قيل: «حنين الرجل إلى المرأة حنين الشيء لنفسه، وحنين المرأة إلى الرجل حنين الشيء لوطنه». (ابن عربي)
أكثر مشاكلنا سببها عدم فهم احتياجات بعضنا بعضا، يرى الرجل احتياجات المرأة اندفاعاً وربما دلعاً مبالغاً فيه، وترى المرأة احتياجات الرجل طيشا لا ركود فيه!
لم يكتفِ الرجالُ بنشر فكرة أن النساء كائنات معقدة، بعقولٍ عسرة، حتى أنهم ألفوا كتباً «كيفية فهم المرأة»، بل جاز لهم تعبير أن المرأة ناقصة عقل ودين، ليتحججوا بها كلما خانتهم أرجلهم عن الصراط المستقيم.
الحقيقة هي أن المرأة ليست كما تعتقدون، الأنثى لا تبحث عن رجل وسيم، ولا مالٍ كثير ولا فيلا ولا قصر! ولا تبحث أيضا عن الحب رغم أنها عاطفية كما تزعمون وتؤكدون! المرأة تريد الأمان، ولا شيء غير الأمان الذي يجعلها تعيش حياتها باستقرار، الأمان هو الوطن الذي تدفعه فطرتها لتفر إليه بكل ما أوتيت به من عزم وقوة، لتصدم بواقع وحشي لا يتناسب وآمالها، فتجد نفسها بزاوية معتمة مليئة بكل شيء عدا الدفء الذي يحميها من الظلام!
الأمان الذي تبحث عنه يا رجال ليست كلمة «أحبك» مكررة، ولا وردة حمراء ولا استذكار أعياد الميلاد والمناسبات كما تظنون، فهي ليست بهذه السطحية ولا بهذه الصورة النمطية السائدة، فعلى الرجل أن يتعامل معها بذوق عال، وأسلوبٍ بسيط جداً، الاحتواء والاهتمام هو أقصى احتياجاتها، المرأة تبحث عن السند والصديق والأخ والأب، تريد الذي يفهمها ويؤانسها، ويدلل روحها، تريد الذي يشعرها بكينونتها وأنوثتها.
وأكثر ما يغضبها وينفرها الإهمال والانشغال عنها، ما إن تشعر أن وجودها مجرد وسيلة أو حاجة لاستكمال سنة الحياة حتى تنفر تدريجياً لتصبح بليدة المشاعر، وما من قوة قادرة على أن تُرجع دفء الحب في قلبها إن نفرت! وكما أوصى جلال الدين الرومي: «للمرأة حضور خفّي لا يراه ويهتدي به إلا رجل متفتح عارف».
عزيزي الرجل: كن حاضراً دوماً ومستمعاً جيداً لأمك، وأختك، وزوجتك وبناتك، وتذكر أن زوجتك تريد بيتا يملأه الحب والسكينة والطمأنينة، وتحتاج وجودك في كل وقت سواء في الأزمات التي تمر بها، أو في وضعها البيولوجي، أو في يومياتها، فهي تعشق من يحترم عقلها وكيانها. باختصار، كن موجودا تكن لك كل الوجود!