جوار السودان لمحاصرة الصراع... ودعوات للتفاوض والتحقيق
مع فشل اللجنة الرباعية لهيئة تنمية شرق إفريقيا (إيغاد) في جمع طرفَي النزاع بالسودان على طاولة التفاوض في إثيوبيا، تسعى دول جوار السودان بقيادة مصر لمحاصرة النزاع الآخذ في الاتساع وتسويته سلمياً مع لفت انتباه المجتمع الدولي إلى تداعيات الأزمة على هذه الدول.
وفي ظل تزايد الدعوات لإيجاد حلّ مع قرب إتمام الصراع على السلطة بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) شهره الثالث، توقّع خبراء أن تحقق «قمة دول جوار السودان»، التي دعت لها مصر وتستضيفها غداً تحقيق اختراق بسبب وجود اتصالات مباشرة بين هذه الدول وطرفي الأزمة.
وأعلنت الرئاسة المصرية، الأحد الماضي، أن القمة ستبحث سبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى.
وبعد فشل محاولات مماثلة خلال الأشهر الماضية، دعت «رباعية إيغاد»، أمس الأول، طرفي النزاع الى إبرام اتفاق «غير مشروط» لوقف إطلاق النار، مؤكدة أنها ستطلب من الاتحاد الإفريقي بحث إمكان نشر «القوة الاحتياطية» لشرق إفريقيا (إيساف) بهدف «حماية المدنيين»، وضمان وصول المساعدات.
وإضافة الى ذلك، طلب الرئيس الكيني وليام روتو «منطقة إنسانية بقُطر 30 كلم حول الخرطوم لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية»، التي يحتاج إليها أكثر من نصف سكان البلاد.
وقاطع الجيش هذا الاجتماع الذي استضافته أديس أبابا، مكررا مطالبته بتنحية كينيا عن رئاسة اللجنة، لاتهامها بـ «عدم الحياد» في النزاع.
وحذّر السفير الأميركي بالخرطوم جون غودفري من أن «انتصارا عسكريا لأي من الطرفين المتصارعين سيتسبب في كلفة بشرية غير مقبولة وضرر للسودان».
وأشار الدبلوماسي الذي غادر العاصمة السودانية مع بدء المعارك، حاله كحال غالبية الأجانب، في بيان، الى ضرورة «التوصل الى مخرج تفاوضي من الأزمة».
وأتت تصريحات غودفري قبيل لقاء مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية مولي في أديس أبابا أمس، مع مسؤولين سودانيين وإقليميين.
ولم تفلح مبادرات الوساطة، سواء كانت من «إيغاد» أو أخرى تقودها واشنطن والرياض، في إيجاد أرضية للتفاهم. وحذّرت الأمم المتحدة في نهاية الأسبوع المنصرم من أن السودان بات على شفير «حرب أهلية شاملة» ستطول تداعياتها كل المنطقة.
وأودى النزاع بأكثر من 2800 شخص ودفع أكثر من 2.8 مليون شخص للنزوح، لجأ أكثر من 600 ألف منهم إلى دول مجاورة أبرزها مصر وتشاد، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
ويعاني من بقي من السكان الذي كان عددهم الإجمالي يقدّر بنحو 45 مليوناً قبل بدء المعارك، نقص المواد الغذائية والخدمات ومصادر الطاقة، بينما تتوالى التقارير عن حالات نهب وعنف جنسي واحتدام الصراعات العرقية، خصوصاً في إقليم دارفور.
ويعيش موظفو السودان «أوضاعاً كارثية» مع توقّف الرواتب منذ بدء الحرب واستمرار غلق المصارف أبوابها وتعذّر التواصل بين فروعها في الولايات ومقارها المركزية في الخرطوم، خصوصا مع انقطاع خدمات الكهرباء والاتصالات وتواصل القصف والاشتباكات في المدينة.
وخلال الأسابيع الماضية، أدلى شهود في الخرطوم ودارفور بشهادات مروّعة عن انتهاكات، متهّمين على وجه الخصوص قوات الدعم ومجموعات عربية متحالفة معها، بالوقوف خلفها.
وأفادت منظمة هيومان رايتس، أمس، بأن «عدة آلاف من مقاتلي الدعم السريع» وحلفاء لها هاجموا أواخر مايو بلدة مستري بإقليم دارفور.
وأوضحت في تقرير مطوّل أن هؤلاء حاصروا البلدة «بدراجات نارية وخيول وشاحنات»، وأطلقوا النار على «الذين حاولوا الفرار ونهبوا «طول اليوم منازل السكان بما فيها من الماشية، والبذور، والأموال، والذهب، والهواتف، والأثاث، وأشعلوا النار فيها».
وأشارت الى أن القوات المهاجمة «أعدمت 28 فردا على الأقل من إثنية المساليت وقتلت وجرحت عشرات المدنيين»، وهي إحدى أبرز المجموعات العرقية غير العربية في غرب دارفور.