«جوار السودان» يطرح مبادرة للحل... ومحاولات لجمع الجنرالين البرهان وحميدتي
• الأمم المتحدة تكتشف مقبرة جماعية في دارفور... والقتال يتواصل بالخرطوم
• السيسي وآبي أحمد يتفقان على إنهاء أزمة سد النهضة خلال 4 أشهر
على وقع استمرار تعثر الوساطات الدولية والإقليمية، اتفق قادة دول جوار السودان السبعة في القاهرة أمس على تشكيل آلية وزارية تضع خريطة طريق للوصول إلى حل للأزمة، تستضيف اجتماعها الأول دولة تشاد.
وعشية اتمام الاقتتال الدامي بين الجيش السوداني بقيادة رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه محمد حمدان حميدتي، شهره الثالث، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاح الاجتماع، إن «قمة دول جوار السودان تنعقد في لحظة تاريخية فارقة»، داعياً إلى توحيد رؤاها بشأن الأزمة.
وأضاف السيسي أن القاهرة «ستسعى بالتعاون مع كل الأطراف إلى وقف النزيف السوداني»، داعياً الأشقاء في السودان إلى إعلاء المصلحة الوطنية والحفاظ على سيادة بلدهم بعيداً عن التدخلات الخارجية.
ومع استمرار تعثر المساعي الدولية والإقليمية وأبرزها المسار السعودي ــ الأميركي المشترك ووساطة منظمة «إيغاد» الإفريقية، طرح السيسي، رؤية مصرية من 4 بنود لإنهاء الأزمة، تتمثل في وقف التصعيد وبدء مفاوضات لوقف دائم لإطلاق النار وتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، خصوصاً للمناطق الأكثر احتياجاً، وإطلاق حوار جامع يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، إلى جانب تشكيل آلية اتصال منبثقة عن المؤتمر لوضع خطة تنفيذية لحل الأزمة.
وذكّر بأن «مصر بادرت باستقبال مئات الآلاف من السودانيين إضافة إلى ما يقرب من 5 ملايين آخرين يعيشون فيها منذ سنوات»، مطالباً كل أطراف المجتمع الدولي بالوفاء بتعهداتها بدعم دول الجوار من جراء الأزمة التي تسببت في نزوح نحو 3 ملايين سوداني.
ووسط آمال بإمكانية تحقيق اختراق على طريق جمع طرفي النزاع البرهان وحميدتي، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى «وقف فوري ومستدام للقتال وحل النزاع بأسرع وقت لأن تداعياته كبيرة على المنطقة».
بدوره، أكد أمين الجامعة العربية، أحمد أبوالغيط ضرورة الحفاظ على مؤسسات السودان ومنع انهيارها ورفض أي تدخل خارجي، لافتاً إلى ضرورة دعم مسار جدة لحل الصراع.
وفي حين شدد الرئيس الإريتري أسياس أفورقي على ضرورة احترام استقلال السودان وسيادته ومنع التدخلات الخارجية، حذر رئيس جنوب السودان سلفاكير طرفي النزاع من تداعيات الحرب على بلدهم والمنطقة.
أما رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فاوستين تواديرا، فأعرب عن قلقه من تداعيات تتجاوز قدرات منطقتنا لا سيما على صعيد انتشار تجارة الأسلحة الخفيفة، في وقت جدد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، عرض طرابلس للمساهمة في إنهاء النزاع.
وأكد البيان الختامي للقمة ضرورة حماية الدولة السودانية ومؤسساتها، معرباً عن قلقه البالغ من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل حاد واستمرار العمليات العسكرية في البلاد.
جاء ذلك في وقت تواصلت المعارك في الخرطوم، في حين أفاد مكتب الأمم المتحدة باكتشاف مقبرة جماعية لنحو 87 من عرقية المساليت بغرب إقليم دارفور وتحدث عن أدلة على ارتكاب عناصر في «الدعم السريع» للجريمة.
من جانب آخر، قال بيان مشترك إن الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإثيوبي اتفقا على بدء مباحثات عاجلة للتوصل إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان حول قواعد ملء سد النهضة الإثيوبي وتشغيله، مضيفاً أن الزعيمين سيبذلان كل الجهود اللازمة للانتهاء من الاتفاق في غضون أربعة أشهر.
وفي تفاصيل الخبر:
على وقع تجدد الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، التي اقتربت من إتمام شهرها الثالث، في العاصمة الخرطوم، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، عقدت في العاصمة المصرية القاهرة، اليوم، قمة قادة دول جوار السودان السبع، لتسوية النزاع سلمياً، بحضور مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، حيث اتفق المجتمعون على تشكيل لجنة من وزراء خارجية دول الجوار لوضع خريطة حلول لوقف القتال وبدء حوار بين طرفي النزاع.
وقال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، خلال كلمته الافتتاحية، إن القمة «تنعقد في لحظة تاريخية فارقة»، داعياً إلى «توحيد رؤى دول الجوار بشأن الأزمة». وأكد أن القاهرة «ستسعى بالتعاون مع كل الأطراف إلى وقف نزيف الدم».
وبينما دعا السيسي إلى «مفاوضات جادة تسهم في وقف فوري ومستدام لإطلاق النار»، معتبراً أنه «يجب إطلاق حوار وطني جامع يهدف إلى الوصول لحل سياسي»، شدد على أن السودان «يمر بأزمة عميقة لها تداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم»، محذرا من «تداعيات كارثية».
