أكد تقرير مركز الشال أن سيل المشروعات الشعبوية، الذي انفلت مؤخراً في مزايدة لتقريب آجال الكارثة المالية والوظيفية، وأبرز أمثلته بيع إجازات الموظفين في بلد تتخطى فيه بطالة القطاع العام المقنعة 50 في المئة، وإنتاجيته هي الأدنى مقارنة بدول الجوار، يمثل حراجاً لتسريع اقتسام ثروة البلد بدلاً من تنميته.

وقال التقرير إن عدم أخذ العامل إجازته يخالف أبسط قواعد العمل، حيث إن الإجازة ضرورة اجتماعية وصحية للارتقاء بإنتاجية العامل، لافتاً إلى أن النتيجة الحتمية لهذا الحراج الذي «يناقض دروس الماضي القريب» هي البطالة الشبابية السافرة التي سيكشف خطورتها أول انخفاض في أسعار النفط وإنتاجه.

Ad


وأضاف أن هناك انفلاتاً آخر في منح مكافأة الصفوف الأمامية إبان جائحة «كورونا» لنحو ثلثي موظفي القطاع العام في زمن كان فيه الحد الأقصى لحضور الموظف بمكان عمله 30 في المئة من الإجمالي، فضلاً عن الدعوات لمنح كوادر وزيادات وإسقاط القروض، معتبراً أن في ذلك قتلاً لإمكانات القطاع الخاص ومنافسته للعام في خلق فرص العمل للمواطنين.

وأشار إلى أن كل المطلوب هو عمل إسقاط في غاية البساطة على مستقبل سوق العمل للمواطنين واحتياجاته الضرورية، عند مستويات مختلفة من أسعار وإنتاج النفط، ثم إدخال بعض العوامل عليها، مثل معدلات التضخم، وعندئذ «سوف يكتشف الجميع حجم القنبلة التي نساهم في غرسها في جسد البلد».

وشدد التقرير على ضرورة مراجعة ملفات الفساد وتقديم الفاسدين مثالاً لردع غيرهم، داعياً إلى خفض الهدر في بنود الإنفاق العام للمساهمة في شراء بعض الوقت حتى يصبح للبلد مشروع اقتصادي حقيقي لتنويع مصادر الدخل.

إلى ذلك، تعكف الحكومة حالياً على إعداد دراسة خاصة بالمتقاعدين، لاسيما أصحاب المعاشات الأقل من ألف دينار؛ تحقيقاً للعدالة واستدامة الرفاهية، إذ أعلن وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية عبدالوهاب الرشيد أن هناك استراتيجية جديدة سيتضمنها برنامج عمل الحكومة لدعمهم، ورفع المستوى المعيشي للمواطنين.

وصرح الرشيد، أمس، بأن الحكومة حققت مكسباً كبيراً بعد إقرار قانون تغطية العجز الاكتواري لمؤسسة التأمينات الاجتماعية من أراض في أملاك الدولة، وهو ما سيساعدها على تقديم خدمات أكثر للمتقاعدين، مستدركاً بأن موضوع من تقل رواتبهم منهم عن ألف دينار من الأمور المستحقة جداً، وعليه سيكون هناك مسطرة عدالة ينبغي سريانها على الجميع، خصوصاً المحتاجين الذين يمرون بظروف معيشية صعبة.

وأضاف: «لدينا العديد من الخيارات لمعالجة تلك الأوضاع»، مؤكداً أن الحكومة تملك الرغبة في ذلك لاسيما في برنامج عملها، «الذي سينعكس خلاله استراتيجية لدعم المتقاعدين بما يحقق الاستدامة لمؤسسة التأمينات».

وتابع: «تعهدنا كحكومة، ولدينا نوايا وتوجهات كثيرة لدراسة الأوضاع المعيشية للمواطنين عموماً، والمحتاجين خصوصاً، واليوم نتحدث عن معالجة التضخم، والمسؤولية الاجتماعية للحكومة ورفاهية المواطن، ولذلك لابد أن نوازن بين كل الأطراف».

