«تنُّور» الانتخابات العراقية يفور بالأنبار وحفلة تقييد الحلبوسي بدأت
• «الإطار» يفعِّل «عقوبة مؤجلة» لتأديب الزعيم السُّني ومسعود بارزاني لتحالفهما مع الصدر
طريقة تعامل الجناح الشيعي المتشدد في العراق مع الزعامات السنية لا تتغير، رغم حصول استقرار نسبي في الاستقطاب الطائفي منذ انتهاء الحرب المكلفة عام 2017، على تنظيم «داعش» الذي دمّر أهم المدن ذات الأغلبية السنية، لكن بقي ثابتٌ أساسيٌّ تراجعه طهران مع حلفائها هو منع ظهور زعامات سُنية قوية، خصوصاً رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذي استطاع بمواهب سياسية مدعومة بفورة الشباب لديه، (مواليد 1982)، أن يهيمن على الجزء الأكبر بين جمهور غرب العراق وشماله الغربي.
ومنذ أكثر من أسبوع تنهمك حكومة محمد شياع السوداني وفصائل حليفة له، في إجراءات وقرارات تمس شخصيات مقربة من رئيس البرلمان، بإقالات واتهامات فساد وإجراءات أمنية وتحريك خصوم داخل محافظة الأنبار، معقله الأساسي، ما دفع أطرافاً سُنية إلى إطلاق جرس إنذار محذرة من تصعيد قد يمس أمن المحافظة الشاسعة الممتدة من تخوم بغداد حتى حدود سورية والأردن، مع بدء التحضير لأجواء التنافس في الانتخابات المحلية المقررة الشتاء المقبل.
وتقول مصادر مقربة من رئيس البرلمان إن «تنور الانتخابات» يفور في الأنبار، حيث يحاول السوداني الظهور كزعيم قوي في مكافحة الفساد، والتغلب على الخصوم، وتحجيم أي نفوذ قد يعوق خطط الجناح الشيعي المتشدد في فرض هيمنةٍ بدأت تتسع على كل مفاصل الدولة، إذ تُتخذ تغييرات متسارعة في عشرات المناصب التنفيذية كل يوم، ويجري عبرها استبعاد مختلف المنافسين المحتملين، خصوصاً المحسوبين على الحلبوسي، فضلاً عن المنتمين إلى تيار مقتدى الصدر المتواري عن الحياة السياسية.
ولذلك تفترض الأوساط السياسية في بغداد، أن الأمر لا يقتصر على تقييد الزعامات السُّنية البارزة، فهناك محاولة واضحة لتحجيم قوة الزعيم الكردي مسعود بارزاني، الموصوف بأنه آخر نقطة لممانعة نفوذ إيران في العراق، إذ جرى نقض اتفاقات سياسية كبيرة معه تخص قضايا مالية ونفطية وإدارية تمس الوضع الدستوري الفدرالي لإقليم كردستان.
وتعلق الأوساط السياسية أن ما يجري مع بارزاني والحلبوسي، يمثل «عقوبة مؤجلة» لتحالفهما، الصيف الماضي، مع زعيم التيار الصدري، الذي أراد تشكيل كتلة نيابية كبرى عابرة للتقسيمات الطائفية، وانتهى به المطاف إلى الانسحاب من البرلمان واعتزال السياسة بنحو شبه كلي.
ولا يُعرَف ما إذا كان حلفاء غير مباشرين للصدر قد يشاركون في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، لكن من المؤكد أن الفصائل الحليفة لإيران والمنخرطة فيما يُعرَف بـ «الإطار التنسيقي»، لن تتهاون مع خصومها، سواء الصدر أو التيار العلماني واليسار، فضلاً عن الحلبوسي، الذي يُجرى تدريجياً دعمٌ معلنٌ لخصومه، بمَنْ فيهم شخصيات سنية كانت منبوذة من طهران، ثم أُعيد الاعتبار لها، وأُعيد تأهيلها لمواجهة نفوذ رئيس البرلمان المتصاعد.