ووجه الرئيس المصري، كلمة للشعب السوداني قائلاً: «إن مشاهد الخراب والدمار والقتل التي نطالعها تدمي كل قلوب المصريين، ونتألم وندعو الله العلي القدير أن يزيل هذه المحنة في أسرع وقت»، مضيفاً: «من هذا المنطلق أؤكد ضرورة إعلاء كل الأشقاء في السودان للمصلحة العليا، والعمل على الحفاظ على وحدة وسيادة السودان بعيدا عن التدخلات الخارجية التي تسعى لتحقيق مصالح ضيقة».
الرئيس المصري يبحث مع رئيس الوزراء الإثيوبي ملف سد النهضة
وخلال كلمته طرح السيسي، رؤية مصرية من 4 نقاط لإنهاء الأزمة، موضحاً أن «العنصر الأول يتمثل في مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء في مفاوضات جادة للتوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار».
وتابع: «العنصر الثاني يتمثل في مطالبة كل الأطراف بتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية خاصة للمناطق الأكثر احتياجاً، ووضع آليات تكفل الحماية اللازمة للقوافل وموظفي الإغاثة»، مبيناً أن «العنصر الثالث يرتبط بإطلاق حوار جامع للأطراف، يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبي طموحات الشعب السوداني في الأمان والرخاء والاستقرار والديموقراطية»، مضيفاً أن «العنصر الأخير يتمثل في تشكيل آلية اتصال منبثقة عن المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية تهدف للتوصل إلى حل شامل للأزمة».
وذكر السيسي أن بلده «بادرت باستقبال مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين الذين انضموا إلى ما يقرب من 5 ملايين مواطن سوداني يعيشون في مصر منذ سنوات عدة»، وطالب كل أطراف المجتمع الدولي بالوفاء بتعهداتها من خلال دعم دول جوار السودان الأكثر تضرراً من تبعات الأزمة التي تسببت في نزوح 3 ملايين شخص.
منع الانهيار
بدوره، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، إلى الحفاظ على مؤسسات السودان ومنع انهيارها ورفض أي تدخل خارجي، مضيفاً أنه يجب دعم مسار جدة لحل الصراع.
وخلال كلمته أمام القمة، طالب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد بـ«وقف فوري ومستدام للقتال بالسودان وحل النزاع بأسرع وقت ممكن لأن تداعياته كبيرة على المنطقة».
من جهته، وجه رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، الشكر لنظيره المصري على تنظيم القمة، مشيرا إلى أن إنهاء الصراع الذي اندلع في السودان، 15 أبريل الماضي، تعمل عليه منظمة «إيغاد» وكذلك الاتحاد الإفريقي بهدف وقف تأثيراتها على دول الجوار.
بدوره، شدد الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي على ضرورة احترام استقلال وسيادة السودان، ومنع التدخلات الخارجية، لافتا إلى أن «الشعب السوداني ستكون له الكلمة الأخيرة في حل الأزمة»، أما رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فاوستين تواديرا، فأعرب عن قلقه من تداعيات الحرب التي قال إنها «تتجاوز قدرات منطقتنا لا سيما على صعيد انتشار تجارة الأسلحة الخفيفة»، داعياً إلى الحوار بين جميع الأطراف وإعطاء فرصة للسلام.
من جهته، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، إن «الصراع في السودان له آثار أمنية واقتصادية إنسانية بالغة الصعوبة تجاوزت حدود البلد الجار».
وأشار المنفي إلى أن ليبيا «عبرت منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب الموجعة، عن الاستعداد للانخراط والمساهمة بفاعلية في جهود إقليمية ودولية لوقف الحرب». ويجاور السودان 7 دول، هي مصر وليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، كما أن للسودان حدودا بحرية مع السعودية.
البيان الختامي
وفي ختام القمة أكد المجتمعون في بيان مشترك على ضرورة حماية الدولة السودانية ومؤسساتها. وأعرب البيان الختامي عن قلقه البالغ من تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد.
ودعا البيان إلى الاحترام الكامل لسيادة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه، واعتبار النزاع الحالي شأناً داخلياً، مؤكداً على إطلاق حوار جامع يلبي تطلعات الشعب السوداني، وتشكيل آلية وزارية بشأن الأزمة يكون اجتماعها الأول في دولة تشاد.
وأعرب المشاركون عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد في الوضع الأمني والإنساني.
مقبرة دارفور
وفي وقت يأتي اجتماع القاهرة وسط تحذيرات أممية من انزلاق السودان إلى واحدة من أسوأ الحروب الأهلية على الاطلاق، أعلن مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أنه تم العثور على جثامين 87 من عرقية المساليت، في مقبرة جماعية بغرب دارفور في السودان. وأضاف أن لديه «معلومات جديرة بالثقة أن قوات الدعم السريع وحلفاءها قتلت المدفونين في المقبرة الجماعية».
في سياق آخر، ناقش الرئيس المصري مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، سبل تسوية الأزمة في السودان، وتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وإثيوبيا، وقضية سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل خلال لقاء ثنائي قبيل انعقاد قمة القاهرة.