المالية أو البورصة لمدة محددة.
وقالت مصادر قانونية معنيّة لـ «الجريدة»، إن الحكم جاء انتصاراً لسلامة تطبيق هيئة أسواق المال والتزامها بصحيح القانون، وتأكيداً لحيادية لجنة التأديب التي تعمل بمنتهى الاستقلالية، وتحصيناً لجزاءاتها، بمعزل عن أي تدخُّل أو إملاءات أو توجيهات، حيث تتم إحالة المخالفة واللجنة تنظرها باستقلالية تامة، ولها كامل الحرية في اتخاذ ما تراه مناسباً.
يُذكر أن اللجنة تكون برئاسة قاضٍ من قضاة الاستئناف القدامى في الترتيب وبخبرات متراكمة تربو على 30 عاماً من العمل في هذا السلك.
والأكثر من ذلك أن المحكمة أرست مبدأ قانونياً تاريخياً، وهو أن أي عقوبات توقّع بشأن التجاوزات الاقتصادية وسلامة التعامل في الأوراق المالية هي لحماية المجتمع والأمن الاقتصادي من أي سلوك ضارّ، وأنه لا تعارُض لذلك مع الدستور.
وكان أحد المخالفين الذين وقّعت عليهم الهيئة عقوبات بسبب تجاوزات ومخالفات قام بها، قد طعن على دستورية اللجنة وصلاحيتها الواسعة.