.

وفي تفاصيل الخبر:

أفاد التقرير الأسبوعي لمركز «الشال» بأن الكتلة الشبابية عددها 779 ألف نسمة، وهم المواطنون بعمر 24 سنة وما دون، وهذا ما تم ذكره في تقرير الأسبوع الفائت، إذ تعتبر تلك الكتلة ضحية ثالوث الفساد والهدر والمشروعات الشعبوية، وأخيراً انفلت سيل المشروعات الشعبوية، في مزايدة لتقريب آجال الكارثة المالية والوظيفية.

ومثال لذلك بيع الإجازات في بلد تبلغ فيه بطالة القطاع العام المقنّعة أكثر من 50 بالمئة، وإنتاجية القطاع هي الأدنى مقارنة بدول الجوار الجغرافي، وعدم أخذ العامل لإجازة مخالفة لأبسط قواعد العمل، وهي أن الإجازة ضرورة اجتماعية وصحية وارتقاء بإنتاجية العامل.

وانفلات آخر في منح مكافأة الصفوف الأمامية إبان الجائحة لنحو ثلثَي موظفي القطاع العام في زمن كان فيه الحد الأقصى لوجود الموظف في مكان عمله هو 30 بالمئة من الإجمالي، ودعوات لمنح كوادر ومنح زيادات وإسقاط القروض، وفي ذلك قتل لإمكانات قيام القطاع الخاص بمنافسة «العام» في خلق فرص عمل مواطنة، ومن مؤشراته انخفاض عدد العاملين في القطاع الخاص إلى 72 ألف مواطن في يونيو 2022، بعد أن كان العدد 73 ألف مواطن في يونيو 2021، أي هجرة عكسية.

إنه حراج لتسريع اقتسام ثروة البلد، بدلاً من تنميتها، لا يتحمل فيه المزايد فلساً واحداً، وهو حراج نتيجته الحتمية بطالة شبابية سافرة سيكشف خطورتها أول انخفاض في أسعار وإنتاج النفط، وفي الشهر الحالي فقدت الكويت 135 ألف برميل نفط يومياً من حصة إنتاجها، وفقاً لقرار تخفيض «أوبك+» إنتاجها بمليونَي برميل يومياً.

والحراج نقيض لدروس الماضي القريب، وهو ما حدث في صيف 2020 من خوف من العجز في الإيفاء بأهم ضرورات الإنسان، أو أجره، وذلك ما سيتكرر في المستقبل القريب، ولعل النائب

عبدالوهاب العيسى قد وعى ذلك، فقد قدّم أسئلة مستحقة حول المستقبل المجهول لوزير المالية، وما على بقية النواب سوى انتظار الردّ الرسمي على أسئلته لمعرفة مستقبل بطالة الشباب المواطن، ذلك غير تعليمهم وسكنهم وصحتهم، وكلها سوف تصبح في مهب الريح.

كل المطلوب هو عمل إسقاط في غاية البساطة على مستقبل سوق العمل المواطن والاحتياجات الضرورية الأخرى له، عند مستويات مختلفة من أسعار وإنتاج النفط، ثم إدخال بعض العوامل عليها، مثل معدلات التضخم، والأرقام لا تكذب، وسيكتشف الجميع حجم القنبلة التي نسهم في غرسها بجسد البلد.

نحن نفترض حُسن النية في معظم المتقدمين بتلك المطالبات الشعبوية، لذلك لا يزال الأمل كبيراً في تغيير المواقف بعد الاطلاع على نتائج تلك الإسقاطات، وبالتزامن معها، لا بدّ من مراجعة ملفات الفساد وتقديم الفاسدين مثالاً لردع غيرهم، كما في بنود الإنفاق العام نسبة مرتفعة من الهدر، وخفضها يسهم في شراء بعض الوقت حتى يصبح للبلد مشروع اقتصادي حقيقي لتنويع مصادر الدخل، ومعه تنويع مصادر خلق فرص العمل المواطنة المستدامة.