العلاقة العضوية بين أميركا وإسرائيل واضحة ومكشوفة ومعلنة، ولكن ما يحيرنا وما يجعلنا نتساءل عن سر العلاقة الغامضة بين النظام الإيراني والإدارة الأميركية وإسرائيل تحديدا، فكل التغييرات الدراماتيكية التي حصلت في منطقتنا صبت لصالحها وصالح إسرائيل، فهل هي محض مصادفة أم هي إسناد مهمة لتغيير واقع يؤرق المضاجع؟ فلابد أن هناك تحالفاً سرياً بين الغرب وإسرائيل من جهة والنظام الإيراني من جهة أخرى، رغم الحروب الإعلامية الطاحنة والتهويشات العسكرية الفارغة.

الرئيس بوش الابن فضح ذلك السر ردا على سؤال: لماذا سلمتم العراق لإيران الفارسية بعد احتلاله مع أنه عربي الهوية، مما أدى الى هذه الفوضى القائمة، ناهيك عن المآسي التي لن تنتهي إلا بعد خروج إيران من العراق وسورية؟ فرد: إيران قبلت التعاون مع أميركا وإسرائيل بشأن العراق، أما العرب فقد رفضوا ذلك، وأضاف موضحا: وما يبدو ظاهرا من خلافات بين إسرائيل وإيران غير صحيح، فالخلاف معها ينحصر حول المفاعلات النووية فقط، واتفاقنا المسبق معها كان بحضور الإسرائيليين.

Ad

فمنذ إسقاط نظام صدام حتى يومنا هذا كان واضحا أن كل الإجراءات الكارثية التي تمت على يد الدبلوماسي الأميركي بول بريمر بصفته الحاكم المدني للعراق، كتفكيك الجيش والشرطة ورجال الأمن، كانت لتفتح الباب للتغلغل الإيراني في جميع المفاصل العراقية.

وفعلا تمت السيطرة على البرلمان ومجلس الوزراء، وحتى تعيين رئيس الوزراء كان انصياعا للرغبات الإيرانية رغم عدم حصوله على الأغلبية البرلمانية، بعدها وفي عهد نوري مالكي تم إنشاء ما سمي «الحشد الشعبي»، وهي حشود حزبية طائفية تدين كلها بالولاء للنظام الإيراني، وتمول من أميركا حسب ما كشفه الكونغرس الأميركي.

أما مسرحية «داعش» فقد اعترفت هيلاري كلينتون بأن من أنشأ «داعش» هي المخابرات الأميركية لمصلحة ذلك التحالف السري الشيطاني ضد العرب، وهذا ما حصل فعليا، فبعد أن مُكِن «داعش» من احتلال الموصل بدأوا بتصفيات وحشية ضد العرب السنة تحديدا، وانطلقوا كالمسعورين ضد المناطق العربية السنية فقط، وقاموا بمذابح ضد كل من وقف ضد التغلغل الإيراني.

أثبت ولاء «داعش» لإيران والتحالف الشيطاني وكيل وزارة الخارجية الإيرانية، رسول موسوي، حين صرّح بكل وضوح قائلا: لا نستطيع أن نواجه طالبان، والحل هو أن نستخدم «داعش» لمواجهتهم، مما يعني أنهم على تواصل مع «داعش» في أي وقت يشاؤون ويحركونهم حيثما أرادوا.

التحالف الشيطاني جعل من العراق فناء خلفيا لإيران، وممولا رئيسا لها، وجعل من لبنان دويلة تابعة لها تماما لا يمكن له انتخاب رئيسه إلا بموافقتها، أما سورية فلها الله، فهي محتلة رسميا من إيران وأميركا وروسيا وتركيا بتواطؤ غربي إسرائيلي، حتى اليمن لم يسمح له حتى الآن أن يتصالح فيما بين أطرافه المتقاتلة إلا بموافقة إيرانية، والويل لمن يعارض أو ينقلب ضد أي رغبات إيرانية وإلا مصيره سيكون كمصير علي صالح الرئيس اليمني السابق.

الواضح أن لدى النظام الإيراني حظوة عند التحالف الغربي الإسرائيلي وصل الى حد الدَلال، فكل مطالبه في الدول العربية المحتلة استجيبت، ويبدو أن الدلع الإيراني وصل الى مداه، حتى أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حذّر الرئيس الفرنسي ماكرون من مغبة انتخاب رئيس لبناني معارض لما أسماها «جبهة المقاومة»، وطبعا انصاع التحالف الشيطاني للمطلب كما انصاع لجميع المطالب الإيرانية في العراق وسورية واليمن، فهذا النظام صنيع الغرب يعلم أنه مفتاح حماية إسرائيل والمصالح الغربية، وهو الشوكة الموجعة المؤلمة للعرب.

الجميع يعلم أن التهديد الإيراني الحقيقي ضد العرب لا ضد إسرائيل ومصالح الغرب، فكم من ناقلة نفط احتجزت أو هوجمت، وكم من تحرشات ضد الأسطول الأميركي وهجمات صاروخية من ميليشيات مارقة ضد القواعد الأميركية حصلت، ولم يحدث أي رد فعل معلن وقوي، مما يدفعنا أن نشك بأن كل ما يعلن عنه ما هو إلا مجرد «فبركات» يراد منا تصديقها.